عقدت وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان اتفاقية مع “اتحاد الجاليات الكردستانية في المهجر” تهدف إلى تعليم اللغة الكردية لأبناء الجاليات الكردية في الخارج، بهدف ربط مئات الآلاف من الكُرد المقيمين خارج الإقليم به ثقافياً ورمزياً، وليكونوا في المحصلة “رأسمالاً سياسياً” للإقليم.
خلافاً لباقي أبناء القوميات في المنطقة، فإن عدم وجود “دولة” كردية، وتالياً لم تكن هناك مدارس تُعطي دروساً باللغة الكردية، ولو بشكل نسبي، مثلما ثمة مدارس تركية وعربية في الكثير من الدول الأجنبية، منع الأجيال الجديدة من الطلبة الكُرد من تلقي اللغة الكردية، والكثيرون منهم انقطعوا عن الثقافة واللغة الكرديتين، وإن على المستوى الرمزي.
لا توجد إحصاءات رسمية لأعداد الكُرد في الدول الأخرى، لكن المؤشرات تدل إلى وجود قرابة مليون كردي في ألمانيا، وأعداد مساوية لهم في باقي الدول الأوروبية، بالذات في فرنسا وبريطانيا والدول الاسكندنافية. فاتحاد الجمعيات الكردية في فرنسا مثلاً، يشير إلى وجود 225 ألف كردي في فرنسا وحدها، فيما تنتشر جالية كردية كبيرة في ولايات أميركية عدة.
خلال السنوات الماضية، تظاهر الأكراد في عدد من الدول الأوربية تأييداً للقضايا الكردية، وكانت بعمومها ملتزمة سياسياً ورمزياً التوجهات العامة لإقليم كردستان. كذلك دافعت حكومة إقليم كردستان في الكثير من المرات عن القضايا المتعلقة بالجاليات الكردية في الخارج، خصوصاً حينما حدثت صِدامات بينها وبين أبناء الجاليات الأخرى، بالذات التركية، فكانت حكومة الإقليم تدعو إلى التهدئة، وتملك نفوذاً على الرأي العام الكردي في تلك الدول.
بحسب وزارة التربية في إقليم كردستان، بدأ المشروع الحالي عملياً منذ عام 2022، عبر إعطاء دروس منهجية منتظمة لطلبة المُغتربات عبر آليات التعليم عن بُعد، عبر مُدرسين تابعين لها، مقيمين في الإقليم.
وتشير إحصاءات الوزارة إلى أن ألف طالب حتى الآن تلقوا تلك الدروس، ومن مختلف الأعمار، نالوا خلالها شهادات في إتقان اللغة الكردية كتابة وقراءة، ومثلها عشرات الدروس التثقيفية في الثقافة والتاريخ والمناسبات والرموز الثقافية والسياسية الكردية.
للاتفاقية أوجه عديدة، فهي من طرف ستشيد بنية مؤسساتية لإدخال آلاف الطلبة في برنامج التدريس عن بُعد، وستطور قدرات المُدرسين في إقليم كردستان للتعامل مع هذا البرنامج. كذلك سترفع من مستوى التنسيق مع اتحاد الجاليات الكردية، بحيث تفتتح العديد من المدارس المباشرة في تلك الدول تُدرس اللغة الكردية إلى جانب اللغات الوطنية في تلك الدول. كذلك ستحاول إعادة تأهيل مئات المُدرسين المُقيمين في المُغتربات، ليكونوا قادرين على العمل في تلك المدارس المنشأة حديثاً.
الكاتب واللغوي الكردي آرمانج جيلكي شرح في حديث إلى “النهار” الأبعاد المستقبلية لهذا البرنامج، مؤكداً حتمية نجاحه في تحقيق ما يصبو إليه، إذا توافرت القدرات المالية والاستدامة في العمل، مضيفاً: “كان إقليم كردستان يفتقد أدوات ضغط سياسية في الدول المركزية في العالم، ومئات الآلاف من الأكراد المقيمين في تلك الدول كانوا يفتقدون التنظيم، رغم الشعور القومي المشترك، لكن أجيالهم التالية كانت تفتقد الحماسة والارتباط بالقضايا السياسية لأبناء جلدتهم. وعمل الإعلام الفضائي منذ أواسط التسعينيات على أداء دور ما في ذلك الإطار، لكنه كان مفتقداً روح المؤسسة والتحشيد والارتباط الفيزيائي لأبناء المغتربات، حيث كانت تجارب القوميات والشعوب الأخرى تقول إن الأساس في إمكان خلق ثقافة ثنائية لأبنائهم، تجمع ثقافتهم وقضاياهم المحلية بما في تلك الدول، مرتبط عملياً بنشاط المدارس والمؤسسات التعليمية التابعة لدولها”.
ولم تكشف وزارة التربية في إقليم كردستان عن طبيعة الكُرد الذين سيحق لهم الانتماء إلى هذه المدارس أو الاستفادة من برنامج التعليم، أكان ذلك خاصاً بالأكراد من أبناء إقليم كردستان، أم مجموع الأكراد الذين في المغتربات، من أيّ دولة شرق أوسطية كانت.