مظلوم عبدي يستبق مؤتمر الوحدة بزيارة إلى أربيل
تعول الإدارة الذاتية الكردية على أربيل لإنجاح مؤتمر الوحدة، الذي من المفترض أن يرسم خارطة طريق مشتركة تتضمن المطالب التي سيتم التفاوض بشأنها مع الإدارة السورية، وفي مقدمتها قضية اللامركزية.
دمشق – تربط أوساط سياسية كردية زيارة مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية في شمال سوريا وشرقها، إلى عاصمة إقليم كردستان العراق بالمؤتمر الذي سيعقد للخروج بموقف كردي موحد في المفاوضات مع دمشق.
وهذه الزيارة هي الثانية التي يقوم بها عبدي إلى كردستان العراق خلال العام الحالي، حيث سبق أن زار أربيل في يناير الماضي والتقى الزعيم الكردي مسعود بارزاني، وكان محور اللقاء “الوحدة الكردية”.
ويستعد أكراد سوريا لعقد مؤتمر موحد لهم السبت 26 أبريل الجاري، وينظر إلى الاستحقاق كخطوة مهمة، حيث سيتم من خلاله رسم خارطة طريق مشتركة وفق ما تتطلبه المرحلة التي تمر بها سوريا. ويُعد المؤتمر أول اجتماع رسمي بين تحالفي الوحدة الوطنية الكردية، الذي يضم 25 حزبا على رأسها حزب الاتحاد الديمقراطي، والمجلس الوطني الكردي، منذ أكثر من عشر سنوات.
وساد التوتر العلاقة بين التكتلين على مدى السنوات الماضية، وقد حاولت قيادة إقليم كردستان العراق وأيضا الولايات المتحدة تذليل الخلافات بين الطرفين، لكن الجهود كانت تصطدم في كل مرة بتشدد من تحالف الوحدة الوطنية، الذي كان يتصرف بقدر كبير من التعالي لكونه من يسيطر على سلطة القرار داخل الإدارة الذاتية.
وبتشكل مشهد جديد في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد وصعود هيئة تحرير الشام وحلفائها إلى السلطة، وجدت الإدارة الذاتية نفسها في وضع صعب يتطلب التعاطي معه بواقعية، وفض الخلافات الداخلية لمواجهة التحديات الماثلة.
وتراهن الإدارة الذاتية على إسهام قيادة كردستان العراق في الدفع نحو وضع تصور موحد خلال المؤتمر الذي سيجري على أسسه التفاوض مع الإدارة السورية، والذي يهم بالأساس شكل الدولة ونظامها السياسي، وحقوق المكون الكردي داخلها. وأعلنت رئاسة إقليم كردستان العراق الخميس عن لقاء جمع رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وقائد قوات سوريا الديمقراطية في أربيل مساء الأربعاء.
وقالت رئاسة الإقليم في بيان إن “الاجتماع ناقش آخر تطورات الوضع في سوريا وعلاقات قوات سوريا الديمقراطية والأطراف السياسية الكردية في سوريا مع الحكومة السورية.” وأضافت أن “نيجيرفان بارزاني ومظلوم عبدي أكدا على أهمية شراكة ومشاركة الأكراد وجميع مكونات سوريا في حكم البلاد وإدارتها.”
وشدد الجانبان على “ضرورة الوحدة والوئام بين القوى والأطراف الكردية في سوريا كضمان لتحقيق المطالب والحقوق المشروعة للأكراد،” كما “شكل وضع مخيم الهول ودور التحالف الدولي في سوريا لمواجهة داعش محورا آخر للاجتماع.”
◙ أول اجتماع رسمي بين تحالفي الوحدة الوطنية، الذي يرأسه حزب الاتحاد الديمقراطي، والمجلس الوطني الكردي
ويقول مراقبون إن قيادة كردستان العراق حريصة على إنجاح مؤتمر الوحدة الكردية في سوريا، في ظل إدراكها أن تشتت الموقف الكردي بالتأكيد ستكون له تداعيات تتجاوز الساحة السورية. ويشير المراقبون إلى أن أكثر ما يقلق أربيل هو إمكانية فشل المفاوضات بين الإدارة الذاتية ودمشق، وهو أمر قد يقود إلى صدام يهدد استقرار المنطقة.
وبحسب تصريحات سابقة أدلى بها المسؤول في الإدارة الذاتية بدران جياكرد فإن الرؤية المرتقبة التي ستجري مناقشتها في المؤتمر المنتظر هي اعتماد نظام اتحادي ديمقراطي برلماني، يضمن حكما ذاتيا ضمن دولة لامركزية. كما سيجري طرح استعادة الجنسية للأكراد المجردين منها، والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي، وإلغاء السياسات السابقة التي “استهدفت الوجود الكردي”، كالتعريب وبناء مستوطنات عربية في المناطق الكردية.
وقد تلقى بعض المطالب، مثل الاعتراف بحقوق الشعب الكردي، قبولا من دمشق، لكن المعضلة الحقيقية تكمن في رفضها النظام اللامركزي، أو منح الأكراد وضعا خاصا، تماهيا في ذلك مع الموقف التركي المتشدد في هذا الخصوص. ويعتقد متابعون أن قيادة كردستان العراق قد تلعب دورا أساسيا في تليين موقف أنقرة، بالنظر للعلاقات التي تجمعهما.
وخلال زيارته إلى أربيل التقى قائد قوات سوريا الديمقراطية وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، حيث تم بحث العلاقة بين الإدارة الذاتية والإدارة السورية، وضرورة استمرار الحوار بينهما للتوصل إلى توافق حول النقاط الخلافية. وكانت فرنسا قد أعربت في وقت سابق عن دعمها لاتفاق سياسي بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق، معتبرةً ذلك خطوة إيجابية نحو حل سلمي يضمن وحدة سوريا وحقوق جميع مكوناتها، بمن في ذلك الأكراد.
ويقول مراقبون إن أكراد سوريا أمام مرحلة فاصلة، وإن لا خيار أمامهم سوى الوحدة، وإن قيادة كردستان العراق ستعمل جاهدة من أجل تحقيق هذا الهدف، كما يُعتقد أنه سيكون لها دور متقدم في المفاوضات بين الإدارة الذاتية وتركيا. وقادت أربيل في أكتوبر 2014 مبادرة لتوحيد الصف الكردي في سوريا، واحتضنت محافظة دهوك في إقليم كردستان عدة اجتماعات بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي تمخض عنها توقيع اتفاقية دهوك، التي نصت على تشكيل مرجعية سياسية كردية من الطرفين الرئيسيين بنسبة تمثيل 40 في المئة لكل منهما و20 في المئة للأطراف الأخرى غير المنخرطة في هذين التكتلين، وتحقيق الشراكة الفعلية لكافة الأطراف والمكونات في الإدارة الذاتية وتطوير الشكل الراهن لإدارة المناطق الكردية.
لكن الاتحاد الديمقراطي تراجع عن التزاماته في الاتفاق، وعاد الطرفان إلى التفاوض مجددا عام 2020 وعلى أساس اتفاقية دهوك بدعم من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، إلا أنهما لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق مجددا، لكن الظرفية اليوم مختلفة ولا مناص للفرقاء الأكراد سوى الاتفاق.