img

بعد مرور أسابيع على حرب إسرائيل في غزة، هناك ثلاث ملاحظات؛ الأولى، شن إسرائيل حربا انتقامية مجنونة على المدنيين في قطاع غزة، وصفقات لتبادل الأسرى بين إسرائيل و”حماس”. الثانية، عدم دخول طهران أو “حزب الله” في حرب شاملة دعما لـ”حماس”، والاكتفاء بالتحرش بأميركا أو إسرائيل ضمن “قواعد الاشتباك”. والثالثة، استمرار وجود خيارات عربية في النظر إلى المستقبل والدفع بحل عادل لقضية فلسطين.

لكن ماذا لو استمرّت الحرب وقتا طويلا رغم الهدن وصفقات التبادل؟ ما التداعيات الإقليمية السياسية والعسكرية، في منطقة الشرق الأوسط؟ ما مصير التسويات، و”الخطوط الحمراء”، و”قواعد الاشتباك”؟

قصة غلاف “المجلة” لشهر ديسمبر/كانون الأول، تتناول هذه التساؤلات… عدد أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان عن “مفاجأة 7 أكتوبر” التي باغتت “حماس” فيها إسرائيل. وعدد نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان عن منعكسات الحرب على القضية الفلسطينية والمعاناة الإنسانية والمخاوف من “نكبة ثانية”.

 

“مفاجأة 7 أكتوبر” أعقبتها مفاجأة ثانية لـ”حماس”؛ إيران لم تحرك وكلاءها وحلفاءها في الإقليم، كي تفتح حربا شاملة لإنقاذ “حماس”. أدى قيام أميركا بنشر حاملتي طائرات في الخليج والبحر الأبيض المتوسط، ونقل رسائل تحذيرية إلى طهران، وعقد تسويات صغيرة، إلى حصر “تضامن” إيران في “قواعد اللعبة”. كان هذا واضحا في لقاء “المرشد” الإيراني علي خامنئي مع رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية. فالأول عاتب الثاني على “عدم التنسيق”، ونقل إليه أن فصائل “محور الممانعة” في المنطقة “أبلغته” بحدود الرد. والثاني، برر عدم إبلاغه بموعد “7 أكتوبر” بـضرورة “مباغتة العدو”، ثم طلب تحركا عسكريا من “محور المقاومة”.

واقع الحال، إن التصعيد الإيراني المحسوب، في العراق ولبنان وسوريا واليمن، استهدف ممتلكات أميركية أو تصعيدا تصاعديا محسوبا في جنوب لبنان وشنّ ضربات رمزية أو استعراضية في ساحات أخرى، وقوبل إما بإبطال مفعول الهجمات وإما بـ”ضربات استباقية” إسرائيلية في سوريا. وكان رد أميركا في بعض الأحيان خارج “قواعد اللعبة” كما حصل في العراق، عندما قصفت- لأول مرة، منذ دخلت إدارة جو بايدن البيت الأبيض- ميليشيات مدعومة من إيران.

الانصياع لـ”قواعد الاشتباك” لأسابيع، كان واضحا. لكن استمرار الحرب وانتقالها إلى جنوب قطاع غزة وتلويح تل أبيب بـ”تفكيك البنية العسكرية لـحماس” عبر القصف أو الإبعاد، وتمسك بعض مسؤوليها بالتهجير من القطاع إلى مصر، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، أمور تبقي الشرق الأوسط على رماد ساخن، خصوصا أن هذه المنطقة تستيقظ كل يوم على تصريح خرافي أو جنوني، من فريق حكومة بنيامين نتنياهو عن التهجير والتسليح أو “النووي”.

حرب غزة، أعادت الموضوع الفلسطيني إلى الواجهة، وطرحت أولويات عاجلة؛ وقف إطلاق النار ومعالجة الملف الإنساني المؤلم، وبند طويل الأمد يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية و”حل الدولتين”، الذي كان أساسيا في المفاوضات الأميركية- السعودية، التي تضمنت أيضا بنودا ثنائية استراتيجية واقتراح علاقات مع إسرائيل.

منعكسات هذه الحرب وصلت إلى ساحات أخرى مثل أوكرانيا، وحسابات كبرى تخص روسيا والصين، وانتخابات مفصلية في أميركا المنقسمة. هذه قد تؤخر البحث عن الشرق الأوسط الجديد، لكنها لن توقفه، بل إن الفعاليات والنشاطات السياسية والاقتصادية والثقافية في المنطقة تدل على التمسك بالنظرة الاستشرافية والالتزامات الطويلة وأهمية استقرار المنطقة، لأن بوصلتها وطنية وداخلية أساسا.

 

في هذا العدد، ملف آخر، أشبه بقصة غلاف ثانية، عن السنّة في لبنان الذي اعتاد لعقود على توازنات طائفية، مع توقف عند مراحلها ومستقبلها، ومقابلة مع المدير العام السابق لجهاز الأمن اللبناني اللواء عباس إبراهيم، الذي يفتح “صندوق أسراره” عن وساطاته السرية بين أطراف متنازعة.

مع تفاقم حال السودان، مقال عن مآسي إقليم دارفور، أسير “حرب الجنرالين” التي اندلعت في أبريل/نيسان الماضي.

وفي الذكرى السنوية الأولى لـترؤس إيلون ماسك “جمهورية إكس- تويتر”، نسجل سرعة الرياح العاصفة التي هبت على هذه المنصة في سنتها الهائجة. ولا شك سيكون ماسك قد أحدث ضجة جديدة، عند وصول هذه الكلمات إلى القارئ؛ فهو مالئ الدنيا وشاغل الناس.

في العدد أيضا: الرسام الراحل بيكاسو يتذكر بيكاسو، في الذكرى الخمسين لرحيله، إضافة إلى مقابلة خاصة مع الكاتب الآيرلندي بول لينش الذي فاز بجائزة “بوكر” الدولية، يشكو فيها من “مرايا كاذبة” في عالمنا.

font change