زار عدد من اليهود السوريين كنيس ” إلياهو هانابي” في ضاحية جوبر بدمشق، أحد أقدم المعابد اليهودية في العالم، بعد سنوات من التدمير الذي أصابه جراء الحرب الأهلية المستمرة منذ 13 عاماً. الكنيس، الذي يعود تاريخ بنائه إلى 720 سنة قبل الميلاد، تعرض لأضرار جسيمة، حيث انهارت جدرانه وسقوفه وفقدت بعض مقتنياته الأثرية.
قال باخور شمنتوب، رئيس الطائفة اليهودية في سوريا البالغ من العمر 74 عاماً، خلال زيارته الأولى للكنيس منذ 15 عاماً: “قبل النزاع، لم يكن هناك أي ضرر على الكنيس. كنا ندخله بشكل طبيعي. الآن أشعر بالاضطراب، لقد فوجئت برؤيته بهذا الشكل. نأمل أن يعود كما كان، لكنه يحتاج إلى وقت.”
وأضاف شمنتوب: “إنهم (اليهود المغتربون) يواصلون الاتصال بي، ويقولون إنهم سيعيدون بناءه. إنه مبنى قديم، ليس عادياً أو حديثاً. إنه يعني لنا الكثير.”
وأشار إلى أنه رفض مغادرة سوريا خلال الحرب، رغم أن جميع أشقائه الاثني عشر غادروا البلاد. وأوضح قائلاً: “أنا سعيد صحيح أنني يهودي، لكن الجميع يحبونني، وأينما أذهب يقولون لي (شالوم، شالوم) ليس لدي أي مشكلة، على العكس، عندما يعرفون أنني يهودي يعبرون عن سعادتهم، يحبون اليهود، ولكن هناك من لديه فكرة خاطئة عن اليهود، وعندما يعيشون معنا يكتشفون خطأ هذه الفكرة على العكس، اليهودي مسالم، لا يضر، لا يؤذي، ولا يخلق مشاكل.”
من جانبه، قال بركات حزرومي، أحد سكان جوبر المسلمين الذي وُلد وترعرع بالقرب من الكنيس: “كان في حالة جيدة كان هناك نسخة من التوراة هنا كما أذكر، وفي هذه المنطقة (مشيراً) كانت هناك مدرسة تُدعى المجيدل.”
وأضاف حزرومي، متحدثاً لشمنتوب: “يمكنهم (اليهود) العودة، ليس لدينا مشكلة مع الأديان أو أي شخص لقد عاشوا هنا جميعاً معاً: المسيحيون، اليهود، والمسلمون. لم يكن هناك أي تدخل من أحد.”
الحرب الأهلية في سوريا، التي استمرت 13 عاماً، تركت الكنيس مدمراً جزئياً، حيث انهارت بعض جدرانه وسقوفه، وفُقدت مقتنياته الأثرية. بعد أن أطاحت جبهة تحرير الشام بالرئيس السابق بشار الأسد في كانون الأول الجاري، أصبح بإمكان الناس زيارة ضاحية جوبر المدمرة بأمان، والتي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة وتعرضت للقصف لسنوات من قبل القوات الحكومية.
وأشار شمنتوب إلى أن الطائفة اليهودية السورية، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3,000 عام، تقلصت أعدادها بشكل كبير. فقبل تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، كانت سوريا موطناً لإحدى أكبر الجاليات اليهودية في العالم. لكن اليوم، لم يتبق سوى تسعة يهود يعيشون في سوريا، ومعظمهم من كبار السن.
وذكر شمنتوب أن الطائفة اليهودية في سوريا كانت تتمتع بحرية أداء واجباتها الدينية في ظل حكم عائلة الأسد، لكنه أوضح أن أفراد المجتمع كانوا ممنوعين من السفر إلى الخارج لتجنب ذهابهم إلى إسرائيل حتى أوائل التسعينيات. وبعد رفع قيود السفر مع بدء محادثات السلام العربية الإسرائيلية، غادر الكثير منهم البلاد.
وأوضح شمنتوب: “قبل النزاع، كنا نأتي أيام السبت إلى جوبر للصلاة. أتذكر التوراة المكتوبة على جلد الغزال، والثريات، واللوحات، والسجاد. كلها اختفت، ومن المرجح أنها سُرقت من قبل اللصوص.”
لا تزال دمشق تضم القليل من اليهود، لكنهم يواجهون تحديات عدة، وأوضح شمنتوب أنه يحصل على حزم من اللحوم من إخوته في الولايات المتحدة مرة واحدة في السنة على الأقل عن طريق المسافرين إلى سوريا، مشيراً إلى أنه في الماضي كان يذهب إلى سوق الدجاج مع صديق يهودي يذبح لهم الدجاج حسب الشريعة اليهودية، لكن هذا الرجل لم يعد قادراً على المشي.
وأضاف أن الطائفة تعتمد حالياً على الوجبات النباتية بشكل أساسي، وقال: “أطبخ كل صباح لنفسي ولإحدى النساء اليهوديات التي لم يتبقَّ لها أقارب في سوريا.”