تتباين آراء المحامين السوريين حول موضوع استلام فرع النقابة في إدلب للنقابة المركزية بين مؤيد ومعارض، والذي يعتبر من أهم القضايا الخلافية، إلى جانب ملفات أموال النقابة، والوكالات وغيرها. وتؤكد المحامية السورية ميادة سفر أن “النقابة في إدلب هي نقابةُ محافظة، ولا يحق لها استلام النقابة المركزية كونها غير مؤهلة لذلك. إن الفكر الإقصائي يشبه ما كان يفعله نظام الأسد المخلوع، وكان من الممكن أن تبقى النقابة على حالها لغاية انتخاب أعضاء جدد”.
في ذات السياق، يؤكد المحامي ساهر علوان أن مجلس النقابة المؤقت جاء من دون انتخابات، أو حتى مشاورات بالمخالفة لقانون تنظيم المهنة الذي لا يزال متبعاً حتى اليوم، وأن أعضاء فرع إدلب فرضوا سيطرتهم على النقابة كما كان يفعل النظام السابق، من دون اعتبار للقانون أو لأصول العمل النقابي القائم على الاستقلالية. مضيفاً: “زملاؤنا المحامون القادمون من نقابة إدلب استأثروا بكل شيء، وهم يصرون على تسيير النقابة بفكر محدد ومنهج واحد لا ينسجم مع العمل النقابي، ولا مع قانون تنظيم المهنة. أعضاء النقابة يجب أن يكونوا 11 عضواً منتخباً من جميع المحافظات”.
من جانبه، يبرر نقيب المحامين في سورية، أحمد دخان، استلام نقابة إدلب للنقابة المركزية بأن “النقابة كُلّفت شفهياً من الإدارة الجديدة في البلاد بعد سقوط النظام، والمجلس مؤقت لتنظيم أمور النقابة في الوضع الراهن”.
بدورها، تقترح المحامية سوزان الجارودي استكمال النصاب المؤلف من سبعة أعضاء من مدينة دمشق كونها العاصمة، ريثما يجري انتخاب مجلس نقابة جديد. وفي ما يخص مصير أموال النقابة، طرحت الجارودي موضوع تجميد أموال النقابة، بما فيها موضوع الإسعاف والتأمين، إضافة إلى دعاوى الأتعاب الضامنة لحقوق المحامين من موكليهم.
ليرد النقيب دخان مؤكداً أنه “عندما سُلِّمت النقابة، أصدرنا توجيهات بتقييد الحسابات، والتي جرى تحريرها في ما بعد بالتنسيق مع المصرف المركزي لتسليم رواتب الموظفين والمتقاعدين، والنقابة ستصرف منحة للمحامين قريباً، علماً أن صندوق النقابة تأثر خلال الفترة الماضية بعد توقف الوكالات”.
بدورها تبين الجارودي أن “هناك تفعيلاً خجولاً للوكالات بكل أشكالها، فوكالات الزواج المنفذة في المحاكم لا يمكن استكمال تفعيلها في النفوس، إذ أوقف العمل بتنزيل الواقعات لدى السجل المدني، والوكالات المدنية بما فيها وكالات البيع والشراء لا يمكن من خلالها ضمان حقوق المواطنين، كوضع إشارة دعوى على الصحيفة العقارية منعاً للاحتيال، أما الوكالات الجزائية فهي غير مقبولة في أقسام الشرطة، ولدى المراجعة يُطلب حضور الشاكي شخصياً”.

ويوضح النقيب دخان أن “السبب الرئيسي في منع وكالات البيع والشراء هو الضغوط التي تمارس على البعض للإكراه على البيع، وقد وردت العديد من الشكاوى إلى النقابة، التي ارتأت إيقاف الوكالات لضمان عدم تهريب العقارات إلا بإذن خطي من النقابة، وقد أشير إلينا من المصالح العقارية أنها لن تثبت أي عملية بيع دون التحقق من تسلسل المالكين للعقار. وقانون الإيجار القديم سوف يبقى على حاله، والعقارات المستملكة سوف تتحقق النقابة من عائديتها لتردها إلى أصحابها”.
يتابع: “في ما يتعلق بالدعاوى الشرعية والمدنية، فقد صدر تعميم من وزير العدل يطالب كافة المحاكم الشرعية والمدنية بمتابعة قيود دعاويها والنظر في الدعاوى القائمة لديها، مع تخويل المحاكم باتخاذ القرارات والتدابير الوقائية التي من شأنها المحافظة على الحقوق، أو دفع ضرر جسيم لا يمكن تداركه لاحقاً، ولتفعيل دور الضابطة العدلية والجهات التنفيذية، فقد جرى التنسيق مع النائب العام بإعطاء توجيهات بتفعيل الأقسام والنيابات بوجود العديد من وكلاء النيابات”.
وفي ما يتعلق بحل نقابة إدلب المنشأة في اللاذقية زمنَ النظام السابق، وسبب إيقاف عمل محامي إدلب المنتسبين لتلك النقابة، يشير دخان إلى أن “سبب حل هذا الفرع هو مخالفة قانون تنظيم المهنة من حيث إنشاء نقابة خارج المنطقة الجغرافية، وعدم اكتمال نصاب أعداد المحامين المنتسبين إليها، والبالغ عددهم أقل من خمسمئة محامٍ، والمحامون من إدلب يمكنهم إعادة القيد من دون أي عوائق ما لم يكن لديهم مشاكل قانونية”.
يضيف: “يطالب المحامون بعقد مؤتمر استثنائي للهيئة العامة للنقابة للوقوف على مشاكل المهنة، واستجابةً مبدئيةً للمطلب يجري التنسيق مع وزير العدل لعقد جلسة مع المحامين لمناقشة مطالبهم وإيجاد الحلول المناسبة. إنّ المحامي جزء أساسي في شتى مفاصل الدولة، والنقابة لديها جدول أعمال لتحقيق العدالة الانتقالية، إلى جانب موضوع الدستور، ولدينا خبرات متمرسة من أطياف المجتمع السوري كافة، وطلبت النقابة من الحكومة الجديدة ألا تغفل دورها ضمن إطار عمل النقابات في بناء الدولة”.

 

ويوضح دخان أن: “تجربة النقابة في إدلب نجحت عقب إنشاء نقابة المحامين الأحرار، وتطور الأمر لاحقاً مع عقد المؤتمر السوري لحكومة الإنقاذ، وإيجاد ما يسمى مجلس الشورى العام، والذي ضم كل الفصائل وأطياف المجتمع، فوضع سلسلة من القوانين، من بينها قانون المحاكمات، وقانون السير، إضافة إلى قانون الإدارة، إذ ظهرت الحوكمة، ولم يعد للفصائل دور في الحكم، وبعد إحداث الحكومة والوزراء سارت الأمور بشكل طبيعي حتى وقت التحرير”، مضيفاً: “تجربة إدلب لا يمكن تطبيقها في باقي المحافظات، وبالأخص في دمشق التي تمتلك نسيجاً متنوعاً من عدة أديان وطوائف، ولن تُؤدلَبَ سورية كما يشاع. غايتنا هي تحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاسبة المسيئين، والدولة لا تبنى على الفكر الثوري، ولا يمكننا إقصاء أي من أطياف المجتمع”.
ويستطرد: “في ما يخص تعديل القوانين، لا توجد رؤية حالية للتغيير، لكن من الممكن أن تشكل لجان مختصة لتعديل القوانين التي فيها مخالفات، ولا يمكن إغفال عمل المرأة ومشاركتها في العمل القضائي، فالمرأة ستتابع عملها محاميةً وقاضيةً، ولا صحة لما يشاع حول أن المرأة لن تتولى القضاء لعدم جواز ولايتها، فهناك اختلاف في الآراء الفقهية حول ذلك”.