كان لافتاً إجتماع “الترويكا” الرئاسية في قصر بعبدا، بعد التأكد من أن العدو الاسرائيلي الذي إنسحب جيشه أمس الأول من عشر بلدات حدودية، سيبقى متمركزاً في 5 مرتفعات استراتيجية على طول الحدود الأمامية لفترة طويلة ومن دون تحديد مهلة زمنية، في وقت لم تفلح الاتصالات التي بذلت على مستويات عدة، ومع الولايات المتحدة وفرنسا، الراعيتين لاتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني الماضي. واللافت في اللقاء الثلاثي، ليس إعادة تظهير “الترويكا” وتعويمها وحسب، بل ما صدر من بيان عن الرؤساء الثلاثة شكل “خريطة طريق” لجهة التعاطي مع المرحلة المقبلة وآلياتها، من خلال “الخيار الديبلوماسي”، تتويجاً لموقف رئيس الجمهورية بأن “لا أحد يريد الحرب”.
واللافت أيضاً أن هذا الموقف لم يصدر عن السلطة التنفيذية المتمثلة في مجلس الوزراء مجتمعاً، بل رتب اللقاء الثلاثي، ليكون الرئيس نبيه بري مشاركاً شخصياً (بما يمثله من ثقل على الصعيد الشيعي، فضلاً عن أنه كان المفاوض باسم لبنان وبتفويض من “حزب الله” على إتفاق الهدنة)، ما يؤكد موافقة “حزب الله” على مضمون البيان الصادر عن اللقاء وحيثياته، خصوصاً وأن البيان تضمن نقاطاً على نقيض خطاب الحزب ولمساته السياسية. فقد أكد المجتمعون “ضرورة الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، التزاماً بالمواثيق والشرع الدولية، وبقرارات الأمم المتحدة وفي مقدمها الـ 1701، والتزام لبنان الكامل بهذا القرار بكامل مندرجاته وبلا أي استثناء”، كما شددوا على دور الجيش اللبناني واستعداده التام وجهوزيته الكاملة لاستلام مهامه كافة على الحدود الدولية المعترف بها”. وخلص المجتمعون إلى التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، الذي أقر القرار 1701، لمطالبته باتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة الخروق الاسرائيلية وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية.
تؤكد المصادر المتابعة في هذا السياق أن قبول الحزب بالخيار الديبلوماسي، خلافاً لكل تهديداته بالرد بعد إنتهاء المهلة الممدة “لفترة السماح”! ناتج عن إدراكه ورضوخه مرغماً بالموازين الجديدة المحلية كما الاقليمية، التي لم تعد تتيح للحزب “التذاكي” أو “اللعب على الوقت”، خصوصاً بعدما أمهلت إدارة الرئيس دونالد ترامب الحكومة اللبنانية شهراً واحداً لانتشار الجيش اللبناني، ونزع سلاح “حزب الله” والسلاح الفلسطيني في المخيمات، وإلا سيتم إدراج لبنان تحت الفصل السابع، وإرسال قوات دولية لتنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، على الرغم من نفي وزير الخارجية يوسف رجي هذا الأمر، مؤكداً أنه “لم يتم إبلاغ لبنان رسمياً من الولايات المتحدة بهذا الشأن”.
لبنان بات أمام معادلة جديدة “الانسحاب الاسرائيلي الكامل، مقابل نزع كل سلاح حزب الله”، وما يزيد الضغوط والتحديات على لبنان، ربط أي مساعدات أو استثمارات دولية، بتنفيذ الحكومة التزاماتها أو البدء بتنفيذ هذه التعهدات. وفي وقت تضغط عملية إعادة الاعمار على الدولة بكل مكوناتها، يحمّلها الحزب مسؤولية عملية الاعمار، متنصلاً من حرب الـ 65 يوماً التي زجّ فيها البلاد في إطار معركة “إسناد غزة” بما خلفته من تدمير هائل، وهو ما يفوق قدرة دولة أو دول منفردة، ما لم يتبنَّ المجتمع الدولى خطة شاملة ومشتركة لهذه العملية المكلفة والشائكة.
إشترك بالقائمة البريدية
البريد الإلكتروني
إشترك الأن
شارك المقال
Facebook
مواضيع قد تهمك:
محاولة اسرائيلية لتهويد موقع العباد… بمزاعم دينية
2025-02-20
السوريون الشيعة ضحية مغامرات “الحزب”!
2025-02-20
تفاؤل بـ”الاتصالات”… تحديات كثيرة لادارة “كنز” لبنان
2025-02-20
جنوب لبنان
بعد الحرب… البيوت الجاهزة أصبحت ملاذ المتضررين
2025-02-20
موقع لبنان الكبير
جميع الحقوق محفوظة لـ لبنان الكبير © 2023
من نحن
خدمة الواتساب
سياسة الخصوصية
إتصل بنا
notification icon