متى الانتخابات؟ من هم المرشحون؟ ما هي برامجهم وما كفاءاتهم؟ هذه هي الأسئلة التي كان ينبغي طرحها عندما انتهت الثورة، تراجعت العمليات العسكرية، وفرَّ الدكتاتور. إنه الوقت الأنسب لانتخاب حكومة شرعية تواجه التحديات والآثار العميقة التي خلّفها سبعُ سنواتٍ عجاف، عفوا سبعتين.
هذا كان قرار جميع الشعوب التي عاشت ظروفًا مشابهة، والأمثلة لا تُحصى، إلا في سوريا، حيث جاءت كل الإجراءات المتخذة منذ الثامن من ديسمبر العام الفائت وحتى اليوم على هوى كافور، العبد العثماني الذي جيء به خلسة لحكم الشام—رئيسٌ مزيف بتوافق أمراء الحرب، مبايعةٌ من متملقين وانتهازيين، ومسرحية “مؤتمر حوار” وإعلان دستوري يمنحه سلطة مطلقة من وحي الشنيعة. أما الشعب السوري، فلم يُسأل عن رأيه، لا للاستئناس ولا حتى للتسلية.
حتى هذه اللحظة، كل شيء يجري وفق أهواء كافور، وكافور هذا يتفوق على سلفه الفارّ. على سبيل المثال، بلغ عدد ضحايا السنة الأولى من الثورة السورية بين خمسة آلاف وسبعة آلاف قتيل، بينما تقدر جهات متواجدة في الساحل السوري أعداد الضحايا خلال الأسبوعين الأخيرين بعشرين ألفًا، وإن استمر المسلسل حتى نهاية العام فسيصل عدد الضحايا لمائة ألف وبذلك يكون كافور اشد فتكا من سلفه بعشرين مرة.
أما النخبة السورية، فقد سلكت مع كافور مسلك المتنبي مع كافور الإخشيدي—والمتنبي هو شاعر العرب الأول وروح ثقافتهم القائمة على التزلف والتملق وأول شبيحتهم. حين لجأ المتنبي إلى كافور في مصر، أغدق عليه المديح طمعًا في منصب، فقال:
يا كافورَ، يا زهرَ المَجدِ ونورَ المسيرِ
في حضرتِكَ تطيبُ القلوبُ وتزهو الأحلامُ بالنورِ
ولكن حين أدرك المتنبي أنه لن ينال منصبا أو جاهاً، انقلب عليه وهجاه بأشد الأبيات قسوة، قائلاً:
لا تَشْتَرِ العَبدَ إلاّ وَالعَصا مَعَهُ
إنّ العَبيدَ لأنْجاسٌ مَنَاكِيدُ
و:
مَن عَلَّمَ العَبدَ المخصيَّ مَكرُمةً؟
أقَامَهُ بَينَ أربابِ الفُسوقِ دَليلَا
وهذا ما يسمى في سوريا اليوم بالمعارضين والثوار.