شهدت العاصمة العراقية بغداد والعديد من مناطق البلاد، احتفالات استثنائية بقدوم العام الجديد 2025، على أنقاض عام أثقلته الحروب والأزمات الإنسانية والنزاعات، التي كان العراق على شفا الانزلاق فيها، والتي يُتوقع أن تكون لها ارتدادات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط في العام الجديد.
فالأحداث التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع حرب غزة وما أعقبها من تطورات في الساحة اللبنانية وأخيراً السورية، لا تزال تثير قلق العراقيين، لا سيما الطبقة السياسية التي تواجه ضغطا إعلاميا يتحدث عن سيناريو إزاحتها عن سدة الحكم الذي سيطرت عليه قرابة 22 عاماً.
ضبط سلاح الفصائل
وفي ما يخص الوضع الأمني، يعتقد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، أن الوضع الأمني شهد “تحسنا كبيرا”، مشيراً إلى أن العراق تلقى تطمينات من الجانب السوري بعدم تسبب أي إرباك للوضع الأمني العراقي في 2025.
ويقول البنداوي إنّ “أكثر ما نخشاه في العام الجديد هو الخلايا النائمة التي قد يغذيها ما يجري في سوريا من وضع مرتبك وهشّ”، لكنه يعوّل على وعي العشائر في المناطق الغربية والشمالية بعدم السماح لعودتها.
ويضيف أنّ رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يسعى لضبط الفعاليات الخاصة بالفصائل العراقية، تمهيدا لإنهاء ملف القوات الأجنبية، لأن الكل يدعم هذا القرار.
وعن دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ضمن معادلة العلاقات العراقية ـ الأميركية من جديد، يرى البنداوي أن برنامج ترامب لا يركز على الشرق الأوسط، وسيكون هناك التزام أميركي بالاتفاق بين الجانبين على سحب قوات التحالف الدولي من البلاد، مع استمرار مراقبة الوضع الأمني فيها.
وفي ما يخص تخكهنات الكثير من السياسيين والمراقبين بهبوب رياح التغيير على العراق عام 2025، ييعتقد أنها “مجرد تهريج لخلق بلبلة وفوضى في الشارع العراقي، وإرباك عمل الحكومة”.
وحاولت “النهار” التواصل مع عدد من مستشاري رئيس الحكومة، المتخصصين بالشؤون السياسية والخارجية وقطاع الاعمار وغيره، لكن الاتصالات المتكررة والرسائل لم تلق أي رد.
العام الأخير من عمر البرلمان
ويقول رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية النائب ثائر الجبوري إن عام 2025 سيكون الأخير لهذه الدورة النيابية التي لم تستكمل الكثير من القوانين، ومن أبرزها “العفو العام”.
ويضيف الجبوري في حديث إلى النهار”،أن 2025 سيشهد إقرار قوانين “تخدم المواطن”، لأن البرلمانيين يدركون أن ذلك قد يكون نافعاً في موسم الانتخابات المقبل، إلى جانب قوانين العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة الأملاك، وقانون الانتخابات والمفوضية.
تنويع مصادر الدخل
وفي ما يخص قطاع التنمية والتقدم الاقتصادي، هناك اتجاهان لعمل الحكومة في 2025: تحريك المشاريع الحكومية المتلكئة الخاصة بالبنية التحتية، كشبكات المياه والصرف الصحي والمدارس والمستشفيات والمصانع. والاتجاه الآخر يقوم على مبدأ الشراكة بين الدولة والسوق الوطني الذي ما زال في مرحلة التكوين والنشوء، بحسب مستشار رئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح.
ويقول صالح لـ”النهار”، إنّ ٦٠٪ من القوة العاملة لا يمكن توفير عمل دائم لها الا من خلال النهضة بالمشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة. ومن هذا المنطلق ارتبطت استدامة التشغيل باستدامة التصنيع كهدف سام من اهداف البرنامج الحكومي.
وعن أبرز التحديات في العام الجديد 2025، يشير المستشار المالي إلى ان تعظيم الموارد غير النفطية في الموازنات العامة يشكل التحدي الأكبر في مجال الاصلاح الاقتصادي، إذ وضعت الحكومة لها اهدافاً كبيرة كي ترتفع مساهمتها في اجمالي الايرادات التي يولدها النشاط الاقتصادي غير النفطي لتكون ٢٠ % بدلاً من معدلاتها التاريخية التي لا تتعدى ١٠٪ في افضل الاحوال.
والتحدي الثاني الذي يحدده صالح يندرج ضمن ما أطلق عليه “اقتصاد الظل”، وهو أسواق غير نظامية وغير مُعرفة بالغالب أمام الاجهزة الرقابية والضريبية والمصرفية كما هو متعارف عنها، وتبلغ نسبتها كاسواق غير نظامية او رمادية، حوالى ٧٠ في المئة من اجمالي نشاط القطاع الخاص في البلاد.
تحديات كثيرة
ويربط المراقب للشأن الدولي أحمد الموسوي في حديث إلى”النهار”، التحدي الأمني بالوضع السوري الذي أفرز قلقا وتوجسا لدى العراقيين، حكومة وشعبا.
ويقول الموسوي إن الإدارة الأميركية الجديدة اذا ما استطاعت إيقاف الحرب الروسية ـ الأوكرانية، فان ذلك سيسهم في انخفاض أسعار النفط، لأن نشاط موسكو سيعود الى السوق العالمية، ما يربك الوضع المالي العراقي الذي يعتمد بنسبة 98 في المئة على بيع النفط.
ويضيف، أن تلك الإدارة ستضع حكومة السوداني أمام مقايضة صعبة جدا: الخروج من ملعب النفوذ الإيراني وحصر السلاح بيد الدولة، مقابل استمرار الدعم السياسي والأمني، والا ستكون هناك عقوبات اقتصادية ومالية غير مستعد لها العراق.
وعلى المستوى الداخلي للبلاد، يرى الموسوي أن الكثير من مناطق البلاد تواجه مشكلات معقدة تخص القطاع الخدمي، الى جانب ملف الكهرباء وتعقيداته المستمرة، مشيرا إلى ان الحكومة لم تنجح أيضا في حصر السلاح المنفلت، وإجراء التغيير الوزاري، ومكافحة ملف الفساد.
ويعقّب الموسوي على التغيير المنتظر في العراق، بأنه لن يكون على غرار سوريا، إنما سيتم عبر صناديق الانتخابات في نهاية العام الجاري.