الاستعاضة عن الحرب في جنوب لبنان، يكون بالتوجه نحو اتفاق سياسي برعاية دولية إقليمية، يشمل إعادة الاستقرار إلى الحدود الجنوبية، وتطبيق 1701، وتحديداً ما يتعلق بعدم وجود مقاتلي حزب الله جنوب الليطاني. أصبحت هذه هي المعادلة التي يحاول الإسرائيليون فرضها على لبنان، من خلال ضغوط ورسائل تهديد متوالية يتم نقلها إلى المسؤولين اللبنانيين، كمثل الرسائل الفرنسية والأميركية.

ضمان الاستقرار
في الأيام الأخيرة، تزايد منسوب التواصل الخارجي مع لبنان، ربطاً بزيارات لمسؤولين دوليين، على أن تحمل الأيام المقبلة المزيد من الزيارات ربما لمسؤولين أمنيين فرنسيين، وربما أيضاً للمبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين إلى بيروت، للقاء المسؤولين والبحث معهم في سبل تخفيف التصعيد ووقف التوتر، والوصول إلى حلّ للحدود الجنوبية، بما يتعلق بانسحاب إسرائيل من النقاط الـ13 المختلف عليها، ومعالجة وضعية مزارع شبعا، بانتظار إنجاز الترسيم النهائي لها.

تعرض القوى الدولية معياراً واضحاً، وهو ضرورة العودة إلى الاستقرار، وضمان أمن اسرائيل بموجب اتفاق، قد يكون عبر مجلس الأمن الدولي، أو بناء على اتفاق سياسي، في ظل تعذر الوصول إلى أي قرار في مجلس الأمن لتعديل القرار 1701، نظراً لتصويت صيني روسي بفيتو ضد تمريره.
وعليه فإن المفاوضات ستكون سياسية، وعلى قاعدة “الأخذ والعطاء”. أي لن يكون بطريقة الفرض، لأن حزب الله لن يوافق.

المنطقة العازلة!
يحاول المسؤولون الدوليون الذين يعملون على نقل الرسائل إلى لبنان أن يوجهوا نصائح بضرورة تكريس مبدأ التفاوض السياسي، لتجنب أي لحظة جنون لدى الحكومة الإسرائيلية والدخول في حرب مع لبنان، على قاعدة أن تل أبيب قد تسعى إلى نصب الأفخاخ واستدراج الجميع إلى حرب، لا يريدها أي طرف. ويسعى الأميركيون والفرنسيون إلى تجنبها ومنع الإسرائيليين من فرضها.
لذا، تتواصل الأفكار المتعلقة بالصيغة التي سيتم الوصول إليها لتجنب التصعيد. وسابقاً كان قد طرح الإسرائيليون مسألة إنشاء منطقة عازلة بين الحدود وضفاف نهر الليطاني. لكن حزب الله يعتبر أنها فكرة ولدت ميتة ولا يمكنه القبول بذلك. فلبنان منذ العام 1948 يتعرض للاعتداءات الإسرائيلية، ولم يطالب الإسرائيليين بالانسحاب إلى منطقة معينة أو انشاء منطقة عازلة أو آمنة. أما بشأن تأمين الاستقرار لإعادة السكان إلى المستوطنات الشمالية، فإن حزب الله ولبنان يعتبران أن هذه مشكلة إسرائيلية ولبنان غير معني بها.

سحب السلاح الثقيل
حسب ما تقول مصادر متابعة فإن صيغة إنشاء المنطقة العازلة قد سقطت، ولم تعد مطروحة على الطاولة. وتم سحبها من التداول. البحث الآن يتركز حول زيادة عديد الجيش اللبناني في الجنوب، وخصوصاً في منطقة عمل القرار 1701، بالإضافة إلى تعزيز وجود قوات الطوارئ الدولية اليونيفيل وزيادة عديدها، بدلاً من الحديث عن انسحابها من هناك. هذا، إلى جانب وقف العمليات العسكرية وفق ما ينص عليها القرار 1701. كذلك فهناك نقطة أساسية يتم طرحها على المستوى الدولي، خصوصاً بعد قناعة باستحالة خروج حزب الله بجسمه العسكري أو التنظيمي من الجنوب، لأنه إبن الأرض، ومقاتلوه أبناء هذه المناطق. وبالتالي، هم لن يتركوا منازلهم ومناطقهم. هنا تبرز فكرة سحب حزب الله لسلاحه الثقيل، وخصوصاً الصواريخ الدقيقة والبعيدة المدى والصواريخ الموجهة، إلى شمال نهر الليطاني.
في هذا السياق يحاول الإسرائيليون والأميركيون القول إن لدى اسرائيل معطيات ومعلومات حول أماكن انتشار هذه الأسلحة ومراكز تخزينها. وقد وجهت تل أبيب ضربات عسكرية لبعض هذه المواقع، للإشارة إلى أنها تملك معلومات حولها، ولتجنب ضربها بما قد يؤدي إلى توسيع المواجهات، فإنه يتوجب على الحزب سحبها إلى شمال الليطاني.
لا تزال هذه المفاوضات بحاجة إلى مزيد من الوقت كي تتبلور، ولا يمكن فصلها عن سياق المعركة في غزة، على الرغم من التأكيدات اللبنانية بأنه لا أحد يريد الحرب.