تأثرت العديد من المنظمات السورية بقرار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وقف تمويلها، الأمر الذي يهدد استمرار عملها، من بينها منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء). وحذّرت الأخيرة من تداعيات هذا القرار الخطير على قدراتها في مجالات الاستجابة الطارئة وإنقاذ الأرواح. يقول نائب مدير الدفاع المدني للشؤون الخارجية، فاروق الحبيب، لـ”العربي الجديد”: “نعرب عن بالغ شكرنا وامتناننا لدعم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية منظمة الخوذ البيضاء على مدى السنوات العشر الماضية، إذ كانت أكبر ممول للمنظمة، وساهم تمويلها في إنقاذ الأرواح خلال هذه السنوات”. يضيف: “وقف التمويل جاء في مرحلة حرجة تمرّ بها سورية، ونحن في أمسّ الحاجة إلى الدعم في ظل الاحتياجات الإنسانية الكبيرة، بعد سقوط نظام بشار الأسد”. ويوضح أن “توقيف الدعم له آثار كارثية على عملنا وعلى الاستجابة الطارئة، ولا يمكن استبداله سريعاً. نبذل جهودنا لاستعادة العقد مع الوكالة، ونتمنى من جميع المحبين في سورية والعالم الوقوف إلى جانب الخوذ البيضاء لتعزيز قدراتها وجهودها في إنقاذ الأرواح، وتعزيز صمود المجتمعات والدفاع عن السوريين”.
ويلفت الحبيب إلى أن وقف التمويل “لم يكن موجهاً ضد الخوذ البيضاء بشكل خاص، بل أنهى أكثر من 5 آلاف عقد حول العالم نتيجة تغيّر أولويات الإدارة الأميركية”، مشيراً في الوقت ذاته إلى “استمرار تمويل أحد المشاريع للمنظمة من قبل وزارة الخارجية الأميركية”.
وفي رسالة إلى الكونغرس الأميركي، قال مسؤول في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إنه حتى 21 مارس/ آذار، “جرى إنهاء ما مجموعه 5.341 منحة”، بحسب شبكة “سي أن أن” الإخبارية الأميركية. وألغي عقد بقيمة 30 مليون دولار أميركي للخوذ البيضاء، وقد أُنفق بالفعل جزء من هذا المبلغ المُدرج على أنه يبدأ في فبراير/ شباط 2023.
من جهته، يقول محمد عبد المجيد، وهو أحد العاملين في المجال الإغاثي، لـ “العربي الجديد”، إن “تداعيات القرار بدأت تظهر بشكل فعلي بعد قرابة 3 أشهر”، لافتاً إلى أن المنظمة التي كان يعمل فيها تأثرت. يضيف أن “الدفاع المدني السوري من كبرى المؤسسات وهي ذات أهمية، وتخفيض أو قطع التمويل عنها هو كارثة بكل معنى الكلمة”.
عناصر من الخوذ البيضاء في سجن صيدنايا، 9 ديسمبر 2024 (عز الدين قاسم/الأناضول)
عناصر من الخوذ البيضاء في سجن صيدنايا، 9 ديسمبر 2024 (عز الدين قاسم/الأناضول)
من جهته، يقول المحامي حمود حسون والعامل في المجال الإنساني ومدير مركز حزانو الصحي، لـ “العربي الجديد”، إن لوقف الدعم أثر سلبي بالغ في السوريين، موضحاً أن توقف توزيع المساعدات الغذائية والنقدية يؤدي إلى وضع الملايين في مواجهة الجوع، في ظل ضعف الموارد الغذائية، ما يزيد من معاناة السكان، خصوصاً في المناطق الأكثر حاجة.
كما يتطرق حسون إلى برامج التعليم قائلاً إن “مشاريع التعليم ستصبح عاجزة عن تلبية الاحتياجات، ما يهدد بارتفاع نسبة الأمية، الأمر الذي يترتب عليه مشاكل اجتماعية، لا سيما في المخيمات التي تعاني أوضاعاً معيشية صعبة”. يضيف: “يؤدي توقف المساعدات إلى زيادة نسبة البطالة وما يرافقها من تداعيات اجتماعية خطيرة، إذ إن فقدان العاملين في المؤسسات الصحية والتربوية وظائفهم سينعكس سلباً على هذه القطاعات وعائلات العاملين فيها، ما يفاقم الأوضاع الاجتماعية المتردية”.
ويؤثر توقف التمويل في الزراعة بشكل كبير، كما يؤكد حسون، إذ تعتمد معظم المناطق بشكل أساسي على المساعدات لضمان استمرار الموارد الغذائية، التي تُعدّ مصدراً مهماً لتأمين الغذاء وتوفير فرص العمل. ومع توقف المساعدات، يواجه القطاع الزراعي صعوبات كبيرة تهدد استمراريته. وفي ما يتعلق بالقطاعين الصناعي والخدماتي، فإن وقف المساعدات يؤدي إلى تدهورهما بشكل ملحوظ، علماً أنهما يشكلان رافداً مهماً لتوفير فرص العمل. كما يساهم تراجعهما في ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يزيد الأعباء الاقتصادية على السكان.
حي الرفاعي، حمص سورية، 15 مارس 2025 |(الناشط الجقوقي تيسير الأحمد)
قضايا وناس
رفات مجهول في حي الرفاعي بمدينة حمص وسط سورية يشهد على مجزرة
ويختم حسون حديثه قائلاً: “في ظل هذه التداعيات الخطيرة، يتطلب الوضع استجابة عاجلة من المجتمع الدولي للتخفيف من الكارثة الإنسانية التي تواجه المناطق الأكثر حاجة في سورية، لا سيما أن توقف المساعدات الإنسانية يؤثر بحياة السكان في مختلف جوانب الحياة”.
وتسبب القرار الصادر عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تعطيل العديد من المشاريع التنموية والمجتمعية التي كانت تنفذها منظمات شريكة للوكالة، على رأسها برامج المساعدات الغذائية، ما زاد معاناة السكان الذين يعانون أصلاً من ظروف إنسانية معقدة. كما خسر كثيرون وظائفهم، في ظل غياب البدائل لتعويض هذا الدعم الحيوي.
google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News