لا يبدو ان الأمور تتجه نحو صوابها ولا حتى إلى حتفها، فالأقدار كما الأمس يتقاسمها كاكا في الجنوب وهفال في الشمال، وأصحاب البيادر والمراعي والغبار في قامشلو البائسة، يتناصفون  حصص الموت وحصص الإهانة من عفرين المستباحة إلى عين ديوار التي تحن لأمجادها في زمن “المحتل” الفرنسي. سلطات ربانية تتباهى بقبضها على مصائر البشر منافسة المقبور صدام حسين والطاغية أتاتورك باني امةً قسرية على جماجم كرد  آرارات. سلطتان تترصدان الهواء ليتقاسما نصيب رئات فقراء الكوجر  وغبار قرى آليان البائسة وأزقة  قدوربك والعنترية. على ضفتي دجلة إهانات تطال العابرين الذين يتوسلون طرق الفرار والهجرة ليظفروا بخيمة تتسع لصور المستضيف وشتائم السلطة التي لفظتهم. على هذه الأرض المحكومة بالإيديولوجيا والعائلة كل البضائع معفية من القيود والأوامر والتعليمات إلا عفة النفس وصحوة الضمير والرئة التي تتنشق عبير الكرامة. على الضفتين أعلام ملونةٌ يعشقها الكرد ويعشقها شهدائهم حين يعتنقون أوهام قادتهم لينتحروا بعد ان يكتشفوا أن الألوان جميعا مشتقةً من الثلاثي المؤبد والمرفوع على قمم جبالهم، أوجلاني أم بارزاني أم تائه حائر أضاع جادة الصواب فاعتنق التمرد وانشد ترنيمته القصيرة ليجلس بعدها على هامش يسرد خيباته ويمزجها ببطولاتٍ لم تكن، لم تفعل ما توجب عليك فعله يا سيدي، ولا نحن فعلنا، توسلنا المستقبل في ماض والأمل في خيبة بائسة. أما كرد السلطة فيسردون على لسان سلطاتهم ،بصورة عامة، بضاعةً يسارية بائدة مشتقة من أوضاع معيشية مزرية. هؤلاء الكرد يصيبهم ثلاث أنواع من الحمى: – حمى اليسار ويصيبهم معظم الأحيان، فيشتمون حماتهم، أمريكا الرأسمالية، الناهبة الماحقة الماكرة…الخ، يدرك جدتي وجدتك، الأحياء منهم والأموات، أنه لولا الأمريكي لما سمحت الشعوب الثلاثة ولا طغاتهم  بقيام أقليم كردستان العراق ولا الإدارة الذاتية في كردستان سوريا. ..- الحمى الثانية: حمى اليأس يصيبهم بعد كل فشلٍ في جلسة حوار مع شخصية معارضة أو طرف معارض، فيلجأون إلى  طغاتهم، يحنون إلى صدام حسين وحافظ الأسد، يسمونه الزمن الجميل!! ربما الجمال النابع من قبضة محمد منصورة الذي كان يحكمهم بالأصفاد والزنازين. – أما الحمى الثالثة فهي حمى الإنتصار  والهزيمة، فيتطرفون في أحلامهم، وعندما ينهزمون ينشدون ملحمة درويش عفدي وعدولة. هناك أسئلة جوهرية تتبع لتشخيص أعراض حمى كرد السلطة: إلى مدى يتدخل الحماة (الأمريكان) في قرارات الإدارة الذاتية وحتى قرارت حكومة إقليم كردستان العراق؟؟ إلى مدى يتحكمون في الموارد الأقتصادية كالنفط والقمح على وجه الخصوص؟……اجزم انه ليس هناك تدخل على الإطلاق…التشخيص عارض نفسي جذوره متلازمة اليسار. السؤال الأخر أين تكمن اساب هزيمة الكرد؟ الموضوعية والذاتية؟ اجزم أيضاً أن القيادات السياسية والعسكرية الكردية تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية ولم يحرم الكرد يوماً من حليف محتمل على مرّ التاريخ، المشكلة في قراءة اللحظة السياسية والاستثمار فيها…..مرض مزمن ووصفة العلاج هي شتم القادة الكرد ثلاث مرات بعد الأكل(على معدة مليانة) لمدة ثلاث عقود. فيما يخص حمى اليأس يخطر سؤال مهم: عند فشل الحوار السياسي مع شخصية او طرف معارض هل اعتمدنا طرق الحوار واستنفذنا ادواته لنضع اللوم على الطرف المقابل؟ أم اننا (معظمنا) يفتقد أدوات الإقناع والحجج؟ من المجدي دوماً ان نبتكر أدوات جديدة للتواصل وان نقرأ فن الحوار وتقنياته قبل الخوض في نقاش. المرض هو نقص الخبرة والعلاج البحث والإطلاع على طرق وأساليب الإقناع والتواصل. في الختام لا مانع من الاستماع إلى درويش عفدي وعدولة بعد التخلص من أعرض الحمى.