ظهر القيادي الفلسطيني محمد دحلان تكراراً على وسائل إعلام غربية وعربية مؤخراً مع تصاعد تداول اسمه كمرشّح لتولّي دور قيادي في المرحلة المقبلة. فرصه لا تزال محدودة في ظل إرثه السياسي والأمني المثقل بالفساد والتقلبات والذي من الصعب تجاوزه رغم الدعم الإماراتي له. لكن هل تساعده الظروف “أخيرًا” في الخروج من عتمة الكواليس؟

عاد اسم المسؤول الفلسطيني البارز محمد دحلان إلى الواجهة مجدّداً، كاحتمال لقيادة غزة في مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع. دحلان، مستشار محمد بن زايد وصديقه في جولات منتصف الليل في أبو ظبي بالسيارات الفاخرة وعلى وقع أغانٍ عربية، بحسب قوله عام 2020.

يتوارى دحلان عن الأنظار بين حينٍ وآخر ولكنّه لا يختفي، فسرعان ما تقوده حنكته السياسية الى استراق أي فرصة متاحة أو تغيّر ملموس وطرح نفسه مجدداً كمرشح محتمل، مستعرضاً خبرته التي تمتد لـ 40 عاماً في الشأن الفلسطيني.

حضور دحلان حاد النبرة في هذه الفترة ضدّ المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، يقابله موقف ضعيف للإمارات العربية المتحدة مقارنة بدول عربية أخرى، كالأردن ومصر وقطر. فالإمارات تحافظ على علاقاتها بإسرائيل بينما دحلان، مستشار محمد بن زايد، يعوّض ذلك ويصعّد انتقاده ضدّ الانتهاكات الإسرائيلية لتلميع صورته أمام الفلسطينيين، وطرح نفسه كشخصية قيادية قادرة على لعب دور سياسي و/أو أمني في المرحلة المقبلة. يأتي ذلك كامتداد لطموح سياسي لطالما رافق دحلان منذ بداية مسيرته السياسية في الثمانينات. فما سر تبادل الأدوار بين دحلان والإمارات؟ وهل لدحلان حظوظ حقيقية في تحقيق طموحه السياسي؟

لماذا دمجت الرياض القمّتين العربية والإسلامية؟


تتردّد معلومات من مصادر موثوقة، تحدّثت لموقع “درج” بشرط عدم الكشف عن هويتها، عن سبب دمج القمّتين العربية والإسلامية في الرياض. فبينما دعت الرياض إلى قمتين مختلفتين، قرّرت دمجهما لاحقاً لإرضاء الجانبين الأردني والإماراتي.

وبينما أصرّ الأردن على أنّ يتناول بيان القمة العربية الختامي جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بشكل صريح، اعترضت الإمارات على هذا الطرح، فما كان من السعودية إلّا أن دمجت القمتين لتأمين ذريعة تجنّب استخدام عبارة جرائم حرب في البيان الختامي، إذ  إن لدى عدد من الدول الإسلامية مصالح اقتصادية مشتركة مع إسرائيل.

لكن على المقلب الآخر، نجد محمد دحلان، القيادي الفلسطيني المقرّب من محمد بن زايد، والذي يتّخذ من الإمارات ملجأ له، ينشط في إعطاء المقابلات للإعلام الغربي والعربي، بدايةً من t التي شهدت مقابلته الأولى بعد عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، مروراً  بقناة “روسيا اليوم”، وطبعاً قناة “الغد” التابعة له، وغيرها من المنصّات.

يطرح ما سبق، علامات استفهام على تبادل الأدوار الذي تلعبه الإمارات ومستشارها دحلان في هذه المرحلة. فبينما تحافظ الإمارات على علاقتها بإسرائيل، يخلق دحلان من نفسه حالة مختلفة ومستقلة عن الموقف الإماراتي، فلا يوفّر منصّة أو مقابلة ليدافع فيها عن القضية الفلسطينية ويستنكر المجازر الإسرائيلية بحق أهل غزة، “لن يفعل بن زايد أي شيء في ما يتعلق بالفلسطينيين من دون الرجوع إلى دحلان”، يذكر

ما جديّة حظوظ دحلان؟

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، ذكرت الصحف الإسرائيلية اسم دحلان مرات عدّة، من أهمها مقال في “يسرائيل هيوم” بعنوان نُشر في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر. يذكر المقال أنّ قياديين كباراً في حركة فتح يعارضون عباس، يخططون لقيادة قطاع غزة من دونه، منهم دحلان. التقى اثنان من ممثلي دحلان، سمير المشهراوي وماجد أبو شمالة، مع مدير المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في القاهرة، في في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.

أثار هذا الاجتماع التساؤلات، ومن بين أحد الاحتمالات، بحسب المقال، أنّ دحلان سيصبح “حاكم القطاع”، وسيكون مسؤولًا عن إعادة إعماره. “نشأ دحلان في غزة ويعرف كيف يتحدث إلى الفلسطينيين، لديه اتصالات جيدة وتأثير على الأرض، وبنى أيضاً دعماً في أماكن مختلفة في الضفة الغربية وفي مخيمات اللاجئين فيها”، وفقاً.كما ذكر مصدر أردني لموقع “درج”، أنّ الإسرائيليين يريدون وصول دحلان ويرفضون احتمال مروان البرغوثي.

يقول جوزيف باحوط، مدير معهد الشؤون العامة والدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، لموقع “درج”، “كيفما انتهت الحرب، ستكون هناك ضرورة لإعادة تكوين المشهد الفلسطيني، فهناك حاجة عربية وأميركية وإسرائيلية وفلسطينية… الى نوع من المرحلة الانتقالية مع وجوه عدة أو إدارة جماعية يكون فيها جناح أمني، جناح تكنوقراطي مالي، جناح فلسطيني قديم يتمثل بمنظمة التحرير”، مضيفًا، “قد يتم دمج ما يتبقى من حماس مع منظّمة التحرير أو مع لاعب فلسطيني جديد لتتولى شأن غزة والمفاوضات وربما خلافة محمود عباس بالطريقة التي تكون مقبولة للجهات كافة”.

أمّا بالإشارة إلى دحلان، فقال باحوط:  أن المعركة لم تنته والناس بدأوا يطرحون أنفسهم… اللافت، أن (دحلان)، لأنه محنّك وذكي ويعترف بضرورة تمثيل حماس، يعرف أنّه ستكون هناك نقطة وسط لإعادة الترتيب”.

“اسم دحلان قد يكون مطروحاً ليتولى الجزء الأمني”، إلّا أنّ باحوط يعتقد أن حظوظ دحلان ضعيفة، بسبب قربه من الإماراتيين ومن الإسرائيليين ولديه مشاكل مع منظّمة التحرير ومكروه في غزة. “أعتقد اليوم لا السعوديين ولا منظمة التحرير ولا الغزاويين يريدون رؤية دحلان عائداً بهذه القوة”، إلّا أنّه أكّد أنّ “هذا الموضوع متعلق بكيف ستنتهي الحرب وبأي ميزان قوى أو سيناريو مستقبلي، وكيف سيكون الوضع العربي والإسرائيلي والتدخل الأميركي مثلًا… فإذا استمر القطريون والسعوديون في لعب أدوارهم وفي محاولة الوصول الى تفاهمات، بالطبع ستكون كلمتهم أقوى من كلمة الإمارات”.

يتّفق مع باحوط ناثان براون، وهو باحث وأستاذ جامعي أميركي في جامعة جورج واشنطن، ومتخصص في شؤون الشرق الأوسط والإسلام السياسي بشكل خاص. ذكر براون، في مقابلة مع “درج”، أنّ دحلان يطرح اسمه، مثله مثل عدد من المرشّحين، فهو مرشّح ولاعب في السياسة الفلسطينية ولكنّه فرد وليس مؤسسة أو منظّمة، وبالتالي يعتبر براون أنّه من المستبعد، ولكن ليس من المستحيل، أنّ يكون هناك نوع من الاتفاق بين حماس وفتح وجهات دولية، ويُطرح اسم دحلان لقيادة غزة. مع ذلك، يبقى اسم دحلان مطروحاً لقدرته على التواصل مع جهات معنيّة عدّة.

دحلان: 40 عاماً من اللعب على التناقضات!

ما لا شكّ فيه أنّ محمد دحلان من أكثر الشخصيات الفلسطينية دهاءً. لعب على جميع التناقضات، فكان الفتحاوي المقرب من “أبو عمار” والذي تقلّد مناصب أمنية وسياسية مرموقة وأمسك بزمام جهاز الأمن الوقائي. كان جزءاً من لجنة فتح المركزية قبل أن يحاول الانقلاب على محمود عباس ويُطرد من اللجنة ومن فتح عام 2011. يستطيع تحدّث لغة حماس، إذ ولد في خان يونس مع أبرز قيادات الحركة كيحيى السنوار. هو مستشار للإمارات ومقرّب من السعودية ومن نظام عبد الفتاح السيسي في مصر. رجل أعمال محنّك، خصوصاً في صربيا والجبل الأسود اللتين يحمل جنسيتهما، وغيرها من الدول. تجمعه علاقة جيدة بالولايات المتحدة الأميركية ولديه أصدقاء من الجانب الإسرائيلي. ثروته بـ 120 مليون دولار أميركي، بحسب

محمد دحلان، فلسطيني من غزة ولد عام 1961 لأسرة لاجئة، تحديداً في مخيم خان يونس. بدأت حياته السياسية عندما شارك في تأسيس الشبيبة الفتحاوية في الثمانينات، وسُجن في السجون الإسرائيلية لمدّة خمسة أعوام، حيث تعلم اللغة العبرية ليطلق سراحه عام 1986 عندما كان يبلغ نحو 25 عاماً. رُحِّل إلى الأردن عام 1988 وبعدها التحق بمنظّمة التحرير الفلسطينية وصار مقرّباً من ياسر عرفات في تونس. أصبح دحلان رئيساً لجهاز الأمن الوقائي، الذي كان مكلّفاً من عرفات بقمع المعارضين لاتفاقية أوسلو مع إسرئيل، وذلك بعد توقيعها عام 1993. إلّا أنّ دحلان استقال من منصبه في قيادة الجهاز وأصبح بعدها وزيراً لشؤون الأمن عام 2003 في حكومة محمود عباس.

بعد فوز حركة حماس في انتخابات عام 2006 في قطاع غزة، كانت الحركة على خلاف كبير مع دحلان وجماعته إذ كانت تعتبره “وكيلاً لجيش الاحتلال في“. احتدمت هذه الخلافات مع مرور السنوات حتى اندلعت أحداث دامية بين جماعات دحلان وحركة حماس، وانتهت بانتصار حماس وفقدان السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة لصالح حماس في عام 2007، عندما كان دحلان منسق الشؤون الأمنية في غزة.

إلّا أنّ دحلان سرعان ما لملم شتاته وبدأ بالتخطيط للانقلاب على محمود عباس في الضفة الغربية. لكن، لم تنجح خطته فنُفي عام 2011 وانتقل إلى أبو ظبي مع زوجته جليلة دحلان وأولادهما الأربعة، حيث أصبح مستشاراً مقرّباً من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. كما أصبح واجهة الإمارات في عدد من مصالحها الاقتصادية في الخارج، لا سيما في صربيا التي يحمل محمد دحلان وشقيقه عبد ربه جنسيتها. لعب محمد دحلان  في التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، فحمل بعض المتظاهرين الفلسطينيين عندها لافتات تصف دحلان بالخائن. وما زال يحتل صدارة العلاقات بين الإمارات وإسرائيل بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفقاً

رؤية دحلان السياسية للمرحلة المقبلة

اقترح دحلان في  في 30 تشرين الأول 2023، فترة انتقالية لمدة عامين تديرها فئة من التكنوقراط في كلّ من غزة والضفة الغربية بهدف توحيد الأراضي الفلسطينية، تليها انتخابات برلمانية لدولة فلسطينية ذات حدود غير محددة تؤدي إلى وجود رئيس وزراء لقيادة الفلسطينيين، وبالتالي التحوّل إلى نظام برلماني يحل مكان النظام الرئاسي الحالي، معتبراً أنّه لا يمكن رجلاً واحداً حل القضية وأنّ “زمن الأبطال قد مر مع عرفات”. إلا أنّه أكّد في المقابلة، أنّه يرفض أن يكون هو الخيار لتولي إدارة غزة بعد الحرب.

لكن مع ذلك، بحسب ، يطرح دحلان نقاط قوته على الطاولة، فهو يعرف غزة جيداً ويعرف الإسرائيليين وله 40 عاماً من الخبرة في ما يتعلّق بالشأن الفلسطيني. ويقول إنه قام بتوجيه نحو 50 مليون دولار سنوياً من الإمارات إلى غزة.

يرى دحلان أنه يجب السماح لجميع الفصائل السياسية الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس، بالمشاركة في هذه الانتخابات، إذ يعتبر أنّه من المستحيل حكم غزة من دون موافقتها. اقترح أيضاً أن الدول العربية يمكن أن تدعم الدولة الفلسطينية، التي يجب أن يُعترف بها على الساحة الدولية، بما في ذلك إسرائيل.

قضايا فساد وخرق قوانين؟

في حزيران/ يونيو 2011، أعلنت حركة فتح فصل دحلان، عضو لجنتها المركزية. لحق ذلك  عام 2012 برفع الحصانة البرلمانية عن دحلان، وإحالته إلى القضاء.

في عام 2014، أدانته محكمة فلسطينية بـتهمة ذمّ مؤسسات الدولة و”التشهير بعباس”، وحكمت عليه بالسجن لمدة عامين. بعدها، حُكم عليه بثلاث سنوات إضافية بتهمة الاختلاس.  محكمة جرائم الفساد الفلسطينية غيابيّاً، بسجن دحلان ثلاث سنوات وذلك بتهمة اختلاس وطالبته بإعادة 16 مليون دولار في فترة توليه منصب منسق الشؤون الأمنية للرئاسة الفلسطينية، واعتبرته فارّاً من العدالة. إلّا أنّ الشبهات حول عمله لا تقتصر على الأراضي الفلسطينية فحسب، بل تمتد إلى دول البلقان.

يحمل دحلان الجنسية الصربية، لكنّه أيضاً يحمل جنسية مونتينيغرو (الجبل الأسود).

“أصبح دحلان ممثلاً لمصالح الإمارات العربية المتحدة في الخارج، وبخاصة في صربيا، حيث ساعد في تعزيز الأعمال التجارية الإماراتية، وفي اليمن حيث أشرف على تجنيد شركات عسكرية خاصة، بحسب

حصل دحلان وزوجته على جنسية الجبل الأسود عام 2010، من ثمّ حصل وعائلته على الجنسية الصربية عام 2013. لم تفسر الحكومة الصربية أسباب منحه الجنسية، فتستطيع الحكومة منح الجنسية خلال جلسات مغلقة لمجلس الوزراء للأجانب عندما يُعتبر أن ذلك يخدم “مصالح الدولة” من دون تقديم أي توضيح مفصل للجمهور، بحسب

في هذا السياق، يذكر  في مونتينيغرو أنّ حقيقة امتلاك دحلان الجنسية الصربية وجنسية مونتينيغرو (الجبل الأسود) تشير إلى أن السلطات الحكومية في الجبل الأسود تنتهك القانون، لأنه لا يمكن أن تكون له الجنسيتان الصربية والمونتينيغرية في الوقت ذاته. من المثير للاهتمام، أن حكومة صربيا نشرت قرار قبول دحلان وأفراد عائلته للحصول على الجنسية في ” في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2013.

وهذا يتعارض مع المادة 18 من قانون الجنسية في الجبل الأسود، التي تنص على أنه يمكن الحصول على الجنسية المزدوجة فقط من خلال اتفاقات ومعاهدات دولية، بشرط التبادل. صربيا والجبل الأسود لا تمتلكان مثل هذه الاتفاقيات، ما يثبت أن دحلان هو مواطن غير قانوني في الجبل الأسود. موقف شرطة مونتينيغرو في هذه القضية هو أنه لا يوجد انتهاك للقانون، لأن دحلان حصل على الجنسية وفقاً لإجراء خاص في كلَي البلدين، كمواطن مستحق، وينطبق عليه قانون الجنسية، وفقاً بعنوان: “”مستثمر” دوكانوفيتش قيد التحقيق بشبهة الفساد والقتل” في عام 2014.

في  منح الرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش – حليف رئيس الوزراء ألكسندر فوتشيتش في صربيا – دحلان وسام العلم الصربي “لمساهمته في التعاون السلمي والعلاقات الودية بين صربيا والإمارات”.

على المقلب الآخر، يتهمه خصومه بالتورط في شحن أسلحة صنعت في إسرائيل إلى الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. ولديه علاقات في ليبيا، كما كشفت تسريبات ويكيليكس من عام 2010 عن اجتماع عقده في إسبانيا مع نجل القذافي، سيف الإسلام، بحسب ة

أمّا أبرز ما تستحضره الذاكرة لدى ذكر قضايا فساد دحلان، هو “فضيحة معبر كارني” عام 1997، عندما تبيّن أن “40 في المئة من  من الاحتلال عن رسوم المعبر والمقدرَّة بمليون شيكل شهرياً، كانت تُحوَّل الى حساب سلطة المعابر الوطنية الفلسطينية التي اتضح في ما بعد أنها حساب شخصي لدحلان”.

يذكر (نُشر منذ أربع سنوات)، أنّ أحد قادة التحالف الديمقراطي، نيبويشا ميدوجيفيتش، كان قد أعلن أنَّ الأسلحة تُهرَّب عبر الجبل الأسود لصالح منظمات متطرفة في الشرق الأوسط، وأنّ الصفقة بكاملها مرتبطة بالشخصية المثيرة للجدل، محمد دحلان.

 “بزنس” دحلان في البلقان!

بدأ  بمنطقة البلقان في عام 2006 عندما بدأ هو وشقيقه الأكبر عبد ربه وأبناء الأخير في تأسيس شركات عقارات وبناء في صربيا والجبل الأسود.

أكدت

أنه منذ عام 2006، أسس دحلان وعائلته شركات عقارية كثيرة في صربيا والجبل الأسود، برأسمال وصل الى 2.5 مليون يورو على الأقل، وفقاً لبيانات الشركات التي أسسها. وكشف عام 2015، أن دحلان كان يستأجر فيلا فخمة في حي بلغراد الحصري للدبلوماسيين، والتي كان يملكها الرئيس الصربي السابق بوريس تاديتش مقابل مبلغ 3,600 يورو شهرياً. باعت الدولة الفيلا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 إلى شركة حديثة تُدعى Devilla. وبعد أقل من عام، قامت Devilla ببيعها إلى الشخص المقرب من دحلان، أدهم أبو مدللة، الذي شغل منصب السفير الفلسطيني في الجبل الأسود، بحسب

استثمرت الإمارات بشكل ضخم في صربيا، لا سيما في عام 2013، وتقف وراء ذلك الشخصية الغامضة محمد دحلان، بحسب  الذي يذكر: “يُقال إن في قلب شبكة تيسر التواصل بين الإمارات وشخصيات استخبارات أميركية وإسرائيلية، مساعداً في الاستثمارات الإماراتية في صربيا التي زادت من ثروة قادة الإمارات، وأنّ دحلان هو الوسيط الإماراتي والمفتاح في تحسين العلاقات الصربية – الإماراتية وسبب ما وصفه فوتشيتش بـ “صداقة شخصية وثيقة” مع الشيخ محمد بن زايد.

لم تكشف السلطات في الجبل الأسود عن الأسباب التي دفعتها الى منح دحلان الجنسية، ولكن مصدراً صربياً لـ  اقترح أن يكون ذلك متعلقاً بصفقاته التجارية الرابحة في الجبل الأسود، إذ زعم أن “هناك أدلة قوية على أن دحلان استخدم الجبل الأسود لغسل الأموال الفلسطينية التي اختلسها”، بحسب نفسه.

لدحلان عدد من الشركات المسجلة في الجبل الأسود، بما في ذلك Levant International Incorporation، المسجلة للاستشارات والإدارة، و Manarah Holding، التي تأسست لتطوير مشاريع العقارات. يظهر اسم محمد رشيد، عراقي الجنسية ومستشار اقتصادي لعرفات، كشريك رئيسي لدحلان في الجبل الأسود، تحديداً في أربع من شركاته. إحدى شركاته، Monte Mena Investments، مسجلة أيضاً في بنما حيث يكون شريكه، وفقاً لمصدر صربي، رجل الأعمال المصري سميح ساويرس.

شبكة علاقات دولية واسعة

تجمع دحلان علاقة جيدة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويتمتع بعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء في الجبل الأسود ميلو ديوكانوفيتش، إذ يُقال إن دحلان استخدم علاقاته في الجبل الأسود لتسهيل زيارة جوكانوفيتش إلى الإمارات، والذي صرّح علناً أنّ دحلان هو صديقه. وتجمعه أيضاً علاقة مميزة وقوية مع رئيس وزراء صربيا ألكسندر فوتشيتش.

رغم غيابه جسدياً عن الساحة الفلسطينية منذ عام 2011، إلّا أنّ للدحلان أذرع في الداخل، أبرزها زوجته جليلة دحلان التي تقوم بزيارات إنسانية دورية لغزة وتشارك في توزيع المنح والمساعدات المالية للشباب والطلاب والعائلات الفقيرة، بما في ذلك تنظيم للذين لا يستطيعون تحمّل تكاليفها.

وقال مصدر استخباراتي صربي، طلب عدم الكشف عن هويته،أن دحلان لديه “علاقة جيدة” مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية السابق جورج تينيت، وكانت تجمعه “صلات” مع أمنون شاحاك من الجيش الإسرائيلي ويعقوب بيري من الموساد.

وقال المصدر إن دحلان لديه أيضاً صلات مع جواسيس إسرائيليين معروفين في شرق أوروبا، من خلال الفلسطيني عدنان ياسين الذي يعيش في العاصمة البوسنية سراييفو. ياسين كان موظفاً سابقاً في منظمة التحرير الفلسطينية، اعتُقل في تونس عام 1993 بعدما “أعربت وكالات الأمن الفرنسية عن قلقها إزاء نشاطاته”. يُزعم أن ياسين اعترف بالعمل لصالح الموساد في عام 1991، بحسب

أمّا  في عام 2020، فيشير إلى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة “تقع في حبه، بدءاً من إدارة بيل كلينتون، مروراً بجورج بوش، وصولاً إلى دونالد ترامب”. وبفعل شبكة علاقاته الدولية الواسعة، يصف دحلان نفسه بأنه “مفتاح أبواب” للعملاء.

علاقات دحلان المنقطعة مع أردوغان وقطر

في مقابل علاقاته الاستراتيجية مع أطراف عدّة، تتمّيز علاقة دحلان بكلّ من أردوغان وقطر بكره متبادل وانقطاع. ففي تشرين الثاني 2019، رصدت أنقرة  بقيمة 700 ألف دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقاله، وذلك لاشتباهها بضلوعه في محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا عام 2016.
ردّ  على الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، “على أردوغان أن يدفع الـ 700 ألف دولار لطبيب نفسي بعد انهيار أحلامه وطموحاته في المنطقة العربية”.

أمّا علاقته بقطر، فأبرز ما يعبّر عن تدهورها في السنوات الأخيرة، هو عناوين مقالات “الجزيرة” القطرية، وهذا غيض من فيض:

في حين اعتبر دحلان في  عام 2018، أن قطر ارتكبت كوارث وخراباً بحق الدول العربية يحتاج إلى  لإصلاحه، ودعا الى مساءلتها، في حين قال إنّها رسّخت الانقسام الفلسطيني عبر ضخّ الأموال.

لا شكّ في أنّ ظهور دحلان بهذه الوتيرة المتكررة على وسائل الإعلام الغربية والعربية في هذه الفترة الدقيقة التي يعيشها الفلسطينيون، يشير إلى إمكان ورود اسمه كخيار محتمل في الخطط المستقبلية وتقديم نفسه كمرشّح لتولّي دور قيادي على الساحة الفلسطينية في المرحلة المقبلة. لكن، لا تزال فرصه محدودة حتى اللحظة، خصوصاً في ظلّ الدور الإماراتي الخجول. إلّا أنّ دحلان، وبعد كل التقلبات السياسية التي عاصرها، يتقن اللعب على التناقضات وخلف الأبواب المغلقة، فهل تساعده الظروف “أخيراً” في الخروج من عتمة الكواليس وحيازة دور البطولة؟