(1) من السمات الظاهرة في التيار السلفي هو تحوله من المنهج إلى المذهب، فمع أنّ المنهج السلفي يقوم على الاتباع أي طلب الدليل ونبذ البدع ونبذ الآثار الضعيفة والموضوعة، وهذا منهج سليم، فإن كثيراً من السلفيين قد تحولوا إلى تقليد أشياخ بعينهم وتبني آرائهم وإيجاب اتباعها على الناس، أي: تحولوا إلى مذهب كسائر المذاهب.
(2) لنا مع الوهابيين (السلفيين) إشكال في فهم البدعة. فقوله صلى الله عليه وسلم: ((كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)) يجب فهمه في ضوء ما رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الجماعة الواحدة في صلاة التراويح: ((نعمت البدعة هذه))، وما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه في مسألة الأذان الثالث. والخلاصة: إن البدعة في اللغة هي كل محدث، والبدعة في الاصطلاح الشرعي هي كل محدث لا أصل له في الشرع، وهذا بخلاف قولهم في تعريف البدعة شرعاً: إنها كل محدث على غير مثال سابق.
(3) من الملاحظ على التيار السلفي هو اختلاله في وزن الأمور، فهو يتمسك بالاجتهادات كأنها عقائد، ويتعامل بالعقائد كأنها خلافات، وما ذلك إلا لشدة التعصب إلى الذات المذهبية والبعد عن قوله تعالى: (وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيم) (الإسراء:35).
(4) يتمسك السلفيون بهدي ظاهر محدد ويوجبونه على الناس كالجلابية بطول محدد وغطاء الرأس واللحية بصفات معينة كحرمة تقصيرها. وأقول هنا باختصار: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الألبسة التي كانت موجودة في زمانه ولكن بصفات محددة، ولم يوجب على المسلمين لباساً بعينه، ولم يحرم عليهم لباساً بعينه سوى لباس رجال الدين ولباس الحرير ولباس الشهرة ولباس الجنس الآخر. وغطاء الرأس وجوده وعدمه سواء، في الصلاة وفي غير الصلاة، فهو من العادات وليس من السنن، وهذا مأخوذ من هديه صلى الله عليه وسلم حيث لبس القلنسوة، ولبس العمامة، ولبس كليهما، ولم يلبس أياً منهما. والأصل في اللحية هو الوجود فهي شعيرة من شعائر الإسلام، ولكن الإسلام لم يوجب لها طولا أو عرضاً أو صفة أو حجماً.
(5) الغالب على السلفيين هو العنف في الدعوة إلى الإسلام، والقسوة في التعامل مع المخالفين، والفظاظة في محاولة تغيير الخطأ، وهذا مخالف لما أمر الله به رسوله حيث قال له: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن) (النحل:125)، وقال:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر) (آل عمران:159).
(6) خطأ آخر يقع فيه السلفيون حيث يدعون المسلمين إلى فروع الدين ويتركون دعوتهم إلى أصول الدين (عدم التركيز على العقيدة). فالدعوة يجب أن تكون إلى العقيدة أولا وحينما يسلم الآخر بالعقيدة (العبودية لله وحده) يُدعى إلى الفروع. وفي مجال تغيير المنكر يجب البدء بأكبر المنكرات، وفي مجال الأمر بالمعروف يجب البدء بالمعروف الأكبر.
(7) هناك كثير من السلفيين يتبنون آراء دينية شاذة (نادرة) ويخالفون جمهور الفقهاء بحجة تبني الصحيح. وما ذاك إلا تبني لرأي شهرة أي تبني الرأي الذي يجعل صاحبه مشهوراً بين الناس وإن كان رأياً شاذاً أو منسوخاً أو ضعيفا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كل التفاعلات:
أنت، ود.كمال المويل و٣٦ شخصًا آخر
١٣
٤
أعجبني
تعليق
إرسال
مشاركة