تركيا تحاول، وبلسان الرئيس أردوغان، أن تموضع نفسها داخل النظام الدولي الجديد الذي يتشكل، وكان عليها أن تعتنق التغيير. وكما قال أردوغان: “الجميع يعترف الآن بأنّنا دخلنا طريقًا لا عودة منه. وعليه، فإنّنا نُعيد صياغة جميع استراتيجياتنا وفقًا لذلك.”
يوم أمس، اجتمع في العاصمة الأردنية عمّان وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات لكلٍّ من سوريا وتركيا والعراق والأردن ولبنان، حيث تعهّدوا بتقديم دعم كامل لإدارة الشرع فيما يتعلق بإدارة معسكرات “داعش” وسجونها. ما يمهد لانسحاب القوات الأمريكية.
قبل الاتفاق أيضاً، دُعي الشرع إلى بروكسل من قِبل المفوضية الأوروبية، على الرغم من أحداث اللاذقية، ما اعتُبر مؤشرًا على اعتراف مؤسسيٍّ من جانب الاتحاد الأوروبي بالسلطة الحالية.
الاتفاق بين الشرع ومظلوم، سيُغيّر المعادلة السياسية في سوريا.
فبموجب الاتفاق اتّفق الطرفان على (البند السابع) الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، و(البند الأول) ضمان مشاركة جميع المكوّنات في الإدارة الجديدة، و(البند الثاني) الاعتراف بالحقوق المدنية للكرد.
البند الأول الخاص بمشاركة جميع المكوّنات السورية في الإدارة الجديدة، والذي تمّ التوصّل إليه مع قوات سوريا الديمقراطية، يوفّر سابقةً يمكن أن تنطبق على العلويين والدروز والمسيحيين وغيرها من الأقليّات.
ستحاسب الدولة المسؤولين الذين تورطوا في قتل المدنيين في الساحل. وقال أردوغان يوم أمس أنّه قدّم “النصائح اللازمة” للإدارة السورية، بهذا الخصوص.
هذا الاتفاق، سيؤثر أيضاً في مسار ما يُعرف في تركيا بـ “عملية انفتاح أوجلان”، وهذا واضح في خطاب أردوغان اليوم. لكن العقدة تتمحور حاليّاً حول آلية اندماج “قسد” في الجيش، وكيفية نزع سلاحه كفصيل مسلح، واستلام السلاح بوصفه جزءاً من الجيش السوري.
على الأقل، يمكن القول إنّ الهدف من هذا الاتفاق هو الحيلولة ولو مؤقتاً، دون تفاقم خطر الانقسام الذي عاد إلى السطح من جديد بعد المجازر التي اُرتكبت بحق العلويين.
وأحد البنود المهمة عودة المهجّرين إلى بيوتهم، في عفرين ورأس العين وتل أبيض.
تتضمّن بنود الاتفاق بعض العناصر التي تحمل تغييراً جوهرياً حول مستقبل الإدارة الجديدة في سوريا. فالاتفاق ينصّ على أنّ المشاركة في الإدارة ستكون وفق مبدأ الكفاءة “دون اعتبارٍ للخلفيات الدينية أو العرقية”، ما يعني نظريًّا الوعد بعدم ممارسة تمييزٍ أو محاباة على أسسٍ دينية أو مذهبية؛ وإن كان التزامُ ذلك فعليًّا أمرًا آخر، إلّا أنّ صياغة البند إيجابية بحدّ ذاتها.
كما أنّ التشديد في المادة السادسة على محاربة “فلول نظام الأسد” مهمّ هو الآخر، فقد أثارت أحداث اللاذقية شكوكًا بشأن مصداقية الإدارة السورية الجديدة على الصعيدين الوطني والدولي. وإذا نُفّذ الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية فعليًّا، فسيشكّل اجتيازاً لمنعطفٍ مهمّ آخر على طريق الحلّ.