أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم خسارة طريق الامداد لحزبه عبر سوريا، إلا أنه في الوقت نفسه أشار الى البحث عن طرق أخرى، وبالتالي يدور التساؤل في حال أراد الحزب الاستمرار في تسلحه، بل اعادة هذا التسلح، كيف يمكن لايران تحقيق ذلك؟
وفق تقدير مراكز الأبحاث والخبراء، فإن إمداد ايران “حزب الله” بالسلاح تعرض لنكسة كبيرة بعد سقوط النظام في سوريا، إلا أن هذا لا يعني أن السبل تقطعت أمام طهران، فهناك طرق عدة قد تعتمدها لتوفير الدعم العسكري للحزب، على الرغم من تعقيداتها وخطورتها.
البحر، قد تلجأ إيران إلى تهريب الأسلحة عبر السفن أو الزوارق السريعة، بحيث يمكن تفريغ الشحنات في موانئ صغيرة أو شواطئ في لبنان أو حتى مناطق قريبة يمكن لـ”حزب الله” الوصول إليها. وقد تقدم ايران أيضاً على استخدام ناقلات مدنية أو شحنات مموهة لتجنب الكشف، أو قد تلجأ إلى المسيرات البحرية (USVs)، التي يشكل اكتشافها تحدياً حتى لأقوى الأساطيل البحرية.
خيار آخر قد تلجأ إليه إيران، هو تهريب الأسلحة عبر مطارات خاضعة لها أو حليفة، وتنقلها إلى لبنان، عبر المطار، علماً أن المطار في لبنان يخضع لرقابة مكثفة بعد حرب الإسناد، من ضمن تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن التهريب لا يزال ممكناً، عبر أساليب ملتوية، حتى في مطارات دول كبرى، التي تكتشف طرق تهريب متطورة. وكذلك تمتلك إيران مسيرات جوية يمكنها أن تصل لبنان بسهولة، وقد تستعملها لنقل السلاح، إلا أن الطريقتين تشكلان تحدياً كبيراً، إن كان من حيث الكلفة، أو من حيث نوعية السلاح الذي يمكن أن يهرب، اذ ستشكل الأسلحة الثقيلة تحدياً لهذا الطريق.
وعلى الرغم من سقوط نظام الأسد في سوريا، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن طرق الامداد البري كلها تقطعت، بحيث لا يزال الوضع فوضوياً في البلاد، ويمكن لطهران استغلال هذه الفوضى التي من المتوقع استمرارها لفترة ليست قليلة، وتنقل السلاح عبر جماعات وفصائل معينة، قد تقدم لها دعماً مالياً أو عسكرياً أو اغراءات معينة، ويكون تعاملها معها وفق المصلحة، أو تتعامل معها عبر طرف ثالث، كون ايران ليست محبوبة بين الجماعات في سوريا.
وهناك خيار قد تجد إيران نفسها مضطرة الى استخدامه، هو إعطاء “حزب الله” القدرة التصنيعية، عبر نقل المعرفة الفنية، والمواد الخام، كي ينتج الأسلحة محلياً، وتحديداً الصواريخ الدقيقة والمسيرات، ما من شأنه أن يقلل من الحاجة إلى نقل الأسلحة وتهريبها.
تجدر الاشارة الى أن شبكات التهريب في العالم تتفنن في إيجاد طرق جديدة لتهرب المخدرات والسلاح والمواد الممنوع نقلها حول العالم، وبالتالي قد تبدأ طهران بتقليدها من أجل إيصال السلاح الى “حزب الله” في لبنان.
ولكن لا بد من أن نذكر، أن كل الخيارات الممكنة، تنطوي على مخاطر كبيرة، لا سيما مع الرقابة المكثفة، الجوية والبرية والبحرية، التي تفرضها اسرائيل والولايات المتحدة على لبنان و”حزب الله”، عدا عن أن بعض هذه الخيارات مكلف جداً لطهران، التي كان الطريق الأسهل والأكثر أماناً والأقل كلفة هو عبر سوريا.
يبقى أن الموضوع رهن الارادة الايرانية وإن كانت بعد هذه الضربات القاسية ستقلص من نفوذها في المنطقة، أم ستعمل على إعادة نشر هذا النفوذ وتقوم باعادة بناء ما خسرته، مهما كلفها الأمر.