أعلنت الحكومة السورية، اليوم الاثنين، انتهاء العملية العسكرية في الساحل السوري، وذلك بعد موجة من أعمال العنف التي شهدتها المنطقة في الأيام الماضية، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية العقيد حسن عبد الغني: “نعلن نجاح قواتنا في تحقيق جميع الأهداف المحددة للمرحلة الثانية”.

وأكد عبد الغني تمكن قوات الأمن من امتصاص هجمات فلول النظام البائد وضباطه، وتحطيم عنصر مفاجأتهم، مضيفاً: “تمكنّا من إبعادهم عن المراكز الحيوية، وأمّنّا غالبية الطرق العامة التي اتخذتها الفلول منطلقاً لاستهدف أهلنا المدنيين والأبرياء”، وأعلن انتهاء العملية العسكرية التي انطلقت “بعد أن باتت المؤسسات العامة قادرة على بدء استئناف عملها وتقديم الخدمات الأساسية لأهلنا تمهيداً لعودة الحياة إلى طبيعتها، والعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار”.

وشدد على أن الأجهزة الأمنية ستعمل في المرحلة المقبلة على تعزيز عملها، لضمان الاستقرار وحفظ الأمن وسلامة الأهالي. وأكد عبد الغني وضع خطط جديدة لاستكمال محاربة فلول النظام البائد، والعمل على إنهاء أي تهديد مستقبلي، وقال: “سنتيح للجنة التحقيق الفرصة الكاملة لكشف ملابسات الأحداث والتأكد من الحقائق وإنصاف المظلومين”.

وبدأت الحياة تعود تدريجياً إلى شوارع مدينتي اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري، وسط انتشار كثيف لقوى الأمن وتراجع أعمال العنف التي شهدتها عدة مدن وبلدات خلال الأيام القليلة الماضية. وأكد أهالي مدن جبلة وبانياس والريف توقف أعمال العنف منذ انتشار قوات الأمن العام السوري، بالرغم من الخوف والقلق اللذين ما زالا مسيطرين على العديد من الأهالي، وخاصة أولئك الذين فروا من قراهم بأعداد كبيرة وما زالوا يحتمون في مناطق أخرى، من بينها مطار حميميم العسكري الروسي.

وتدخل قوات الأمن العام تباعاً إلى بلدات الريف لبسط الأمن وسط آمال بأن تكون الضامن لسلامة المدنيين في الساحل السوري. وكانت مدينة القدموس، ذات الغالبية الإسماعيلية، آخر مقاصدها يوم أمس الأحد، وسط ترحيب كبير من الأهالي. وفي الوقت الذي ما زال فيه بعض عناصر فلول النظام يقومون بأعمال الاعتداء على القوى الأمنية، سُجّل يوم أمس مقتل عنصرين وجرح آخرين من القوى الأمنية، إثر كمين نصبه مقاتلون من فلول النظام في منطقة بيت ياشوط على الطريق الواصل بين اللاذقية وحماة. كما شهدت مناطق القرداحة وصلنفة في ريف اللاذقية اشتباكات متقطعة بين عناصر الأمن العام وبقايا فلول النظام في المنطقة.

وأكدت التقارير الأمنية مقتل عائلة مؤلفة من أم وأطفالها الأربعة أثناء انتقالهم من الساحل السوري حيث كانوا يعملون، إلى محافظة إدلب. وأضافت أن العائلة كانت تستقل سيارة تحمل لوحات صادرة من مدينة إدلب، وقد اغتيلت على أيدي عناصر من فلول النظام في عمل انتقامي. وكان الدفاع المدني السوري قد استجاب لعشرات النداءات في اللاذقية وطرطوس، وبدأ بانتشال جثث القتلى من بعض الأماكن التي ما زالت غير آمنة، حيث انتشل 22 جثماناً خلال اليومين الماضيين وسلّمها للطبابة الشرعية، كما أجلى عدداً من العائلات إلى المناطق الآمنة، ونقلت فرق الإسعاف التابعة له أعداداً كبيرة من المصابين، تزيد عن 40 مصاباً، إلى المشافي.

سيارات محترقة في جبلة (العربي الجديد)
تقارير عربية
مشاهد من آثار معارك الساحل السوري: حرائق ودمار وجثث على الطريق

وفي بيان صادر عن تجمع الكنائس في الساحل السوري، نفت الكنائس المسيحية في مدينة اللاذقية، شمال غربي سورية، المزاعم التي تتناقلها بعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن حقيقة الوضع الحالي في الساحل السوري، داعية إلى عدم الانجرار وراء الشائعات. جاء ذلك في بيان صادر عن الكنائس المسيحية في اللاذقية، قالت فيه: “تتناقل بعض صفحات التواصل الاجتماعي أخباراً مفادها أن كنائس اللاذقية تفتح صالاتها أمام العائلات والمدنيين السوريين، وهذه الأخبار غير صحيحة، لأن الوضع الحالي في اللاذقية لا يتطلب اتخاذ إجراءات كهذه، مع العلم أننا على استعداد دائم لتقديم كل ما هو ممكن ومستطاع في هذه الظروف لخدمتكم”.

وفي مدينة دير الزور، أعلنت إدارة الأمن العام أنها تمكنت من إلقاء القبض على أربعة من قادة المجموعات التابعة لفلول النظام السابق خلال عملية أمنية محكمة. وقال مدير إدارة الأمن في المحافظة ضياء العمر، لوكالة “سانا”، إن العملية جاءت بعد تتبع دقيق وثبوت تورطهم في التخطيط لاستهداف مقرات أمنية وحكومية بهدف زعزعة الأمن، مضيفاً أن هؤلاء كانوا ينسقون مع قيادات فلول الساحل السوري، وقد تم إفشال مخططاتهم بفضل الجهود الأمنية المستمرة.

إلى ذلك، شهدت العاصمة دمشق انتشاراً واسعاً للقوى الأمنية في جميع المداخل الرئيسية وفي قلب المدينة، حيث نصب المئات من عناصر قوى الأمن العام حواجز أمنية، وانتشروا في الساحات العامة تحسباً لأي أعمال تخريبية أو اعتداءات على المواطنين والمرافق العامة. وقد أكد مصدر أمني تصدي قوى الأمن لهجوم شنه مجهولون على حاجز الأمن السياسي في منطقة المزة بدمشق، فجر اليوم الاثنين، ما أدى إلى مقتل اثنين من المهاجمين وفرار آخرين، دون وقوع إصابات في صفوف قوى الأمن.