بعد نحو ستة أسابيع من الحرب، اتفقت إسرائيل وحماس على وقف إطلاق نار مؤقت يستمر لأربعة أيام، ويتيح المجال لتبادل الأسرى والسجناء، ولكن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أصر على أن الهدنة مؤقتة وأن الحرب ستستمر بعد انتهائها.
وبالتالي هناك احتمال كبير أن يدخل هذا النزاع مرحلةً جديدةً من المواجهة العسكرية ويمكن أن يمتد إلى البلدان المجاورة وخاصة في سوريا. منذ بداية النزاع في غزة، قامت الولايات المتحدة بتنفيذ العديد من الضربات الجوية ضد مواقع في سوريا كونها تابعة للميليشيات المدعومة من إيران.
تقول الولايات المتحدة إن هذه الضربات هي رد على الهجمات المتكررة على قواتها في سوريا والعراق من قبل القوات التابعة لوكلاء إيران.
في الوقت نفسه، نفذت إسرائيل عدة ضربات داخل أراضي سوريا رداً على هجمات بالصواريخ والهاون، وكذلك شنت إسرائيل غارات جوية على مطاري سوريا الرئيسيين (مطاري دمشق وحلب) مما أدى إلى تعطيلهما وجعلهما خارج الخدمة لفترة.
تورطت سوريا بالفعل إلى حد ما في هذا الصراع، فهناك احتمال كبير أن تستخدم إيران سوريا كجبهة ثانية ضد إسرائيل في حال الهزيمة التامة لوكلائها في غزة.
إيران هي واحدة من أقوى داعمي الرئيس السوري بشار الأسد. تدخلت للمرة الأولى في الحرب للمساعدة في الدفاع عن الدكتور الأسد ضد المتمردين السوريين، وبعد ذلك ساعدت قوات الحكومة السورية ضد الجهاديين. استفادت إيران من فوضى حرب سوريا لبناء بنية تحتية عسكرية كبيرة هناك.
قامت إيران ببناء وتدريب ميليشيات شيعية كبيرة تضم الآلاف من المسلحين، وأرسلت مستشارين بارعين من الحرس الثوري الإيراني إلى قواعد عسكرية سورية. اتبع الإيرانيون استراتيجيةً لتحويل سوريا إلى جبهة قوية مثل جنوب لبنان بحجة مساعدة الحكومة السورية لأغراض هجومية ودفاعية في حال اندلعت حرب رئيسية أخرى بين وكلائها وإسرائيل.
حثت إيران الميليشيات الشيعية المتحالفة نحو هضبة الجولان ونقلت صواريخ موجهة إلى سوريا لتزويد حزب الله بأسلحة دقيقة أكثر، وكذلك قامت إيران بتزويد أنظمة دفاع جوي يمكن أن تصل بسهولة إلى إسرائيل.
علاوة على ذلك، فقد ازداد نفوذ إيران في سوريا خلال السنتين الماضيتين، حيث كانت روسيا الحليفة الرئيسية الأخرى للأسد مشغولةً بحربها في أوكرانيا، لذا استطاعت إيران أن تثبت وجودها بقوة. ووفقاً لأبحاث مؤسسة الدراسات المستقلة (جسور) فإنه يوجد لدى إيران 570 قاعدة ومنشأة عسكرية في سوريا حتى منتصف عام 2023.
حذرت دولة الإمارات العربية المتحدة نظام الأسد من التدخل في حرب حماس مع إسرائيل أو السماح بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي السورية. ويدرك النظام السوري جيداً أن الدولة السورية تفتقر إلى القوة العسكرية لمواجهة إسرائيل، ولديها العديد من المشاكل الخاصة التي يجب التعامل معها داخل سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، العلاقة بين حماس ونظام الأسد ليست حميمة. أعادت دمشق إقامة العلاقات الدبلوماسية مع حماس فقط العام الماضي بعد أن غادرت القيادة السياسية لحماس سوريا بسبب دعمها الأولي للثورة السورية في عام 2012.
يبدو حالياً أن الأسد ليس لديه رغبة كبيرة في الانخراط في حرب شاملة مع إسرائيل، خاصة في وقت لا تستطيع قواته السيطرة الكاملة على سوريا، ولكن كلما استمر الصراع واجتازت الجهات الجيوسياسية المختلفة خطوطها الحمراء، زادت فرص توسع الصراع.
وفي الواقع، تعمل الميليشيات المدعومة من إيران بشكل كبير ومستقل عن نظام الأسد وتتلقى الأوامر مباشرة من قادة الحرس الثوري الإيراني.
من الناحية العملية، لا تتحكم دمشق في أفعال هذه الميليشيات المدعومة من إيران، ولكن الإسرائيليين لن يقتنعوا بذلك. وفي حال تعرضهم لهجوم من الأراضي السورية، سيهاجم الإسرائيليون البنية التحتية في سوريا وربما مراكز للمدنيين أيضاً، وسيدفع الشعب السوري الثمن غالياً لأي اشتباك عسكري مع إسرائيل.
تدخل الحرب الأهلية السورية الآن عامها الثالث عشر، وقد أحدثت الكثير من الدمار والخسائر التي أثرت على حياة الشعب السوري واقتصادهم. تم نزوح أكثر من نصف السكان قبل النزاع والبالغ عددهم ما يقارب 21 مليون نسمة، سواء كنزوح داخل سوريا أو كلاجئين خارجها، غالباً في الدول المجاورة.
أسفر النزاع عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص وأصبحت البنية التحتية المدنية في حالة يرثى لها. لقد عانى الشعب السوري بالفعل كثيراً، وسيكون من الظلم فرض صراع خارجي عليهم. يجب أن يكون التركيز الوحيد للدولة السورية على قيادة سوريا نحو تعافٍ اقتصادي مستدام.
باختصار، مع استمرار تحمل الأشخاص العاديين والعائلات في سوريا عبء الحرب الأهلية والأزمة الاقتصادية المستمرة، يجب أن تضع الحكومة تعافي الاقتصاد في صدارة أولوياتها وتتخذ إجراءات لتجنب الانجراف نحو أي نزاع خارجي.
المقال للكاتب مانيش راي، كتبه لقسم الإنكليزي في نورث برس وترجم للغة العربية