رووداو ديجيتال
في سوريا حيث حملت الحرب معها جروحاً لا تُشفى، تبرز قصص آلاف العائلات التي لا تزال تبحث عن مصير أحبائها المفقودين في سجون النظام السوري.
وفاء مصطفى، فتاة سورية شابة، واحدة من هذه القصص المأساوية. تختزل وفاء معاناة وطن بأسره في كلمات مؤثرة تحمل معها الأمل والألم، وهي تسعى جاهدة منذ سنوات للعثور على والدها المختفي قسراً.
منذ اختفاء والدها في سجون النظام السوري، تعيش وفاء حالة مستمرة من الحزن والتأمل في الذكريات التي تجمعها به. تقول وفاء: “منذ 8 كانون الأول وحتى اليوم لم أشعر بأي فرح. أتخيل أن أفراد عائلات المفقودين يشعرون بنفس الشعور. إنه جرح لا يمكنك أن تفهم مدى عمقه.”
ورغم مرور السنوات، يزداد الألم مع كل يوم يمضي، حيث يترك الغياب فراغاً لا يمكن ملؤه. تصف وفاء كيف أثرت عودتها إلى من برلين إلى سوريا في حياتها اليومية، قائلة: “عندما كنت في برلين وأفكر في العودة إلى سوريا، كنت أعتقد أنه بمجرد وصولي إلى سوريا، سيكون كل شيء أفضل، لكن في الواقع كل شيء هنا مؤلم للغاية. عندما أسير في الشارع، أتذكر الأماكن التي كنا نذهب إليها أنا ووالدي. يمكنك أن ترى التعب على وجوه الناس.”
لم يتوقف ألم وفاء عند الذكريات فقط، بل أصبح جزءاً من حياتها اليومية وهي تبحث دون كلل عن أي خيط يدلها على مصير والدها. تروي تجربتها بمرارة: “أتنقل كل يوم من فرع أمني إلى آخر، ومن سجن إلى سجن، ومن مستشفى إلى آخر، في محاولة للعثور على أدلة تكشف مصير والدي”، وهذا التنقل بين المؤسسات الأمنية والسجون يعكس رحلة آلاف العائلات السورية التي تخوض معركة شاقة مع الغموض والصمت المحيط بمصير أحبائها.
وفي وسط هذا الألم المستمر، تجد وفاء نفسها تتشبث بأحلام بسيطة لكنها مؤلمة. تقول: “من الصعب أن أقول ذلك، لكنني أحلم فقط بقبر لوالدي، بمكان أذهب إليه في الصباح للتحدث مع والدي، أصبحت القبور أكبر أحلامنا. نحن ندرك أن الأمر صعب، لكننا جميعاً مستعدون للمساعدة.”
تعبر قصة وفاء عن الألم الجماعي الذي يعاني منه آلاف السوريين، لكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على الأمل والقوة التي يحملها هؤلاء الأشخاص رغم كل الصعاب. حلم وفاء بقبر لوالدها يعكس توقها ليس فقط لمعرفة الحقيقة، بل أيضاً لاستعادة شيء من الكرامة والعدالة لوالدها ولكل المفقودين.