اليوم يلامس جمهور “حزب الله” الواقع ويحتك به. هو يوم تشييع سيده حسن نصر الله الذي كان يمثّل “غالبية الحزب” إن لم يكن “كلّه”. ويوم إدراك حقيقة أن الدولة وحدها تستمر مهما بلغت قوة أي حزب “فلا أحد أكبر من بلده”.
هو يوم سيسمح لأنصار الحزب وما تبقى من قيادييه بقلب الصفحة ورسم مرحلة جديدة عنوانها العودة إلى الدولة، إلا اذا نجح المتشددون في دفع الحزب إلى العودة للوراء بعيداً عن منطق الدولة والشراكة من أجل صناعة لبنان جديد. هو يوم وبعدها يكون الحزب أمام فرصة هو وجمهوره بأن يبعدوا صفة التعطيل والتسلح والأجندات الخارجية عنهم ويلتحقوا بقطار لبنان، وإلا فإن النهاية لن تطال الجناح العسكري فحسب، بل ستنسحب على جناح سياسي بات مترهلاً من مضمونه السياسي وحججه ويتوجب عليه الانصراف الى اعادة قراءة الواقع الجديد وتقييمه. لهذا فإن السؤال يتمحور حول اليوم التالي، في ظل مناطق مدمرة وأرزاق تهاوت والمصلحة تقتضي العودة.
هو يوم لتشييع المحور ووحدة الساحات، ولفكرة الخروج عن الدولة.
تزامناً، يشهد لبنان إجراءات أمنية غير مسبوقة، بحيث رفع الجيش اللبناني وبقية الأجهزة الأمنية جاهزيتهم إلى 100% عقب اجتماع أمني رفيع في القصر الرئاسي، وشكّلت غرفة عمليات للتنسيق مع كلّ الأجهزة الأمنيّة مواكبة للتشييع اليوم.
وأعلنت السلطات عن خطة أمنية تشمل إغلاقاً مؤقتاً لمطار رفيق الحريري الدولي، بالاضافة إلى تدابير أمنية مشددة في المدينة الرياضية ببيروت حيث سيُقام التشييع. كما فرضت إجراءات استثنائية لتنظيم حركة المرور وإغلاق بعض الطرقات وفرض قيود على وقوف السيارات في المناطق المحيطة. في حين احتشد أنصار الممانعة من كل أنحاء لبنان، في مواكب سيارة على كل الطرقات ملوحين بالعلم الايراني، ومطلقين هتافات مستفزة، علّهم يستجلبون إشكالاً في منطقة ما كمحاولة لتثبيت بروباغندا المظلومية.
وفي وقت لم تحسم هوية المشاركين من خارج اطار الطائفة الشيعية، باستثناء ثلاثة نواب من تكتل “لبنان القوي” ومطران صيدا مارون العمار ممثلاً مجلس البطاركة الكاثوليك، أفادت وسائل إعلام إيرانية، بأن رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف سيشارك في التشييع. أما الرئيس نبيه بري الذي تعفي مشاركته الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام من تلبية الدعوة، فهو بدوره يترك أمر مشاركته للحظات الأخيرة بسبب الظروف الأمنية، علماً أن حضوره شبه مؤكد.
في بعبدا، جدد الرئيس عون الطلب من الولايات المتحدة الأميركية، الضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها من النقاط التي لا تزال تحتلها في الجنوب، داعياً إلى مواصلة الادارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، تأمين دعم الجيش اللبناني بالتجهيزات والمعدات التي تمكّنه من تنفيذ المهام الموكلة إليه في الجنوب وسائر المناطق اللبنانية.
مواقف عون جاءت خلال استقباله وفد الكونغرس الأميركي برئاسة داريل عيسى، بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون، وكان تأكيد على وقوف الولايات المتحدة إلى جانب لبنان ودعمه. وبعد اللقاء، أعلن السيناتور عيسى أن تطبيق القرار 1701 والانسحاب الاسرائيلي الكامل من لبنان “قد يأخذان بعض الوقت للانتهاء من تدمير مخازن الأسلحة والأنفاق التابعة لحزب الله”. ولفت إلى أنه تم التطرق إلى التحدي الحالي بالسيطرة على البلد بكامله والالتزام الكامل بالقرار 1701 من كل الأطراف، وربما الأهم “الاعتراف بأن العالم أجمع ينتظر الفرصة للقيام باستثمارات في لبنان يستفيد منها لاعادة الازدهار إليه”.
ولا تزال الخروق الإسرائيلية مستمرة في الجنوب حيث سجل إطلاق نار من الجيش الاسرائيلي على سيارة عند أطراف بلدة حولا، ما تسبب في اشتعالها. وأفيد عن قيام القوات الاسرائيلية بإطلاق النار على جرافات تابعة لمجلس الجنوب التي تعمل على فتح الطرقات في بلدة ميس الجبل.
اقليمياً، اعتمد رؤساء المجالس والبرلمانات العربية، أمس السبت، “وثيقة برلمانية عربية” لدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، ورفض “مخططات التهجير والضم”، ومواجهة مخططات “تصفية القضية الفلسطينية”.
وجاء اعتماد الوثيقة في إطار أعمال “المؤتمر السابع لرؤساء المجالس والبرلمانات العربية” الذي عقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، تحت عنوان “دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ورفض مخطط التهجير والضم ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية”.
وقال رئيس البرلمان العربي، محمد اليماحي، في كلمته خلال المؤتمر، إن “الوثيقة تتضمن التأكيد على ثوابت الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية وما تمر به من تطورات خطيرة”، مشيراً إلى أنها “تتضمن 17 خطوة، تم التوافق عليها ليقوم بها كلٌ من البرلمان العربي والاتحاد البرلماني العربي والمجالس والبرلمانات العربية خلال الفترة المقبلة، دعماً لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه”.