ملخص
أثار الاتحاد الديمقراطي المسيحي عاصفة سياسية في البلاد عندما تمكن من تمرير قرار غير ملزم بشأن الهجرة بدعم من أصوات حزب البديل من أجل ألمانيا، وهي أول غالبية من هذا النوع تتشكل في البوندستاغ منذ الحرب العالمية الثانية.

شن المستشار الألماني أولاف شولتز المتأخر في استطلاعات الرأي، الأحد سلسلة هجمات في ملف سياسة الهجرة والاقتصاد ضد منافسه المحافظ الأوفر حظاً في الانتخابات البرلمانية، وذلك خلال أول مناظرة تلفزيونية بينهما.

وأخذ شولتز على منافسه المحافظ فريدريش ميرتس خلال مناظرة تسبق الانتخابات التشريعية المقررة في 23 فبراير (شباط) أنه “لم يفِ بوعده” حين قدم إلى البرلمان مشاريع تلحظ تشدداً في سياسة الهجرة يؤيدها اليمين المتطرف.

وخلال هذه المناظرة الأولى بين المستشار الاشتراكي الديمقراطي والمرشح الأوفر حظاً لخلافته في منصب المستشار، اعتبر شولتز أن مناورة ميرتس “كسرت أحد المحرمات” في السياسة الألمانية، لافتاً إلى أنه “لم يعد يثق” في تعهدات منافسه.

وبعد أن دفع المحافظون في أواخر يناير (كانون الثاني) باتجاه إقرار اقتراح بشأن سياسة الهجرة بدعم من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، قال شولتز لخصمه إنه “لا يمكن لأحد أن يقول كيف سيبدو المستقبل عندما تصبح الأمور صعبة مجدداً”.

من جهته، شدد ميرتس الأحد على أن حزبه الاتحاد المسيحي الديمقراطي لن يتعاون أبداً مع حزب البديل من أجل ألمانيا الذي يحل في المركز الثاني في استطلاعات الرأي خلف المحافظين وأمام الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي ينتمي إليه المستشار.

وقال ميرتس “أود أن أوضح مجدداً هنا أننا لن نقوم بذلك”، مشيراً إلى “عدم وجود أرضية تفاهم” ممكنة بين حزبه وحزب البديل من أجل ألمانيا “المنقسمين” حيال قضايا أساسية مثل “أوروبا وحلف شمال الأطلسي واليورو وروسيا وأميركا”.

عاصفة سياسية

أثار الاتحاد الديمقراطي المسيحي عاصفة سياسية في البلاد عندما تمكن من تمرير قرار غير ملزم بشأن الهجرة بدعم من أصوات حزب البديل من أجل ألمانيا، وهي أول غالبية من هذا النوع تتشكل في البوندستاغ منذ الحرب العالمية الثانية.

وكان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحليفه الاتحاد الاجتماعي المسيحي قد تمكنا الأربعاء من إقرار مذكرة غير ملزمة تدعو للتصدي للهجرة أيدها “البديل من أجل ألمانيا”. لكن محاولة إقرار اقتراح القانون في البوندستاغ الجمعة باءت بالفشل إذ أيد النص 338 نائباً فيما عارضه 350 نائباً وامتنع خمسة نواب عن التصويت.

وتأتي هذه التحركات ضد الهجرة بعد أن عكرت هجمات أوقعت قتلى الأجواء في ألمانيا عقب وصول ملايين اللاجئين الفارين من الحرب وغيرهم من طالبي اللجوء في السنوات القليلة الماضية.

 

إلا أن بداية التقارب بين اليمين واليمين المتطرف، وهو أمر غير مسبوق على المستوى الوطني، دفعت مئات الآلاف من الألمان للنزول إلى الشوارع تعبيراً عن معارضتهم له، كما حدث في ميونيخ السبت وفي برلين قبل أسبوع.

وقد احتلت سياسة الهجرة مكانة بارزة في المناظرة المتلفزة بين المتنافسَين.

“انقلبت الأدوار”

وعلقت مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية بالقول “لقد انقلبت الأدوار”، إذ إن شولتز الذي غالباً ما يُعتبَر خطابه باهتاً جداً، قد رد “بعدوانية نادراً ما نراها”.

وفي معرض تعليقه على بعض مقترحات خصمه بشأن قضايا اللجوء، استشاط شولتز غضباً، سائلاً “كيف يمكن لأي شخص أن يكون غبياً إلى هذا الحد؟”. وأخذ على خصمه المخاطرة بإحداث “أزمة أوروبية” من خلال الدعوة إلى إغلاق الحدود الألمانية.

وعدد شولتز الإجراءات التي اتخذتها حكومته الائتلافية منذ نهاية عام 2021 للسيطرة على الهجرة غير الشرعية، لكن ميرتس اتهمه بأنه “يعيش في عالم آخر” وفي “عالم الخيال”.

ويراهن ميرتس الذي حصل حزبه على نسبة 30 في المئة في استطلاعات الرأي، على أن مقترحاته المتطرفة بشأن الهجرة ستجذب العدد المتزايد من الناخبين الذين يميلون إلى التصويت لليمين المتطرف.

الأزمة الصناعية

وتُلقي الأزمة الصناعية التي تجد ألمانيا نفسها غارقة فيها، بعد عامين من الركود، بثقلها خصوصاً على ولاية المستشار المنتهية ولايته.

وأشار شولتز إلى ارتفاع تكاليف الطاقة الناجم عن الهجوم الروسي لأوكرانيا. ورد المستشار على انتقادات خصمه الذي اتهمه بضرب القطاع الصناعي، قائلاً “لستُ أنا من غزا أوكرانيا”.

وكانت اللهجة أكثر توافقية في ما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية. وفي هذا الإطار، وصف شولتز الأحد مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب القاضي بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة ونقل سكانه إلى بلدان أخرى بأنه “فضيحة”.

تعادل

وعلى غرار مراقبين آخرين، رأى كارستن برزيسكي من بنك “آي أن جي” (ING) أن المناظرة التي استمرت 90 دقيقة انتهت “بالتعادل” و”ربما لم تحرك الحملة الانتخابية بأي شكل فعال”.

وقال إنه على رغم حدة الخطاب بين المرشحَين، فإن “الباب لا يزال مفتوحاً أمام تحالف كبير آخر (بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي) بعد الانتخابات، حتى إن كان مرجحاً أن تكون المفاوضات معقدة”.