في واشنطن العناوين ثابتة، وهي السلاح والإصلاح والسلام. وكلّ من هذه العناوين الثلاثة يحلّ في الموقع نفسه على طاولة الموفدة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس التي تعمل وفق أجندة إدارتها والمسؤول عن ملفّ المنطقة ستيف ويتكوف. هي لن تتوقّف حتّى تحقيق العناوين الثلاثة السابقة. والأهمّ في مقاربة كلام أورتاغوس التي تعود بنسخة جديدة أكثر حزماً ودعماً من إدارتها ومن العرب، أنّها لا تعمل وفق أجندة واشنطن فقط، بل تعبّر أيضاً عن الخليج، على اعتبار أنّ مقاربتهما للبنان واحدة.
أثار كلام أورتاغوس في قطر تفاعلاً في الوسط السياسي والاقتصادي. فقد قالت بوضوح إنّ البديل عن تسليم السلاح وحصره في يد الدولة هو الحرب على لبنان. وفي هذا التصريح العلني بدأ لبنان يقترب من خطوط اللاعودة، لا سيما أن لا خيارات كثيرة لديه وسط ضغط دولي سيتضاعف في الأسابيع المقبلة حتّى التطبيق أو الانفجار.
في حديث خاصّ قالت أورتاغوس: “يجب أن نتحرّك بسرعة نحو نزع سلاح “الحزب” بشكل كامل، ويجب أن يكون هناك احتكار للسلاح بيد الدولة فقط. على سبيل المثال، تمكّن الرئيس أحمد الشرع من التحرّك بسرعة، وهو مستعدّ لإعادة بناء سوريا وفتحِ أسواقها أمام النموّ الاقتصادي والاستثمارات المفيدة والسلام الدائم في المنطقة”. وأضافت: “نزع سلاح “الحزب” يجب أن يتمّ قريباً، وإلّا يخاطر لبنان بأن يتخلّف عن الرَكب”.
بناء على هذا الكلام، تتحدّث معلومات “أساس” عن أنّ أورتاغوس أرجأت زيارتها إلى ما بعد الأسبوع المقبل، وذلك لاستكمال مهامّها على “الباكيدج” التي ستأتي به إلى لبنان وفيه مشاريع حلول للقضايا الأمنيّة والسياسية العالقة. وعليه، ستعمل أورتاغوس على تجهيز مسوّدة طروحاتها لتصل إلى بيروت وفي جعبتها مشاريع حلول لا تصعيد في المواقف فقط.
في واشنطن العناوين ثابتة، وهي السلاح والإصلاح والسلام. وكلّ من هذه العناوين الثلاثة يحلّ في الموقع نفسه على طاولة الموفدة الأميركية إلى لبنان
تمّ تحوير كلامي وصندوق النّقد ضرورة
بعدما أثارت عاصفة من ردود الفعل على كلامها المرتبط بصندوق النقد، أوضحت أورتاغوس في حديث خاصّ أنّه “تمّ اقتباسُ هذا الكلام خارج سياقه بالكامل. أنا لم أقُل أبداً بتجاوز الإصلاحات، بل على العكس تماماً. إنّ سياسة الولايات المتّحدة لا تزال ثابتة، كما ذكرت ذلك في المقابلة، وهي أنّ على البرلمان أن يتحرّكَ بسرعة لتمرير قانونِ إعادةِ هيكلةِ القطاع المصرفي. ويجب على الحكومة أن تعمل بسرعة على صياغةِ قانون سدّ الفجوة الماليّة وإرساله إلى البرلمان للتصويت عليه”.
أورتاغوس
في معلومات “أساس” أنّ كلام أورتاغوس هذا جاء رفضاً لمحاولات إسقاط شروط إصلاحات صندوق النقد في لبنان مقابل الذهاب إلى السلام. فبالنسبة إلى الإدارة الأميركية، الإصلاحات هي ممرّ إلزامي للاستثمارات، كما حصر السلاح. وعليه، قالت أورتاغوس إنّ “الإصلاحات ِالاقتصاديّةَ والماليّةَ هي المسار الوحيد لبناء الدولة، وتأثيرَها يحدّ من الفساد ويقوّض مصادرَ تمويلِ “الحزب” غير الشرعية”.
باختصار، يتلخّص المطلب الأميركي الدولي في عبارة واحدة: “نزع سلاح الميليشيات وتمرير الإصلاحات هما مفتاحُ أيّ استثمارٍ في لبنان”.
تتحدّث معلومات “أساس” عن أنّ أورتاغوس أرجأت زيارتها إلى ما بعد الأسبوع المقبل، وذلك لاستكمال مهامّها على “الباكيدج”
وضع دقيق جدّاً
قالت مصادر دبلوماسية في واشنطن إنّ كلام أورتاغوس من الدوحة الذي تحدّثت فيه عن إمكان عدم اللجوء إلى صندوق النقد أرادت فيه المبعوثة الأميركية أن تقول إنّ لبنان يمكن أن يتجنّب القروض، لأنّ الاستثمارات ستتهافت عليه في حال نفّذ الإصلاحات. وبالتالي الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد، بالإضافة إلى حصر السلاح بيد الدولة، هي ممرّ إلزامي للذهاب إلى تجنّب القروض والحصول على الأموال عبر استثمارات أجنبية وغربية وخليجية في لبنان.
إقرأ أيضاً: أورتاغوس في بيروت: السلاح والسلام أولاً
بناء على كلّ هذا المعطى، لبنان اليوم على موعد قريب مع عاصفة يفترض أن يتحضّر لها جيّداً. كيف سيتعامل الرؤساء، عون وبرّي وسلام، مع سلّة “الحلول” التي ستُطرح على الطاولة، ومن بينها الالتحاق بسوريا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟ وهل تجنّب العاصفة الدبلوماسية سيؤدّي إلى عاصفة عسكرية قريبة؟ لا شكّ أنّ الوضع دقيق جدّاً، لا سيما أنّ خيارات لبنان ليست مفتوحة، فعلى حدوده الجنوبية إسرائيل، وعلى حدوده الشمالية الشرقية سوريا، وأمامه البحر.