eilenWhatsAppTwitterFacebook

مصلحة مشتركة ومظلة للجميع
تسارع جهود تشكيل حكومة جديدة لإقليم كردستان العراق بعد مضي ثلاثة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم يأتي معطوفا على حدوث تطورات في العراق والمنطقة قد تساعد على حلّ عقدة التشكيل التي ساهم في إيجادها بشكل رئيسي الاتحاد الوطني الكردستاني، والذي قد لا يكون قادرا على المضي أبعد في اشتراطاته بسبب التعقيدات والضغوط التي يتعرّض لها حلفاؤه من أحزاب وفصائل شيعية عراقية بسبب سلسلة الهزائم التي مني بها محورها الإيراني وتحديدا في سوريا ولبنان.

أربيل (كردستان العرق)- تتسارع الجهود السياسية في إقليم كردستان العراق لكسر جمود تشكيل حكومة جديدة للإقليم في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر أكتوبر الماضي.

ولاحت بوادر انفراجة في هذا الملف الشائك مع توالي اجتماعات الحزبين الكبيرين في الإقليم والقائدين الرئيسيين لسلطاته الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الحاصلين على أكبر عدد من المقاعد المئة للبرلمان بما مجموعه اثنان وستون مقعدا، تسعة وثلاثون للأول وثلاثة وعشرون للثاني.

وقال هوشيار زيباري، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي، إن هناك تقدما كبيرا بين الحزب ومعظم الأطراف الأخرى لتشكيل الكابينة الحكومية الجديدة.

هوشيار زيباري: يوجد تقدم كبير نحو تشكيل الكابينة الحكومية الجديدة
ويرتهن تشكيل حكومة الإقليم بالضرورة لتوافق الحزبين اللذين يمتلك كل منهما منطقة نفوذ خاصة به في الإقليم ويتحكم في جزء تابع له من قوات البيشمركة، ما يجعل تجاوز أي منهما في هذا الملف أمرا متعذّرا.

ويرجع عدم التمكّن من تشكيل حكومة جديدة بعد مضي ثلاثة أشهر على إجراء الانتخابات إلى تشدّد الاتحاد الوطني في مطالبته بمواقع في السلطة وبحقائب وزارية خارج نطاق استحقاقه الانتخابي باعتباره صاحب المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد البرلمانية التي حصل عليها.

ويجاهر الحزب الذي يرأسه بافل طالباني صراحة بعدم رغبته في الاكتفاء من المواقع الرئاسية برئاسة البرلمان ويطالب برئاسة الإقليم أو رئاسة حكومته رافعا شعار “تغيير مسار الحكم”.

لكن التطورات الأخيرة التي حدثت في لبنان وسوريا وتمثّلت في هزيمة حزب الله وسقوط نظام بشّار الأسد، وامتدت تداعياتها إلى العراق من خلال تسليط ضغوط دولية على الميليشيات الشيعية العراقية والأحزاب المرتبطة بها، غيّرت جزئيا من وضع الاتحاد الحليف لتلك القوى والتي كثيرا ما استند إليها واستعان بها في صراعاته السياسية.

وبات الاتّحاد نفسه تحت مجهر الملاحظة وانكشف بشكل أكبر أمام ضغوط تركيا التي تُعتَبر الطرف الرابح من التغيير الذي حدث في سوريا على حساب إيران وحلفائها العراقيين، والتي تتهم حزب طالباني بدعم الإرهاب من خلال احتفاظه بعلاقات متينة مع حزب العمّال الكردستاني الذي يخوض حربا ضدّ قواتها منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن.

ولا يستبعد متابعون للشأن العراقي أن تساهم مجمل تلك التطورات والضغوط في تليين مواقف الاتحاد الوطني من عملية تشكيل الحكومة التي تظل بالنسبة إليه مظلّة مهمّة باعتبارها العمود الفقري لسلطات الحكم الذاتي في إقليم كردستان العراق والتي يساهم هو نفسه في إدارتها ويستفيد منها. وخارج نطاق الإقليم يمثّل الإسراع بتشكيل حكومة جديدة مصلحة للحكومة الاتّحادية العراقية بقيادة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني الذي من مصلحته تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار والهدوء في مختلف أنحاء العراق باعتبار ذلك من مسؤولياته كقائد للسلطة التنفيذية، ونظرا أيضا للمخاوف التي تساوره بشأن الفترة القادمة وما قد تشهده من صعوبات سياسية واقتصادية في ظلّ توقّعات بأن تخضع بغداد لضغوط متزايدة من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي آل الحكم فيها مجدّدا إلى الرئيس الجمهوري دونالد ترامب غير المتسامح مع إيران ومن يساعدونها في التهرّب من العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

سعدي أحمد بيره: بعد أن تنهي اللجنة الفنية المشتركة مهامها سيجتمع الوفدان المفاوضان للاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي من جديد
كذلك يبدي المجتمع الدولي والكثير من القوى الغربية الصديقة لإقليم كردستان اهتماما باستقرار الأخير وتماسك سلطاته من خلال وجود حكومة قوية له تمثّل مختلف قواه السياسية الفاعلة.

وقال زيباري الذي يرأس أيضا وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني لمفاوضات تشكيل الحكومة “من الناحيتين السياسية والتقنية هناك تقدم كبير بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني ومعظم الأطراف الأخرى.”

وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن “العملية تحتاج إلى وقت للتفاهم والتنسيق الكامل بين جميع الأطراف، وحتى الآن كل شيء يسير بشكل جيد جدا.”

ولفت إلى أنه تم عقد ثلاثة اجتماعات بين الحزبين وسلسلة من الاجتماعات مع الأطراف الأخرى، مؤكّدا استمرار عقد الاجتماعات التقنية خلال الأيام المقبلة.

وانعقد الثلاثاء في أربيل، مركز إقليم كردستان العراق، اجتماع تقني بين وفدين فنيين من الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني تواصلت خلاله مناقشة مطالب كلّ منهما وآلية عمل الحكومة القادمة.

ويؤشّر التركيز على التفاصيل التقنية والإجرائية على تقدّم ملحوظ ورغبة مشتركة في تجاوز الخلافات السياسية.

وقال سعدي أحمد بيره، المتحدث باسم الاتحاد الوطني، “بعد أن تنهي اللجنة الفنية المشتركة مهامها سيجتمع الوفدان المفاوضان للاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي من جديد.”

وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية أنّ اجتماع الثلاثاء للجنة الفنية المشتركة عقد لتشخيص النقاط الخلافية المتبقية ومعالجتها قبل اجتماع الوفدين التفاوضيين، مشيرا إلى أن “هذه اللجنة مهمتها إعداد مسودة برنامج مشترك للحكم في كردستان وحل النقاط الخلافية، وبالتالي ستكون هذه المسودة مشروعا للعمل المشترك بين الجانبين.”