اعتقلت الميليشيا الناشطة اليمنية قبل 15 شهراً بتهمة التخابر (مواقع التواصل)

على امتداد تاريخها بقيت المراة اليمنية في مكانة بعيدة من نوازع الصراع والحروب حتى جاء العهد الحوثي ليسجل معه ممارسات غير مسبوقة في مجتمع عرف بعاداته التي تصون كرامة الإنسان خصوصاً النساء.

وعقب أكثر من عام على اعتقالها وإخفائها قسرياً وإخضاعها لمحاكمات عدة، قضت محكمة تابعة ميليشا  الحوتي ، أمس الثلاثاء، بإعدام الخبيرة في حقوق الإنسان فاطمة صالح محمد العرولي بتهمة التخابر، في حكم وصفه حقوقيون يمنيون بـ”الجائر” وأدانته الحكومة الشرعية   والمنظمات الحقوقية والإنسانية.

وصدر الحكم عن “المحكمة الجزائية المتخصصة” في قضايا أمن الدولة التي اعتبرت بمثابة حبل مشنقة جاهز تلوي به الميليشيات أعناق المعتقلين والمعتقلات، مما اعتبر مؤشراً إلى الاستمرار في نهجها القمعي المريع في حق كل من يخالفها الرأي أو تشك في ولائه على رغم الدعوات الأممية والدولية للكف عن تلك الممارسات القمعية.

صدمة وعجز

وكشف صدام العرولي، شقيق المعتقلة، عن صدمتهم وكل عائلتها فور سماعهم الحكم الجائر الذي تم إعلانه أمامهم في قاعة المحكمة، أمس الثلاثاء، مبيناً عدم تمكنه وأسرتها من زيارتها والاتصال بها أو معرفة مكان احتجازها أو أية تفاصيل عنها منذ اختطافها حتى اللحظة.

وأوضح لـ”اندبندنت عربية” أن وسيلة التواصل الوحيدة ومعرفة وضعها من خلال جهاز الأمن والاستخبارات التابع للحوثيين مع عدم مقدرتهم على دفع كلف محام للدفاع عنها في المحكمة.

ناجيات من محاكم الحوثي

وتعليقاً على هذه التطورات أفادت المحامية والناشطة الحقوقية زعفران زايد بأن “حكم الإعدام والتعزير الذي أصدرته محكمة حوثية في صنعاء في حق الناشطة فاطمة العرولي، هو ثالث حكم تعزير في حق امرأة يمنية، في سابقة خطرة بدوافع سياسية لم تحدث من قبل”. وأضافت أن جماعة الحوثي “تستخدم القضاء لشرعنة القمع الذي تمارسه ضد النشطاء السياسيين”.

وزعفران هي محامية يمنية سبق وأصدرت الجماعة الحوثية في حقها قرار إعدام رمياً بالرصاص قبل لحظات من تمكنها من الفرار ومغادرة البلاد.

وكثيراً ما يعتقل الحوثيون الناشطات والعاملات في المجال الحقوقي والإنساني بتهم جاهزة، منها التخابر مع الحكومة الشرعية ودول التحالف الداعم، أو لمجرد الانتماء لأطراف سياسية معارضة، كما يجري اعتقال عدد منهن خلال مشاركتهن في الأعمال الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني أو نتيجة نشاطهن المدني في مجال حقوق الإنسان، كما هي الحال بالعرولي.

تهم كيدية

وفي حديث سابق لمحامي المختطفين عبده المجيد صبرة قال “إن غالبية التهم التي توجهها جماعة الحوثيين لضحاياها تستند إلى نصوص المواد القانونية (126 و127 و128) من قانون الجرائم والعقوبات، وهذه المواد تتعلق بالسعي والتعاون والتخابر لدى دولة أجنبية”، مشيراً إلى أنها تهم “كيدية” تطلقها الجماعة على المناوئين لها.

أضاف لـ”اندبندنت عربية” أن “هذه التهمة هي التي تتسق مع حالة الحرب لتساوم عليهم وتستغلهم لصالحها”، في إشارة إلى صفقات تبادل الأسرى التي تجريها مع “الشرعية” التي تبادل بموجبها المئات من مقاتليها لدى القوات الحكومية بعدد من المعتقلين المدنيين.

 

من جانبها، دانت الحكومة اليمنية “بأشد العبارات” الحكم الحوثي في حق العرولي، وقالت على لسان وزير الإعلام إن قرار إعدام فاطمة العرولي ليس الأول، فقد سبق وأصدرت الجماعة حكماً بإعدام أسماء ماطر العميسي (32) سنة، أم لطفلين، المحتجزة تعسفياً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2016، تعزيراً، كما أصدرت حكماً بالإعدام رمياً بالرصاص مع التعزير في حق الناشطة الحقوقية زعفران زايد رئيس منظمة تمكين، وحنان الشاحذي والطاف المطري، على خلفية نشاطهن الحقوقي ومواقفهن وآرائهن السياسية المناهضة لها، وأشار الوزير اليمني إلى أن الإحصاءات التي وثقتها منظمات حقوقية متخصصة عن عدد النساء المحتجزات قسراً في معتقلات ميليشيات الحوثي بلغ نحو (1800) امرأة، بينهن حقوقيات وإعلاميات وصحافيات وناشطات، لا تزال المئات منهن قابعات خلف القضبان، إذ تم توزيعهن في السجن المركزي ومعتقلات سرية (فلل، عمارات، شقق)، فيما أطلق المئات بعد الضغط على أهاليهن وأخذ تعهدات منهم بعدم مشاركتهن في احتجاجات أو الكتابة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

وطالب “المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن ومنظمات حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة ومناهضة العنف ضد النساء، بتحرك حقيقي لإجبار ميليشيات الحوثي على إطلاق فاطمة العرولي، وكل المختطفات والمخفيات قسراً في معتقلاتها غير القانونية، وملاحقة المتورطين في الجرائم والانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها النساء اليمنيات، والعمل على إدراج الميليشيات وقياداتها في قوائم الإرهاب الدولية”.

اغتصاب منتظم

وبحسب تقرير لجنة الخبراء الدوليين السنوي الصادر أخيراً، فإن الحوثيين يواصلون احتجاز النساء لأسباب تتعلق بالنزاع الدائر في البلاد، بما في ذلك انتماؤهن أو مشاركتهن في منظمات المجتمع المدني أو نشاطهن في مجال حقوق الإنسان.

وكشف فريق الخبراء الأمميين عن وجود حالات تعذيب ارتكبها مسلحو الحوثي في مختلف مرافق الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، بما في ذلك السجن الواقع في معسكر الأمن المركزي في صنعاء، المعروف أيضاً باسم سجن “بيت التبادل”، الذي يديره القيادي رئيس فريق الحوثيين في مفاوضات الأسرى، عبدالقادر المرتضى.

وفي سلوك صادم لم يعهده اليمنيون، أكد الخبراء أن المعتقلات “يتعرضن للاعتداء الجنسي، وفي بعض الحالات يخضعن لفحوص العذرية، وكثيراً ما يمنعن من الحصول على السلع الأساسية، بما في ذلك منتجات النظافة الصحية النسائية”.

كما أكد تعرض النساء المحتجزات للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك من “الزينبيات” (الشرطة النسائية المستحدثة من قبلهم).

واستناداً إلى التقارير التي تلقاها الفريق تبين أن الجماعة المدعومة من إيران التي تدعي “حقها الإلهي في الحكم والولاية”، تحتجز أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 13 سنة. “يحتجز بعضهم في قضايا أخلاقية، وهم متهمون بارتكاب أفعال غير لائقة بسبب ميولهم الجنسية المزعومة، كما تحتجز أطفالاً آخرين في قضايا سياسية، تقام في حقهم في كثير من الأحيان بسبب عدم امتثالهم أو عدم امتثال أسرهم لأيديولوجية الحوثيين أو أنظمتهم”.

وذكر الخبراء أن هؤلاء الأطفال يتقاسمون الزنازين نفسها مع السجناء البالغين، وأن الفريق تلقى تقارير موثوقة تفيد بأن الصبية المحتجزين في مركز شرطة الشهيد الأحمر في صنعاء “يتعرضون بانتظام للاغتصاب”.

خلايا التخابر

ولم يتسن لـ”اندبندنت عربية” الحصول على تعليق من قبل الحوثيين للرد على الاتهامات التي وجهت للجماعة بهذا الخصوص.

لكن وسائل إعلام حوثية منها نسخة “سبأ نت” التابعة لهم، أكدت قرار المحكمة الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة، بالإعدام تعزيراً في حق الناشطة فاطمة العرولي، بتهمة التخابر مع دول تحالف دعم الشرعية.

وقالت “سبأ” إن المحكمة استندت في حكمها إلى اعترافات المدانة التفصيلية لدى الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة، التي أقرت بصحتها أمام المحكمة وغيرها من الأدلة التي حواها ملف القضية.

وكانت النيابة وجهت للمدانة تهمة التخابر مع دول تحالف دعم الشرعية، ونقل معلومات حول تحركات قوات الجماعة وقيادتها العسكرية.