تشهد الساحة السياسية السورية تطورات متسارعة مع اقتراب موعد تشكيل الحكومة الجديدة، بحيث يترقب السوريون والمجتمع الدولي انعكاسات هذا الحدث على الوضع السياسي والاقتصادي، خصوصاً في ما يتعلق بالعقوبات الدولية المفروضة على البلاد.
وقال أمين سر التحالف السوري الوطني، آرام الدوماني، لموقع “لبنان الكبير”: “إن الحاجة اليوم ملحّة إلى تشكيل حكومة وطنية سورية تعبّر عن تطلعات السوريين، قائمة على الكفاءة، وشاملة لجميع مكونات الشعب السوري. ويعدّ هذا التوجه ركيزة أساسية للمضي قدماً نحو أي خطوة تتعلق بإزالة العقوبات الأميركية أو تعليقها. غير أن الادارة الأميركية لن تبادر إلى اتخاذ هذه الخطوة ما لم تلمس إجراءات حقيقية على الأرض، وأولها تشكيل حكومة تمثل جميع السوريين”.
ملف العقوبات وتحديات المرحلة
يعدّ ملف العقوبات القضية الأوسع نطاقاً، وحلّه يتطلب مقاربة براغماتية وإدارة حكيمة. فإزالة العقوبات ليست مهمة سهلة، إذ ترتبط بجميع قطاعات الدولة السورية. ولا يمكن تحقيق إعادة الإعمار، أو دفع الرواتب، أو العودة إلى نظام “سويفت” المالي الدولي، من دون معالجة الملفات الكبرى، مثل عودة النازحين واللاجئين وتحريك عجلة الاقتصاد. اليوم، يتوقف كل شيء على قرار واحد: تشكيل حكومة تتمتع بمعايير وطنية، تتقاطع فعلياً مع ما تنادي به الادارة الأميركية من تنوع وشمولية، من دون أن تكون ذات لون سياسي واحد.
وفي هذا السياق، ذكر مصدر في منصة سورية ضمن الخارجية الأميركية لموقع “لبنان الكبير” أن تعيين الحكومة القادمة سيكون عاملاً مؤثراً في مسألة رفع العقوبات. وأكد المصدر أن الادارة السورية لم تناقشهم في أي أسماء محددة، وليس لديهم تصور واضح عن شكل الحكومة، لكنهم يترقبون التطورات عن كثب.
ترقب المشهد السياسي
مع حلول الأول من آذار، يترقب السوريون والمجتمع الدولي تشكيل الحكومة السورية القادمة، التي سيكون على عاتقها تحقيق تمثيل شامل لمختلف مكونات الشعب السوري، إضافة إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. ولا يزال الرئيس السوري أحمد الشرع، يدرس خياراته بين عدد من المرشحين لرئاسة الحكومة، بعضهم لم يُكشف عن أسمائهم حتى الآن.
يعدّ ملف العقوبات الدولية التحدي الأبرز أمام الحكومة المرتقبة، بحيث ستتحمل مسؤولية كبيرة على المستويين الدولي والاقتصادي. فمن المتوقع أن تلعب الحكومة دوراً أساسياً في محاولة إزالة العقوبات أو تعليقها مؤقتاً، على غرار ما حدث خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، التي منحت إعفاءً لمدة ستة أشهر لبعض القطاعات السورية.
وكشفت مصادر مقربة من رجل الأعمال أيمن الأصفري لموقع “لبنان الكبير” أنه يتمتع بدعم دولي قوي، خصوصاً من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويمتلك شبكة علاقات مؤثرة قد تساعد في تخفيف العقوبات، شريطة أن تتشكل حكومة كفاءات ذات صلاحيات فعلية. ومع ذلك، أكدت المصادر عدم وجود أي مناقشات مباشرة بين الرئيس الشرع والأصفري حول إمكان توليه رئاسة الحكومة. كما أشارت إلى غياب رغبة تركية في تولي الأصفري هذا المنصب.
صراع الرؤى داخل السلطة
وأوضحت المصادر ذاتها أن هناك حملة موجهة تستهدف الأصفري لإقصائه عن المشهد السياسي، ما دفعه إلى إصدار بيان ينفي فيه صحة الأنباء التي تتحدث عن تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة. وجاء في البيان: “إن الظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا تستدعي تشكيل حكومة انتقالية قائمة على أسس الكفاءة والتمثيل العادل، بحيث تعكس تطلعات جميع أطياف الشعب السوري، من دون تحيز أو محاصصة على أسس عسكرية أو طائفية أو غيرها”.
على الجانب الآخر، تتبنى القيادة في قصر الشعب رؤية مختلفة لمهام الحكومة القادمة، إذ تركز على كونها حكومة تنفيذية وخدمية في المقام الأول، مع ضمان تمثيل جميع مكونات المجتمع السوري، ولكن من دون توسيع صلاحياتها إلى الحد الذي قد يقلل من سلطات الرئيس.
من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” أن هناك عدة مرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، ومن المتوقع أن تباشر مهامها خلال الأيام القليلة المقبلة، فور انتهاء ولاية حكومة تصريف الأعمال. وأكدت المصادر أن المشاورات اقتصرت على الجهات المعنية، بحيث جرت دراسة ملفات المرشحين بدقة لضمان اختيار شخصية تتمتع بالكفاءة اللازمة لهذا المنصب الحساس.
التوقعات لمستقبل الحكومة الجديدة
يحظى عبد الله الدردري بتقدير خاص من الرئيس الشرع، إلا أنه لم يبدِ طموحاً لتولي رئاسة الحكومة. وتشير المصادر إلى أن الدردري هو من رشح أيمن الأصفري لهذا المنصب، وعرض اسمه على الرئيس الشرع، إلا أن المشاورات الداخلية لم تمنح الأصفري دوراً أكبر في المشهد السياسي الحالي.
مع اقتراب موعد الاعلان عن الحكومة الجديدة، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الحكومة قادرة على إحداث تغيير فعلي يفضي إلى رفع العقوبات، أم أنها ستكون مجرد خطوة شكلية لن تغيّر من المشهد السياسي القائم؟