ترامب يشرف بنفسه على العمليات ضد الحوثيين
لندن – وجهت القوات العسكرية الأميركية مساء السبت ضربات جوية واسعة النطاق، ضد مواقع تابعة لجماعة الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، ردا على استمرار عرقلة حركة الملاحة الدولية، في خطوة مفاجئة تعد الأشد في تاريخ الصراع الأميركي مع الحوثيين وتوجه في الوقت نفسه رسائل إنذار لإيران، داعمهم الرئيسي في المنطقة.
وتوعد الحوثيون بالرد على الضربات الأميركية، كما هددوا باستمرار عملياتهم في البحر الأحمر وهو ما يذكر بقدرتهم على المقاومة والصمود التي أثبتوها خلال معاركهم مع التحالف العربي بقيادة السعودية، لذلك يدعو محللون الإدارة الأميركية إلى عدم الاكتفاء بالردع العسكري للقضاء عليهم.
وينظر محللون إلى الضربة على أنها تحول كبير في السياسة الأميركية تجاه الحوثيين، حيث كانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن مترددة في اتخاذ خطوات حاسمة ضدهم، ورغم توجيه بعض الضربات إلا أنها حاولت بشكل أكبر التركيز على الحلول الدبلوماسية والضغط على إيران من خلال مفاوضات نووية بدلا من التصعيد العسكري.
تردد إدارة بايدن ساهم في إضعاف الموقف الأميركي في المنطقة، وهو ما سمح للحوثيين بالتمادي
وبحسب المحللين ساهم تردد إدارة بايدن في إضعاف الموقف الأميركي في المنطقة وهو ما سمح للحوثيين بالتمادي، فرغم إعلان الهدنة بين حماس وإسرائيل عادوا إلى استهداف السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل ردا على منعها دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
ويقول محمد الباشا، الخبير في الشؤون اليمنية والمقيم في الولايات المتحدة، إن المنطقة المستهدفة في صنعاء يقيم فيها كبار قادة الحوثيين وتعتبر معقلهم في العاصمة.
ويضيف “هذه نقطة اللاعودة. من الآن فصاعدا، بدأت المواجهة بين الحوثيين وسنتكوم،” في إشارة إلى القيادة المركزية العسكرية الأميركية.
وقال مستشار الأمن القومي مايكل والتز في تصريح لشبكة إيه بي سي نيوز إن الغارات الجوية السبت “استهدفت في الواقع العديد من قادة الحوثيين وقتلتهم.”
وقال في تصريح آخر أدلى به لشبكة فوكس نيوز “لقد ضربناهم بقوة ساحقة وحذرنا إيران من أن الكيل قد طفح.”
وفي منشور على منصته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي قال ترامب السبت متوعّدا الحوثيين “سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا،” واتهمهم بتهديد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
وأضاف “إلى كل الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءا من اليوم. إذا لم تفعلوا ذلك، فسينهمر عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل!”
اقرأ أيضا:
صرخة مقابل صرخة: “الموت لأمريكا” أم “الموت للحوثي”
ونفذ الحوثيون منذ أكتوبر 2023 أكثر من 100 هجوم في البحر الأحمر بطائرات مسيرة وصواريخ أسفرت عن غرق سفينتين واحتجاز أخرى، ومقتل أربعة بحارة، وهو ما دفع السفن التجارية إلى تغيير مساراتها وزاد من تكاليف الشحن البحري.
وحذر ترامب إيران من استمرار دعمها لجماعة الحوثي، متوعدا بمحاسبة طهران “بشكل كامل” على تصرفات وكلائها.
جاء ذلك بعد مرور أسبوعين على إرسال الرئيس الأميركي رسالة إلى القادة الإيرانيين عرض فيها طريقا لاستئناف المحادثات الثنائية بين البلدين بشأن برنامج إيران النووي المتقدم. وقال ترامب إنه لن يسمح بأن يصبح هذا البرنامج قابلا للتشغيل.
ويبدو أن الرسائل الأميركية وتهديدات ترامب الواضحة لم تصل بعد إلى إيران التي عادت إلى إنكار أي علاقة لها بالحوثيين، في محاولة واضحة للتهرب من المسؤولية وتجنب تصعيد المواجهة مع واشنطن.
ونفى الجنرال حسين سلامي، رئيس الحرس الثوري الإيراني، تورط بلاده في هجمات الحوثيين، قائلا إنها “لا تلعب أي دور في تحديد السياسات الوطنية أو العملياتية” للجماعات المسلحة المتحالفة معها في جميع أنحاء المنطقة، حسب التلفزيون الحكومي.
ورد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على النفي الإيراني بالقول “لم يكن بوسع الحوثيين مهاجمة السفن دون دعم إيران.”
في المقابل حث وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي في منشور على موقع إكس، الولايات المتحدة على وقف الضربات وقال إن واشنطن لا يمكن أن تملي على إيران سياستها الخارجية.
ويقلل تقرير أعده المجلس الأطلسي من قدرة الضربات الأميركية المكثفة وحدها على القضاء على الحوثيين.
اقرأ أيضا:
ردع الحوثيين يحتاج توظيف موارد أكبر من الغارات الجوية
القصف في صنعاء وصعدة والفزع في بغداد: هل يكون الحشد الشعبي هو التالي
وبحسب التقرير فإنه “نظرا إلى تاريخ الحوثيين الطويل في المقاومة، بدايةً ضد الحكومة اليمنية المركزية التي أطاحوا بها، ثم ضد التحالف الذي تقوده السعودية، من غير المرجح أن تردع الجولة الحالية من الضربات الجوية الحوثيين. ونظرا إلى أن الحوثيين يتلقون الدعم ليس فقط من إيران، بل أيضًا من شبكات المشتريات في الصين وروسيا، فستحتاج الولايات المتحدة إلى توظيف موارد أكبر من غارات السبت.”
ويضيف “ستشمل هذه الموارد الإضافية التواصل الدبلوماسي مع روسيا والصين، وموارد بحرية إضافية لمنع إعادة إمداد الحوثيين، وضغطًا فعّالًا على إيران. لا تشمل هذه الموارد الحاجة المحتملة إلى زيادة دفاعات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين استهدفهما الحوثيون سابقًا. ستكون هذه الموارد كبيرة من حيث الأصول العسكرية والتنسيق الدولي. ستتضح في الأيام والأسابيع المقبلة علامات جدية النوايا الأميركية في بذل المزيد من الجهود مقارنة بالماضي. هذا المستوى من الالتزام، الذي يفوق ضربات السبت، هو ما سيبعث رسالة أميركية جدية إلى إيران والمنطقة.”
وأفاد الحوثيون بوقوع سلسلة انفجارات في مناطقهم بالعاصمة صنعاء وفي محافظة صعدة شمالي اليمن، بالتزامن مع ظهور تقارير تفيد بوقوع المزيد من الضربات الجوية في تلك المناطق خلال ساعة مبكرة من صباح الأحد.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة للحوثيين أنيس الأصبحي الأحد إن الحصيلة غير النهائية بلغت “31 شهيدا و101 جريحا معظمهم من الأطفال والنساء،” مشيرا إلى أن الضربات استهدفت “مناطق مدنية وسكنية في صنعاء ومحافظة صعدة والبيضاء ورداع.”
وتحدث شهود عن ليلة من الرعب على وقع الضربات في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ عام 2014.
وقال أحمد (35 عاما) إنّه سمع “انفجارا مهولا” لدى تناوله وجبة السحور ليل السبت – الأحد، مضيفا أن الانفجار “هزّ البيت وكسر النوافذ وأرعبني مع أسرتي.”
وأشار هذا الأب لطفلتين إلى أنه يقيم منذ “عشر سنوات في صنعاء، وأنا أسمع القصف منذ بدء الحرب. لكن لم يحصل مثل هذا الانفجار أبدا أبدا” منذ بدء النزاع في اليمن بين المتمردين من جهة، والحكومة المعترف بها دوليا، والتي تدخل لدعمها اعتبارا من عام 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية.
وبثت قناة المسيرة التابعة للمتمردين لقطات قالت إنها لآثار الضربات في صعدة، أظهرت مسعفين ينقلون جرحى من بينهم أطفال، بدت على بعضهم آثار حروق وملابس غالبيتهم ممزقة.