جدّد المجلس الوطني الكردي انتقاده الجلسات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، وذلك عقب انعقاد الجلسة الخاصة بأبناء محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، اليوم الخميس 20 فبراير/ شباط. ومع تأكيد المجلس تأييده الحوار الوطني السوري، واعتباره مدخلًا لصياغة مستقبل البلاد، قال في بيان له إن “تغييب الحركة السياسية الكردية عن جلسات الحوار الوطني يمثل إخلالًا بمبدأ الشراكة الوطنية، إضافةً إلى كونه تجاهلًا لدور مكوّن رئيسي من الشعب السوري، عانى من سياسات التمييز والإقصاء لعقود، وحُرم من حقوقه المشروعة في ظل الأنظمة المتعاقبة”.
ولفت البيان إلى أن الحركة السياسية الكردية “لديها رؤية متكاملة تعكس معاناة الشعب الكردي، مع القدرة على تقديم حلول واقعية لمعالجة قضاياه في سورية ضمن إطار وطني جامع”. وأكد أن “أي حوار وطني يُعنى بمستقبل سورية لا يمكن أن يكون مثمراً وجاداً دون مشاركة فعلية لمختلف المكونات، بما فيها الشعب الكردي وقواه السياسية”. وأشار البيان إلى أن “الحوار الشامل، القائم على مبادئ الشراكة والاعتراف المتبادل، هو السبيل الوحيد لإرساء دعائم سورية جديدة، تُبنى على أسس العدل واحترام التعددية السياسية والمواطنة المتساوية، بعيداً عن أي إقصاء أو تهميش للقوى الوطنية”.
وعقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، اليوم الخميس، في العاصمة دمشق، جلسات حوارية لأبناء محافظات الحسكة والرقة وريف دمشق، شارك فيها العديد من أطياف المجتمع في المحافظة. وتعليقاً على الجلسة الحوارية، قال شلال كدو، عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي في سورية، إن “المجلس الوطني الكردي في سورية أولويته هي الحوار، ولا يوجد على أجندته سوى الحوار مع العهد الجديد في سورية، إذا جاز التعبير”. وتابع: “لكن يجب أن يكون حواراً وفق آليات تناسب السوريين وتحظى بقبول الجميع”.
موقع انفجار في منزل في بلدة النيرب نتيجة مخلفات حرب – ريف إدلب الشرقي – شمال سورية – 20 فبراير 2025 (فيسبوك)
قضايا وناس
مقتل 7 من عائلة واحدة في انفجار مخلفات حرب شمالي سورية
وأضاف كدو: “نرى أن هذا الشكل من الحوار، الذي خُصّت به محافظة الحسكة، لا يعبر عن واقع الحال في المناطق ذات الغالبية الكردية، سواء في محافظة الحسكة أو غيرها من المحافظات، إذ لا يجوز تهميش الممثلين الحقيقيين لثاني أكبر مكوّن في البلاد من جلسات الحوار، وكذلك من المؤتمر المزمع انعقاده في الأسابيع القليلة المقبلة، كما أن أي تهميش أو إقصاء للمكوّن الكردي من الحوارات سيجعل من هذه العملية برمتها، برأينا، عقيمة وغير مجدية، وبالتالي يجب أن يكون الحوار بين ممثلي المكوّنات، بين ممثلي فئات الشعب السوري برمته”.
وفي توضيح لما جرى في الجلسة الحوارية الخاصة بأبناء محافظة الحسكة التي عقدت في العاصمة دمشق، قال المدرس الجامعي فريد سعدون لـ”العربي الجديد” إن الجلسة لم تكن مؤتمراً، وإنما جلسة تشاورية، ولفت إلى أن اللجنة التقت بأبناء محافظة الحسكة الذين جرى اختيارهم انتقائياً وليس بطريقة ممنهجة. وأوضح سعدون أنه “خلال الجلسة، عبّر الجميع عن آرائهم، ولم يكن هناك من يمثّل طائفة أو حزباً، بل تحدث الجميع بأسمائهم الشخصية، وكانت الجلسة عبارة عن حوار مفتوح بين الحضور”.
ووفق وكالة “سانا”، تطرقت مداخلات المشاركين إلى قضايا أهمها وحدة الأراضي السورية والعدالة الانتقالية وصياغة دستور جديد لسورية، مع ضمان التعددية السياسية عبر قانون لتشكيل الأحزاب إضافة إلى فصل السلطات واستقلالها ورفض المشاريع الانفصالية وإصلاح المؤسسات، مع التأكيد على دعم الحريات الشخصية والعامة وغيرها من النقاط.
انتقادات على الإعلان وعدد الدعوات
كذلك، وجهت انتقادات عدة للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني بخصوص آلية اختيار المشاركين في الجلسات التحضيرية للمؤتمر في العديد من المحافظات، آخرها محافظة ريف دمشق. ومن بين الانتقادات التي طاولت اللجنة هي مواعيد انعقاد الجلسة ضمن العاصمة دمشق. في الخصوص، يرى الكاتب مجد أمين، المنحدر من ريف دمشق، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن اللجنة لم تدع الفاعلين في محافظة ريف دمشق إلى الجلسة الحوارية التي جرت اليوم، و”هذا الأمر لا يراعي النخب والنشطاء الفاعلين في مجالات السياسة والاقتصاد وكافة المجالات من أبناء المنطقة”.
وأضاف أمين أن العديد من البلدات في ريف دمشق لم يصل إليها أي خبر عن تاريخ أو مكان انعقاد الجلسة، إنما عرفت ذلك من خلال وسائل الإعلام، وقال: “ريف دمشق، من حيث المساحة، هو من أكبر محافظات القطر، وتتوفر فيه العديد من الأماكن الصالحة لإقامة مثل هذا اللقاء”. وتابع: “لمسنا تهميشًا كاملًا، ولم نعرف من الذي رشّح الأسماء للحضور، ولا المعيار الذي اعتمد، فالأمور تسير بضبابية كبيرة. تواصلنا مع مكتب حسن الدغيم، وهو أحد أعضاء اللجنة الرئيسيين، منذ أيام، وتواصلنا معه اليوم، لكن من دون أن نحصل على رد”. وأردف: “القضية بالنسبة إلينا ليست مجرد مشاركة أو عدم مشاركة على مستوى الأفراد، بل إن ما يثير الاستياء هو غياب المقياس والمعيار الواضح لاختيار الحضور”.
وتعتمد اللجنة التحضيرية آليات يجرى من خلالها توجيه دعوات للمشاركين في الجلسات الحوارية، وفق ما أوضح حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة، حيث بيّن لـ”العربي الجديد” أن “التمثيل الشرعي لا يكون إلا عبر صناديق الاقتراع، لكن كون هذا الخيار صعباً في الوقت الحالي لصعوبة إجراء الانتخابات، تعتمد اللجنة على الاجتهاد الجماعي ومقارنة قوائم الشخصيات المطروحة للمشاركة”.
وتعتمد اللجنة في توجيه الدعوات، وفقًا للدغيم، على السؤال والتزكية والطعن، ولديها لجنة مختصة بالطعون، فضلًا عن التشاور مع المواطنين وأعيان المجتمع ومن أسماهم “المناضلين الكبار” في اختيار الأشخاص المدعوين لحضور الجلسات التحضيرية، مؤكدًا أنه “لا دعوات توجه للموالين سابقًا لنظام الأسد”.