ينتظر أن يشارك الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع في القمة العربية الطارئة التي تُعقد في العاصمة المصرية القاهرة، في 27 فبراير/شباط الحالي. وأكدت مصادر في دمشق لـ”العربي الجديد” أن الجامعة “وجّهت دعوة للرئيس الشرع لحضور القمة العربية الطارئة أواخر الشهر الحالي” في القاهرة. وكانت مصادر دبلوماسية مصرية قد كشفت، الأحد، لـ”العربي الجديد”، أن القاهرة تلقت إشارات بأن الشرع سوف يحضر إلى القاهرة ممثلاً لسورية، خلال القمة التي دعت إليها مصر، لبحث ملف الوضع في غزة ومواجهة المخططات الإسرائيلية والأميركية بشأن تهجير سكان قطاع غزة. وقالت المصادر نفسها، إنه فور تلقّي الإشارات خلال اتصالات جرت مؤخراً، فإن دوائر مصرية تعكف في الوقت الحالي على ترتيب لقاء على هامش القمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والشرع. وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، الأحد، أن القاهرة ستستضيف قمة عربية طارئة يوم 27 فبراير، لبحث التطورات الخطيرة للقضية الفلسطينية، وذلك في تأكيد لما نشره “العربي الجديد”، قبل أيام. وستكون هذه القمة الطارئة أول حدث سياسي عربي يشارك فيه الشرع منذ توليه رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية، أواخر الشهر الماضي، وقيامه بـ”مهام رئاسة الجمهورية العربية السورية، وتمثيلها في المحافل الدولية”.

دلالات مشاركة الشرع في القمة العربية
وكانت الجامعة العربية قد جمّدت عضوية سورية أواخر عام 2011، بسبب رفض النظام المخلوع التعاون معها في ذلك الحين من أجل التوصل إلى حل سياسي للقضية السورية. واستعاد النظام المخلوع معقد سورية الذي كان شاغراً في الجامعة العربية في عام 2023، إلا أنه واصل تجاهل المطالب العربية لحل القضية السورية، إلى أن سقط في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.

مؤيد غزلان: مشاركة الشرع في القمة العربية دليل واضح على توافق كل الدول العربية المؤثرة على شرعنة الحكومة السورية الجديدة

وتعليقاً على الأنباء عن مشاركة الشرع في القمة العربية الطارئة في القاهرة، رأى الباحث السياسي مؤيد غزلان، في حديث مع “العربي الجديد”، أن هذه المشاركة إيذان بـ”استعادة سورية دورها العربي الفاعل”، مضيفاً: هذه المشاركة دليل واضح على توافق كل الدول العربية المؤثرة مثل السعودية والإمارات وقطر على شرعنة الحكومة السورية الجديدة. وبرأيه، تعد مشاركة الشرع اعترافاً عربياً صريحاً بضرورة إرساء حالة استقرار الأمن الإقليمي الذي فرضته هزيمة نظام بشار الأسد. واعتبر غزلان هذه المشاركة خطوة عربية واسعة لـ”دعم الاستقرار في سورية، والذي يتكامل مع استقرار المنطقة”، مضيفاً: هذا الاستقرار يتطلب رفد ودعم الانتقال السياسي والاقتصادي لبناء سورية الجديدة. وتابع: “تشكل سورية اليوم فرصة استثمارية مهمة للشركات العربية، ولا سيما في ملف إعادة الإعمار. الدول العربية هي الأحق بالحصة الأكبر من هذا الاستثمار. أعتقد أنها المرة الأولى التي يتكامل فيها الاستقرار الأمني لدول المنطقة مع ضرورة إرساء الاستقرار الاقتصادي والسياسي في سورية”.

بحث عن دعم سياسي
ومن المتوقع أن يغتنم الشرع مشاركته في القمة العربية الطارئة للحصول على دعم سياسي من الدول العربية، خصوصاً لجهة دفع الغرب إلى رفع العقوبات التي كانت مفروضة على سورية إبّان النظام المخلوع. وبادرت دول عربية إلى تقديم مساعدات إنسانية إلى الشعب السوري، وفي مقدمتها قطر والسعودية، وهو ما عكس اهتماماً عربياً واسعاً بتحقيق الاستقرار في سورية بعد سقوط نظام الأسد. كما يُعتقد أن الشرع سيغتنم المشاركة في القمة العربية للحصول على دعم عربي واسع ضد التغول الإسرائيلي في جنوب سورية بُعيد سقوط نظام الأسد، والذي وصل حد احتلال أراض سورية جديدة منها قمة جبل الشيخ بريف القنيطرة. كما نفذت إسرائيل، عقب سقوط الأسد، أكبر حملة قصف جوي في تاريخها مستهدفة غالبية القدرات العسكرية السورية، من أسلحة وذخائر ومراكز بحوث عسكرية ومستودعات ومطارات ومقار عسكرية، في خطوة الهدف منها تحييد سورية عسكرياً لعقود قادمة.

أحمد القربي: من غير المستعبد إدراج موضوع الاعتداءات الإسرائيلية في جنوب سورية في جدول أعمال القمة العربية الطارئة

ورأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه من غير المستعبد إدراج موضوع الاعتداءات الإسرائيلية في جنوب سورية في جدول أعمال القمة العربية الطارئة والمخصصة للبحث في الشأن الفلسطيني، بناء على طلب الحكومة السورية، مضيفاً: “دمشق بالتأكيد تريد على الأقل تعاطفاً عربياً معها ضد هذه الاعتداءات، وتعميق الإدانة العربية للتغول الإسرائيلي”. وأشار إلى أن “طبيعة موضوع القمة المرتقبة ومكانها تعكسان أهمية مشاركة سورية”، مضيفاً: “توجيه الدعوة للرئيس الشرع بداية كسر الجليد بين مصر والإدارة الجديدة في سورية”. وأعرب عن اعتقاده أن حضور الشرع “اعتراف رسمي عربي بشرعية الإدارة الجديدة، وهذه خطوة واسعة باتجاه حصول هذه الإدارة على اعتراف دولي بها ممثلة للجمهورية العربية السورية في الأمم المتحدة”.

من جهته، رأى المحلل السياسي بسام السليمان، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “مشاركة الشرع فرصة لعقد لقاءات مع رؤساء الدول العربية الوازنة ومنها مصر”. وتابع: “باستثناء العراق، هناك انفتاح في المشرق العربي على الإدارة السورية الجديدة، ولكن الدول العربية في القارة الأفريقية ما تزال مترددة، لذا فإن مشاركة الشرع في القمة ستكون فرصة للتقريب بين سورية الجديدة، والدول العربية”.

وفي أول وجهة خارجية له بعد تنصيبه رئيساً للبلاد، زار الشرع السعودية في 2 فبراير الحالي، في رسالة واضحة على تعويل حكومته على الدعم العربي السياسي والاقتصادي لتجاوز أزمات جمة تمر بها سورية. كما زار وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني فور تسلمه مهامه ثلاث عواصم عربية هي الدوحة والرياض وأبوظبي، في تأكيد أن توجه الإدارة السورية الجديدة السياسي يقوم على تدعيم العلاقات مع الدول العربية كافة.