يترقب في الشارع الكردي السوري، بكثير من الأمل والقلق، الكلمة أو الخطاب الذي من المنتظر أن يلقيه الزعيم الكردي عبد الله أوجلان المسجون في جزيرة إمرلي التركية منذ سنة 1998، وتحديداً في 15 فبراير/ شباط من ذلك العام. ومن المتوقع أن يلقي أوجلان كلمته يوم غد السبت المصادف للذكرى 27 لاعتقاله، حيث ينتظر أن يحدد فيها مصير سلاح حزب العمال الكردستاني والعلاقة بين الحزب والكرد من جهة، والحكومة التركية من جهة ثانية، إضافة إلى نشاط الحزب في الدول الإقليمية الأربع: سورية، والعراق، وإيران، وتركيا، فضلاً عن منطقة الاتحاد الأوروبي.

ومن المتوقع أن تتناول كلمة عبد الله أوجلان أيضاً العلاقة بين حزب العمال الكردستاني الأم وحزب الاتحاد الديمقراطي (الفرع السوري)، والذي تتبع له “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، عبر نقطتين أساسيتين، وهما العلاقة بين قسد والمجلس الوطني الكردي وآليات الحوار، وكيفية الوصول إلى موقف ووفد موحد لمعالجة المسألة الكردية في سورية من جهة، والعلاقة بين قسد ودمشق ومساراتها من جهة أخرى. ويتخوف الشارع الكردي بأن تذهب الخيارات نحو خلافات كردية – كردية من جهة، ونحو تصادم بين قسد ودمشق عسكرياً من جهة أخرى.

وأعرب محمود حبيب، الناطق الرسمي باسم “قوات الشمال الديمقراطي” المنضوية في “قسد”، عن اعتقاده بأن الكلمة ستحمل رؤية تصالحية مع تركيا، وبالنسبة للأكراد في سورية فهم ليسوا في حالة عداء معه أو مع أي حزب داخل تركيا. وقال حبيب: “حالة العداء مع تركيا هو من افتعلها، وقسد في الأساس ليست جزءاً من حزب العمال، ولا تتبع سياسات حزب العمال، فلا يوجد انقسام ولا يوجد رفض أو قبول”، معتبراً أن الأمر داخلي تركي بحت.

 

وقال: “الموضوع لا يعنينا نهائياً. قد يكون بيننا تشابه في الأيديولوجيا والأفكار، لأن عبد الله أوجلان رجل مفكر وصاحب مبدأ وصاحب نظرية سياسية قد يتبناها الكثيرون، ونحن جزء من الناس الذين تبنوا هذه القضية”، مستدركاً بالقول: “إن تبني الفكرة لا يعني تبني العمل الميداني في تركيا، وهذه الحقيقة التي لا علاقة لنا بها”، ذلك أن “فكرة الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب هي الفكرة التي يمكن أن يتبناها أي شخص في العالم”.

وحول تأثير كلمة عبد الله أوجلان المحتمل على الوضع في سورية، رأى أنه إذا حصل توافق بين أوجلان والحكومة التركية، فسوف يكون لذلك تأثير إيجابي على علاقة تركيا مع الأكراد في سورية والعراق وعلى المنطقة بالكامل، والعكس صحيح أيضاً. واعتبر أن “وجود بعض الكوادر التابعين لحزب العمال الكردستاني في سورية، وجود علني ولا يدخل في باب التآمر أو يعني الدخول في اللعبة السياسية الداخلية في تركيا، لأن دخولهم كان بغرض الدفاع عن مناطق في سورية من تنظيم داعش”، مشيراً إلى أنه انضم إلى الأكراد في سورية أشخاص من جميع الجنسيات ومن كل دول العالم لمحاربة تنظيم “داعش”، خاصة في معركة عين العرب (كوباني) بما في ذلك قوات من “البيشمركة” (إقليم شمال العراق) ومن أوروبا.

واعتبر أن هذه المشاركة لا تعني أن قوات “قسد” باتت في حالة اندماج مع حزب العمال الكردستاني أو أنها تتبنى ما يقوم به حزب العمال الكردستاني في الداخل التركي. ولفت إلى أن قائد “قسد” مظلوم عبدي أوضح أن جزءاً من هؤلاء المقاتلين عادوا إلى تركيا وجزءاً آخر قرر البقاء والاستمرار في نضاله ضد تنظيم “داعش” تحديداً، وبعلم قوات التحالف الدولي وتحت الأضواء وليس في الظل.

ورأى حبيب أن تركيا تجعل من هذه القضية قضية كبيرة وقضية تمس الأمن القومي التركي، وهي كانت فقط لحماية الأمن القومي السوري، وفق تعبيره. وأكد أن قوات “قسد” قيادة ومقاتلين “هم من أبناء الشعب السوري، وقد تشكلت هذه القوات على الأرض السورية لخدمة مشروع وطني سوري دافع عن كل أطياف الشعب ضد تنظيم “داعش” بالتعاون مع قوات التحالف الدولي، وأن ما يحدث في تركيا شأن داخلي ليس لنا به أية صلة”.

وجدد استعداد “قسد” لإقامة علاقات حسن الجوار مع الجانب التركي، وأنها بعثت برسائل بهذا الخصوص عبر أطراف دولية كبيرة وإقليمية مهمة، أبدت فيها استعدادها لمعالجة المخاوف التركية والقيام بإجراءات بناء الثقة، ولكن الجانب التركي هو الذي يرفض حتى مناقشة الموضوع، معرباً عن أمله بأنه في حال حصول المصالحة الكبرى في تركيا أن تنسحب هذه المصالحة على التفاهم مع “قسد”، وتكون العلاقات مع تركيا قائمة على الاحترام المتبادل وحسن الجوار.

وحول مصير المفاوضات بين “قسد” والقيادة السورية في دمشق، قال حبيب إنها تجري بعيداً عن الإعلام بهدف إنجاحها، وهي شاملة لكل النقاط التي ستنعكس إيجابياً على الوضع السوري عموماً، وهناك تقدير واحترام متبادل بين الطرفين، وفق قوله. وحول سلاح “قسد”، وهل ستضعه تحت تصرف الدولة السورية أم لا، قال حبيب إن جعل هذا السلاح جزءاً من سلاح الدولة يحقق المعادلة والتوازن بشكل أفضل، ويمنع حدوث فراغ أمني خطير، وهذا ما تبحثه لجان المتابعة، مؤكداً رغبة الطرفين في الوصول إلى التفاهم ورفض دمشق لفكرة الحرب أو المواجهة.

من جهته، توقع عبد الحليم سليمان، وهو صحافي كردي سوري، أن يتحدث عبد الله أوجلان عن الأوضاع في سورية أيضاً، معتبراً أن حزب العمال الكردستاني بزعامة أوجلان فريق منسجم ويعمل وفق رؤية واستراتيجية واضحة في الداخل التركي، ومن ثم السيناريوهات المطروحة هي حل القضية الكردية في كل بلد، وفق الاعتراف الدستوري بها في هذا البلد، على أن يتاح للمكون الكردي في كل بلد إدارة أمورهم والمشاركة في حكم البلاد بشكل ديمقراطي وتشاركي.

وأما ما يخص قوات “قسد” في سورية، فاعتبر سليمان أنها تتوافق إلى حد ما مع الأيديولوجيا التي يتبناها حزب العمال الكردستاني، وستطالب من ثم بالديمقراطية لسورية ضمن دولة ديمقراطية تعترف بالجميع ويشارك فيها الجميع تقوم على التعددية واللا مركزية، وتوفر لشمال وشرق سورية شيئاً من الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي ضمن وحدة البلاد.