أعلنت وزارة الدفاع التركية، أول من أمس الثلاثاء، تحييد (الذي يعني إما قتل أو جرح أو أسر) عنصرين، قالت إنهما ينتميان إلى “حزب العمال الكردستاني” في شمال سورية، مشيرة في بيان إلى أنها “حيّدت الإرهابيين بعدما أطلقا النار على منطقة عملية درع الفرات (شمال حلب) لزعزعة الأمن والاستقرار”. في السياق، ذكرت وسائل إعلام تركية أن الجيش التركي “حيّد قيادياً في حزب العمال الكردستاني، وهو عضو في وحدات حماية الشعب، في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرقي سورية، يوم الإثنين الماضي. وأشارت إلى أن القيادي، الذي لم تسمّه، كان مسؤول منطقة عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي الشرقي. وأضافت أن القيادي أعطى تعليمات لاستهداف قوات تركية في منطقة عمليات “درع الفرات” في يوليو/تموز 2021، أسفرت عن مقتل جنود أتراك.
وسبق أن قُتل قيادي بارز في “مجلس منبج العسكري” التابع لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، الجمعة الماضي، جراء انفجار سيارة كان يستقلها في مدينة منبج، شرقي حلب، عقب استهدافها بمسيّرة تركية. وذكرت مصادر إعلامية تابعة لـ”قسد” أن القيادي هفال أبو جوان قُتل في حيّ الغسانية بمدينة منبج بريف حلب، مشيرةً إلى أنه كان مسؤول مكتب عائلات المقاتلين في “مجلس منبج العسكري”.
وكانت وسائل إعلام تركية قد أكدت، الخميس الماضي، مقتل فخر الدين طولون، المعروف بالاسم الحركي خيري سرهات، إثر غارة جوية اركية استهدفت نقطة عسكرية لـ “قسد” في محيط منطقة الرميلان في ريف الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية. وذكرت هذه الوسائل أن القتيل كان مدرجاً على النشرة الحمراء للإنتربول، وكان يتولى إمداد “الكردستاني” بالأسلحة الثقيلة في سورية والعراق وإيران منذ عام 1992.
المسيّرات التركية تشل حركة “قسد” و”الكردستاني”
وحول هذه التطورات، رأى المحلل السياسي التركي طه عودة في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الحرب الحالية بين تركيا وقوات قسد وحتى حزب العمال الكردستاني هي حرب مسيّرات منذ مطلع العام الحالي”، مضيفاً أن “تركيا نجحت إلى حد بعيد في شل حركتهما ولكن لم تقض عليهما”.
من جانبه، اعتبر الباحث في مركز “جسور للدراسات” رشيد حوراني في حديث مع “العربي الجديد”، أن تركيا “بدأت باستهداف شخصيات وأهداف تابعة لقسد بشكل فعلي ومكثف منذ مطلع العام الحالي”، مضيفاً أن “الحرب الجوية التي يشنها الجيش التركي ضد قسد في شمال شرقي سورية، تحصل بسبب عدم تمكن أنقرة من شن عملية عسكرية برية ثالثة ضد قسد، ويبدو أنها مستمرة باستخدام المسيّرات إلى حين توفر الظروف المناسبة لتنفيذ توغل بري”.
وأضاف حوراني أن “حرب المسيّرات تعتمد على معلومات دقيقة، وتستهدف شخصيات قيادية ومنشآت اقتصادية كمعامل البلوك (الاسمنتي) التي تستخدم كمداخل للأنفاق ولتأمين المواد اللازمة لبناء الأنفاق”. ورأى أن “الجيش التركي حقق من خلال حرب المسيّرات والمعلومات أمرين: الأول شلّ قدرة قسد وتحركات قادتها، وهو ما نلاحظه بانعدام استهداف المخافر الحدودية التركية أو الرمي تجاه الداخل التركي، والثاني استنزاف قسد في وقت تعاني فيه هذه القوات من اضطراب وعدم استقرار داخل مناطقها، يتمثل بانتفاضة العشائر في ريف دير الزور الشرقي”.
رفض أميركي وروسي للعملية البرية
وتشن تركياً حرباً من خلال المسيّرات على “قسد” في ظل رفض موسكو وواشنطن أي عملية برية في شمال وشمال شرقي سورية. وحيدت أنقرة الكثير من قياديي الصف الثاني في “قسد”، كما حاولت تصفية القائد العام لهذه القوات مظلوم عبدي، إلا أنها فشلت.
رشيد حوراني: ستستمر تركيا بحرب المسيّرات حتى توفر ظروف القيام بتوغل بري
وشنّت تركيا حملة قصف جوي بالمسيّرات، عُرفت باسم عملية “المخلب ـ السيف” ضد “وحدات حماية الشعب الكردية”، الثقل الرئيسي لقوات “قسد” في شمال وشمال شرقي سورية، بعد اتهامها بتدبير التفجير الذي وقع في شارع الاستقلال بإسطنبول في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وأسفر عن 6 قتلى، وهو ما نفاه مسلحو “قسد” في حينه. وصعّدت أنقرة من حربها الجوية ضد “قسد” إثر هجوم بالقنابل شنه مسلحان على إحدى بوابات مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية التركية بمنطقة قزلاي (وسط العاصمة أنقرة)، تبناه “الكردستاني”، في 1 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وسبق للجيش التركي أن شنّ عمليتين عسكريتين ضد “قسد”، الأولى في غرب الفرات في مطلع عام 2018، وأجبرها على الانسحاب من عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، باتجاه تل رفعت، شمالي حلب. أما العملية الثانية، فشنّها في أواخر عام 2019 في شرق الفرات، مُبعداً “قسد” عن تل أبيض ورأس العين شمال شرقي سورية.