هو عُرفٌ إسلاميٌ شائعٌ وراسخٌ ومتوارث: الشهداء هم أهل الجنة، وكلما زاد عددهم، زاد الأجر والثواب، حتى ولو كانت الأعداد غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وحتى ولو كان العدو الاسرائيلي تلذذ بشن حرب إبادة موصوفة، تشبه الحروب التي أُفنيت بها أقوام وشعوب وقبائل عديدة في مختلف انحاء الأرض، واستخدم فيها كميات من الصواريخ والقذائف تفوق بأضعاف حجم قنبلة نووية، حصدت ما يقرب من ربع مليون ضحية من أصل مليوني إنسان فلسطيني في قطاع غزة وحده.
المهم أن همجية دولة إسرائيل قد إفتُضحت، وكذا وحشيتها وبربريتها ولا إنسانيتها، وغيرها من الصفات-المكتشفة حديثا من قبل الإسلاميين، والاهم ان إزدواجية معايير المجتمع الدولي، الغربي خاصة، قد عُرّيت، ومعها إنكشفت مرة أخرى خدعة العدالة وكذبة حق تقرير المصير، وسواهما من حيلٍ عالمية معروفة طوال قرن مضى!
اتفاق وقف النار الذي سرى في غزة، ليس نصراً ولا إنجازاً، انه ببساطة رحمة، سماوية إذا شئتم، ولا يجوز بأي حال من الأحوال ان ينسب بالسياسة الى أي وعي إسرائيلي مستجد، مثلما لا يمكن أن يعزى الى أي مفاوض كفوء أو وسيط ماهر، لم يكن هناك دليل على براعتهما: تعِبَ العدو من إسقاط ربع مليون فلسطيني، ما بين قتيل وجريح ومفقود، وهو تقدير ورد في دراسة رصينة وموثوقة نشرتها مجلة “لانسيت” الطبية البريطانية مؤخراً وتغطي فقط الأشهر التسعة الأولى من حرب غزة.ونتيجة الإرهاق فقط، قرر العدو أن يستريح، ولفترة محددة، قبل ان يعود ليستأنف حملة الإبادة، بعد شهر أو شهرين أو سنة..المهم ان يحتفظ بحق استباحة الدم الفلسطيني، المباح أصلا.
ليس أداء دور الضحية، من تقاليد الحركات الإسلامية وشيَمها. لكن القراءات والرهانات وحتى الأساليب الخاطئة، لا تؤدي عادة إلا الى مضاعفة حجم الكارثة. ولعل حرب غزة، التي عُلقت اليوم، هي خلاصة مجموعة من الأخطاء التي تراكمت ووصلت الى رقم الربع مليون ضحية فلسطينية. “طوفان الأقصى”، الذي لعبت المصادفة في تحديد بعض نتائجه، هو الوحيد الذي يمكن ان يجري تفهمه والتساهل في تقبله، برغم الاختلال الهائل في موازين القوى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي لم تكن يوماً تميل لمصلحة الفلسطينيين. لكن كل ما تلاه لم يكن مفهوماً ولا مبرراً أبداً، من أسر المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، والاحتفاظ بهم حتى اليوم، والتفاوض عليهم، في الوقت الذي كان الرأي العام العالمي ولا يزال يبدي قدراً متواضعاً من التعاطف مع الفلسطينيين، وأسراهم ومدنييهم.
ولأن الفاجعة فلسطينية حصراً، فإن الحرب كان يتوقع، بل كان يفترض ان تتوقف بعد المجزرة الإسرائيلية الأولى بحق أطفال غزة، وبعد المذبحة الأولى بحق عائلات شُطبت أسماؤها كاملة من سجلات النفوس، أو بعد إعلان الوفيات الفلسطينية الأولى من الجوع والعطش، (هل هناك وحشيةٌ ومهانةٌ وعارٌ أكبر من الموت جوعاً؟) أو بعد إعلان التصفيات الإسرائيلية الأولى للأطباء والممرضين والعاملين والعاملات في القطاع الطبي..أو بعدما تبين أن حركة العطف العربية المحدودة أصلا لن تؤتي نتيجة، وحركة التعاطف الدولي لن تثمر، ولن تزحزح الموقف الأميركي والغربي قيد أنملة. وهو إستنتاج يفترض مثلاً ان يكون الوسيط القطري قد توصل اليه، لكنه ظل يتوسط طوال أكثر من 850 يوماً، من دون ان يتمكن من إقناع المقاومة الإسلامية في غزة برفع الراية البيضاء، كما فعلت شعوب عديدة تعرضت لحرب إبادة فعلية موثقة!
الدبلوماسية كانت كارثية ايضاً، خصوصاً إذا ما سمحت، حتى من الجهة الفلسطينية، برواج الفكرة السطحية القائلة أن الحرب توقفت بقرار الرئيس دونالد ترامب وبناء على جدول أعماله، مع أن العكس هو الصحيح تماماً. فهو الذي أطال الحرب عندما كانت إدارة الرئيس جو بايدن تقترب من إنهائها، وألحّ على إسرائيل مراراً كي تحسمها بسرعة وبلا عناء التفاوض..وعندما لم يفلح إختار ان تكون الإبادة الجماعية ضيفاً مكرّماً في حفل تنصيبه الرئاسي.
بيروت في 19/1/2025

Khalil Hossein
١٣ س ·
تمت المشاركة مع العامة
حازم نهار
١٤ س ·
نظرة أخرى إلى التكويع والمكوِّعين
1. جوهر أي تكويع هو التغيير، وهذا يفترض أن يكون ممتدحًا ومحبَّبًا عمومًا. مشكلتنا كانت، وما زالت، مع أنظمة وشخصيات مستبدة ترف… عرض المزيد

Khalil Hossein
١٥ س ·
تمت المشاركة مع العامة

عن ضرورة «الجهاد» ضد النفس الأمّارة بالسحر! حاجتنا لمقاربة تاريخية لانهيار النظام السوري وحدود الوطنية الديمقراطية الميلودرامية حازم السيد.المصدر : الجمهورية .نت


alsafina.net
عن ضرورة «الجهاد» ضد النفس الأمّارة بالسحر! حاجتنا لمقاربة تاريخية لانهيار النظام السوري وحدود الوطنية الديمقراطية الميلودرامية حازم ا

Khalil Hossein
١٥ س ·
تمت المشاركة مع العامة

عام سعيد على لبنان وغزة… فكيف سيكون على اليمن؟ على أمل أن تنتهي معاناة اليمنيين هند الإرياني……المصدر : المجلة


alsafina.net
عام سعيد على لبنان وغزة… فكيف سيكون على اليمن؟ على أمل أن تنتهي معاناة اليمنيين هند الإرياني……المصدر : المجلة – السفينة

Khalil Hossein
١٥ س ·
تمت المشاركة مع العامة

عندما صم الدم آذان “المكوعين” أكثر من 13 عاما وهم يبررون كل جريمة يرتكبها الأسد ومعه إيران وروسيا وميليشياتهم عالية منصور….المصدر : المجلة


alsafina.net
عندما صم الدم آذان “المكوعين” أكثر من 13 عاما وهم يبررون كل جريمة يرتكبها الأسد ومعه إيران وروسيا وميليشياتهم عالية منصور….المصدر : المج