قال قيادي فلسطيني لـ”المدن”، إنه بعد موافقة المجلس المركزي لـ”منظمة التحرير الفلسطينية” على استحداث منصب نائب رئيس للجنة التنفيذية، فإن الأخيرة ستجتمع مساء السبت للتصديق على اسم النائب الذي سيختاره الرئيس محمود عباس.
وتعني الخطوة أن اللجنة التنفيذية لن تنتخب نائب رئيسها، وإنما ستقتصر مهمتها على التصديق فقط، وسط تأكيد مصادر “المدن” على أن أمين سر “منظمة التحرير” حسين الشيخ، هو الأوفر حظاً لشغل المنصب الجديد.
جاء قرار المجلس المركزي باستحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية الآن، ليثير سؤالين مركزيين: ما المقصود بالخطوة؟ وهل من مزيد؟
المُلاحظ أيضاً أنه خلافاً لما خُطط له، فإن موافقة المجلس المركزي على استحداث المنصب جاءت بصيغة قرار منه، وليس بموجب تعديل النظام الداخلي، ما أثار علامات استفهام بشأن دلالات ذلك.
ورغم محاولة عضو مقرب من عباس فس المجلس المركزي، تبرير السبب، بقوله لـ”المدن” إن اللجوء إلى هذه الصيغة، جاء من منطلق إدراكهم أن القرار له نفس “الأثر والقوة القانونية لتعديل النظام الأساسي”، إلا أن إجابته قد تُخفي دافعين آخرين، الأول أن تعديل النظام لن يحظَ بالشرعية التي أرادها عباس نتيجة انسحاب الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب ومقاطعة الجبهة الشعبية واستبعاد حركة المبادرة الوطنية، ناهيك عن ارتباط الأمر برغبة عباس تأجيل تغيير النظام إلى مرحلة لاحقة ولغايات أخرى متمثلة بإدخال تعديلات أو إضافات على أدوار أجسام “منظمة التحرير”، خصوصاًاللجنة التنفيذية.
ما معنى “نائب رئيس اللجنة التنفيذية”؟
وبتحليل صيغة القرار، يجري الحديث عن نائب لعباس كرئيس لتنفيذية منظمة التحرير، وليس بوصفه رئيساً للسلطة، عدا عن أن القرار ترك المفاتيح بيد عباس، بمنحه سلطة تحديد المهام التي سيوكلها إلى نائبه الذي سيختاره لاحقاً، كما يخوله إقالته وتغييره وقبول استقالته دون أخذ رأي اللجنة التنفيذية.
وقال مسؤول مقرب من عباس لـ”المدن”، إن نائب رئيس اللجنة التنفيذية ليس بالضرورة هو مَن سيكون رئيساً للجنة التنفيذية في حال شغور المنصب لسبب مفاجئ، مبيناً أن النائب بمنظمة التحرير تقتصر وظيفته على مهامّ يكلفه بها عباس طالما هو على قيد الحياة، وإذا غاب عن المنصب نتيجة وفاته أو لسبب طارئ آخر، فإن اللجنة التنفيذية ستعقد اجتماعاً عاجلاً لانتخاب أحد أعضائها لتولي رئاسة التنفيذية، وهذا يعني أن النائب ليس مؤكداً هو خليفة عباس بالمنظمة، وفق المصدر المطلع على حيثيات الخطوة.
تهيئة لمجلس قيادي.. والأمن “الضابِط”؟!
وبالنسبة للسلطة، أوضح القيادي الفلسطيني لـ”المدن”، أن للسلطة قانونها الخاص، وأنه استناداً إلى “الإعلان الدستوري” الذي أصدره عباس قبل أشهر، فإن رئيس المجلس الوطني هو الذي سيملأ الفراغ “مؤقتاً حال الشغور المفاجئ بمنصب رئيس السلطة إلى حين إجراء انتخابات”.
ولكن، ماذا يُرادُ بالخطوات المتخذة تباعاً؟.. يقول مصدر مقرب من المطبخ السياسي لـ”المدن”، إن كل ذلك بمثابة تهيئة لمرحلة ما بعد عباس، عبر تقسيم صلاحياته على مناصب مستجدة وأكثر من قيادي، إضافة إلى التحضير لسيناريو “رئيس لكل جسم”؛ أي سيكون بعد عباس رئيس للسلطة وآخر لمنظمة “التحرير” وثالثاً لحركة “فتح”، بما يشبه المجلس القيادي، وهو أمر يعني أن محمود عباس هو الشخصية الثانية والأخيرة بعد عرفات، الذي يرأس السلطة والمنظمة وفتح معاً، وهو شكل ضغطت باتجاهه الولايات المتحدة وأطراف عربية منذ سنوات.
لكن الأمن الفلسطيني وخاصة جهاز المخابرات، يبدو ضابطاً لإيقاع الخطوات المُتخذة بعنوان “تجديد السلطة والمنظمة”، وما ينتج عنها من تحولات وتوازنات ستشهدها السلطة والمنظمة و”فتح” تباعاً.
خطوات لاحقة أيضاً..
بيدَ أن عباس يواصل المناورة بشأن إجراءاته ومقاصدها، وينفذها بطريقة متسلسلة تضمن مواصلة احتكار تيار معين للمجلس القيادي المنشود، وبما يضمن تحصين أبنائه من الملاحقة القانونية والسياسية والأمنية بعد وفاته.
وبحسب ما يرشح لـ”المدن”، فإنه لن يُكتفَ باستحداث نائب رئيس اللجنة التنفيذية، بل ستتلوه خطوات أخرى، بينها تمكين رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج من تولي مهمة جديدة لم تُكشف بعد، بموازاة نية عباس إدخال أسماء جديدة لمركزية وثوري “فتح” من بوابة المؤتمر الثامن للحركة، خاصة أن “الثوري” أوصى الاثنين الماضي بتفعيل اللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر قريباً، كما أكد قيادي فتحاوي ل”المدن”.
إسرائيلياً، تراقب تل أبيب ما يجري في رام الله بصمت، لكن صحافيين إسرائيليين نقلوا عن دوائر أمنية وسياسية إسرائيلية، بأنها تعدُّ خطوات عباس “محاولة غير ناجحة لتجميل وجه قبيح”.