منذ أداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليمين الدستورية، استخدم الرئيس السابع والأربعون سلطته بطريقة لا مثيل لها بين أسلافه. من خلال كومة من المستندات الموقعة بقلم الرئاسة والإعلانات السياسية التي نُشرت بأحرف كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، شملت عاصفة إجراءاته التنفيذية كل جوانب الحياة الأميركية.
وبالفعل، مع بلوغ ترامب يومه المئة في منصبه، أصبح أثره واضحاً في كل مكان، وإن يكن التأثير الطويل المدى لا يزال غامضاً.
ومن بين وعوده الانتخابية، تقليص الإنفاق الحكومي الفيديرالي في البلاد، وفي هذا الصدد، عرض عليه إيلون ماسك، العام الماضي، فكرة إنشاء وزارة لتحسين كفاءة الحكومة تكون مسؤولة عن تقليص حجم البيروقراطية الفيديرالية. وأجابه ترامب حينها: “أحب ذلك”.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيعهد إلى ماسك (وفيفيك راماسوامي) مهمة قيادة وزارة مستحدثة تُعنى بـ”الكفاءة الحكومية”، مهمتها خفض الهدر.
وكانت النتيجة أكثر عملية ممّا تخيّل الكثيرون. بدأ ماسك العمل مباشرة مع الإدارة، مصطحباً معه بعض المقربين منه. وقد انتشر الموالون له في جميع الوكالات الفيديرالية للوصول إلى البيانات الحساسة، واستجواب الموظفين الدائمين، والضغط من أجل إجراء تخفيضات، بحسب وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية.
وفي وقت قصير، أحدث ترامب وماسك صدمة في البيروقراطية باقالة عشرات الآلاف من الموظفين.
وأشار تحليل لشبكة “سي إن إن”، استند إلى البيانات الرسمية والمذكرات الداخلية الصادرة عن مسؤولين حكوميين وتقارير إخبارية، إلى أنه تم فصل أو تسريح ما لا يقل عن 121,000 موظف فيديرالي خلال الأشهر الثلاثة التي تلت بدء ولاية ترامب الثانية.
وقد أثارت التسريحات الواسعة النطاق ارباكاً وتساؤلات حول قدرة الحكومة على تلبية احتياجات الأميركيين في مجالات التعليم والرعاية الصحية والنقل والسلامة العامة.
ففيما تم تقليص الوظائف في معظم الوكالات المستهدفة بنسبة تقل عن 10%، شهدت وكالات أخرى مثل وزارة التعليم أو وكالة التنمية الدولية تخفيضات كبيرة.
وبحسب التقارير المتداولة، فُصل واحد من كل 14 موظفاً في الوكالات المتضررة، علماً أن نسبة التسريح تفاوتت بين وكالة وأخرى.
ما هي الوكالات التي تعرّضت للتخفيضات؟ (في ما يأتي تفاصيل التسريحات حتى 25 نيسان/أبريل 2025).
معاهد الصحّة الوطنية الأميركية
سُرّح أكثر من 10% من القوى العاملة في معاهد الصحّة الوطنية، ما لا يقل عن 2,300 شخص، منذ 20 كانون الثاني/يناير.
معاهد الصحّة الوطنية هي وكالة الأبحاث الطبّية في البلاد، وتموّل جميع أنواع الدراسات المتعلقة بالصحة، وتعتبر دعمها المعيار الذهبي لدعم الأبحاث.
وزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية
تخطط وزارة شؤون المحاربين القدامى لتسريح 70 ألف شخص، أكثر من أي وزارة أخرى، وهو ما يمثل 15% من إجمالي الموظفين.
الوزارة مسؤولة عن توفير المزايا والخدمات – بما في ذلك تعويضات الإعاقة وتمويل التعليم العالي والتدريب المهني – للمحاربين القدامى وعائلاتهم.
وزارة التعليم الأميركية
تم تقليص أكثر من 51% من موظفي وزارة التعليم في شباط/ فبراير. أغلقت سبعة من مكاتبها الإقليمية الاثني عشر.
وقد تعهد ترامب بإغلاق الوزارة بالكامل، على الرغم من أنه سيحتاج إلى موافقة الكونغرس للقيام بذلك.
مكتب التخطيط والتطوير المجتمعي التابع لوزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأميركية
فُصل ما يقرب من 84% من الموظفين في مكتب التخطيط والتطوير المجتمعي التابع لوزارة الإسكان والتنمية الحضرية.
وتموّل الوكالة برامج مكافحة التشرّد، والإسكان الميسور التكلفة، وإعادة الإعمار بعد الكوارث.
وكالة التنمية الدولية
وكالة التنمية الدولية (USAID) كانت أول وكالة تستهدفها إدارة ترامب. وابتداءً من نيسان، تم حلها بالكامل فعلياً.
وقد بدأت بالفعل الدول التي تعتمد على الوكالة في برامج مكافحة الجوع ومكافحة الاتجار بالبشر والمخدرات في جميع أنحاء العالم تشعر بتأثير ذلك.
هل يترك ماسك منصبه الحكومي؟
ومع وفرة الاقالات، لا يخفي الاميركيون امتعاضهم، في حين أكد ترامب أن ماسك ينوي ترك منصبه بوصفه موظفاً حكومياً يرأس “وزارة كفاءة الحكومة”، بنهاية أيار/مايو المقبل، كما لمّح إلى احتمال انتهاء عمل الوزارة قبل الموعد النهائي المقرر في 4 تموز/ يوليو 2026.
وتشير مصادر في البيت الأبيض إلى أن ترامب يتطلع بالفعل إلى “إيقاف عمل وزارة كفاءة الحكومة التي أثارت الكثير من الجدل والغضب خلال الشهرين الماضيين وأصبحت مهامها غير مرغوب فيها على نحو متزايد بين الناخبين المؤيّدين له. وقد اضطرّ إلى الدفاع مراراً عن مهمتها التي أثرت على الناخبين في بعض معاقل الجمهوريين”.