أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع عزمه القيام قريباً بجولة إلى الشرق الأوسط. وتعيد هذه الخطوة تسليط الضوء على المنطقة في وقت تنصب فيه أولويات الادارة الأميركية الجديدة على الملفات الداخلية ونهجها الخاص في “الحرب الاقتصادية”.
وتأتي زيارة ترامب في ظل تصاعد التوترات في المنطقة؛ حيث أرسلت الولايات المتحدة مزيداً من التجهيزات البحرية والطائرات الحربية إلى الشرق الأوسط، وهدّد ترامب بشنّ ضربات عسكرية ضد إيران، إلى جانب إطلاق عمليات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن. كما صعّدت إسرائيل هجماتها في قطاع غزة وجنوب لبنان. وبالتوازي، واصل ترامب تصعيد حربه التجارية على المستوى العالمي، من دون تمييز بين حلفاء وخصوم مع تعثر مساعيه للتوصل إلى تسوية في النزاع الروسي-الأوكراني.
وعلى الرغم من أن الوضع الأمني والمشهد الجيوسياسي المتدهور لا يوفران بيئة مثالية لجولة ديبلوماسية ناجحة، قد يتغير الكثير مع اقتراب موعد الزيارة. ووفقاً للباحث برايان كاتوليس من معهد الشرق الأوسط، يمكن اختصار هذه الزيارة بخمسة محاور رئيسية تستحق المتابعة:
ترامب و”صناعة” السلام
يسعى ترامب الى تقديم نفسه كصانع سلام، وربما يطمح الى نيل جائزة نوبل للسلام. وفي الأصل، دخل البيت الأبيض في ظل هدنة هشّة بين إسرائيل من جهة وحركتي “حماس” و”حزب الله” من جهة أخرى. غير أن هذه الهدنة انهارت في غزة، فيما يبدو أن الهدوء في لبنان على وشك الانفجار أيضاً. ولا يبدو أن إدارة ترامب تمتلك حتى الآن رؤية واضحة لاحتواء التصعيد.
إيران: المواجهة أم الحوار
من ناحية أخرى، عادت إدارة ترامب الى انتهاج سياسة “الضغط الأقصى” تجاه طهران، وسط رسائل متضاربة من الجانبين بشأن فرص التوصل إلى اتفاق جديد. وتتهيأ إسرائيل خلافاً للدعوات العالمية، لتصعيد محتمل ضد أذرع إيران في المنطقة، وربما حتى توجيه ضربات مباشرة إلى الأراضي الايرانية ومنشآتها النووية. ويبرز هنا تساؤل ملح: هل يُقدِم ترامب على خطوات تصعيدية من دون استراتيجية واضحة في هذا الملف الحساس؟
العلاقات الاقتصادية والطاقة والتكنولوجيا
وفي سياق متصل، تبدي إدارة ترامب اهتماماً بتعزيز الشراكات الاقتصادية، خصوصاً في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا، مع حلفاء رئيسيين في العالم العربي. إلا أن السياسات الحمائية التي ينتهجها ترامب، بما في ذلك الحروب التجارية، قد تُلقي بظلالها على هذه الجهود وتحدّ من فاعليتها.
الشرق الأوسط.. ساحة صراع جيوسياسي
وأصبحت المنطقة جزءاً لا يتجزأ من التنافس العالمي بين واشنطن وكل من موسكو وبكين. ففي حين تسعى الولايات المتحدة الى تقريب المسافات مع روسيا والتصعيد مع الصين، يتمسّك كلا الخصمين بنفوذ متزايد في الشرق الأوسط. وقد عبّرت موسكو عن رفضها الشديد لتهديدات ترامب تجاه إيران، فيما تواصل بكين تعزيز حضورها الاقتصادي والديبلوماسي في المنطقة بهدوء وثبات.
وفي ظل هذه التحديات المعقدة، قد تمثّل زيارة ترامب للشرق الأوسط فرصة لإعادة ضبط العلاقات وبناء مسارات جديدة نحو الاستقرار، لكنها أيضاً محفوفة بمخاطر توسيع النزاعات وتعقيد الأزمات القائمة. ويبقى نجاح الزيارة مرهوناً بقدرة إدارة ترامب على صياغة استراتيجية شاملة لمعالجة الملفات الحساسة، لا سيما القضية الفلسطينية والتوترات مع إيران.
وأخيرا، على الرغم من الاعلان الرسمي عن الزيارة، يبقى السؤال مفتوحاً حول إمكان تنظيمها في ظل هذا السياق المضطرب حيث التوترات مرشحة لمزيد من التصعيد؟