تُعطي متابعة سلوك الفريق الحاكم الجديد في سورية الانطباع بأن مراكز التقرير فيه تريد شيئين متناقضين يتعذر الجمع بينهما. من جهة يريد القوم استقرار البلد واستتباب الأمن فيه وحفظ وحدته الجغرافية، وأن ينالوا اعتراف الداخل والخارج بهم كحكم شرعي مسؤول. لكنهم يريدون كذلك احتكار الحكم لأنفسهم، ليس المواقع «السيادية» فقط، بل كل ما يُرى من سلطة الدولة في الفضاءات العامة، بما في ذلك الإعلام والثقافة، وبما في ذلك ما استُحدِثَ مؤخراً من هيئات للعدالة الانتقالية وللكشف عن مصير المفقودين. وهذا لا يتوافق مع الاستقرار والأمن والوحدة، بل هو عامل تفريق وعدم ثقة واضطرابات أمنية رأينا تواترها صاعداً خلال الشهور الثلاثة الأخيرة. وبينما يبدو أن الشعور الواعي للسلطة الجديدة، مثلما قد نستخلصه من تصريحات كبار رسمييها، يُحيل اسمياً إلى المشاركة والمواطنة والدولة العامة، إلا أن غريزة هذه السلطة مثلما تتجلى في بناء مؤسساتها وأجهزتها هي حصرية واستبعادية بقدر كبير، لا مشاركة فيها ولا ثقة. أما سلوك بعض قوى الحكم الجديد الأمنية فهو نشط وعدواني في تغريبه لقطاعات من السكان، أي في معاملتهم كغرباء أو أجانب، وفي أنانيته الفئوية وبُعده عن منطق الدولة الوطنية.
هذا وضع غير مستقر، وقد لا يتأخر الوقت قبل أن يُحسَم في أحد اتجاهين، اتجاه الغريزة والأنانية، أو اتجاه المصلحة العامة العاقلة. مسارات الأشهر المنقضية تشير إلى رجحان وزن الغريزة في بناء هياكل السلطة وتوجيه الأفعال على الأرض، مع ما هو معلوم من أن الغرائز عمياء، لا يَؤول الاهتداءُ بها إلى غير الكوارث. الدول، ونتكلم على مجتمعات بالملايين وعشرات الملايين أو مئاتها، تُحكَم بالمعرفة، بتوسيع قاعدة التفكير والقرار والفعل، بالمشاركة وحُسن السياسة، وبالكفاءات الفعلية. أي بالعقل، مفهوماً كطبقة الإدراك المتفاعلة مع الواقع المُتغيِّر، وبالتالي الأكثر مُزامَنة لهذا الواقع. حُكْم الغريزة بالمقابل يقود إلى سلطة الغَرَزيين، من لا يحتاجون إلى معرفة خاصة وفكر يتجدد وكفاءة نوعية، أو إلى تغليب الجانب الغَرَزي من أنفس الأفراد على الجانب الواعي، أي إلى حُكم الهوى لا العقل، والمُحصلة واحدة. وليس لسوريين لديهم الخبرة الأليمة المعلومة أن يقولوا لأنفسهم إن رجحان وزن الغريزة هو تقدير ذاتي مبالغ فيه، أو مُحفَّز بدوافع إيديولوجية مغرضة. فبقدر ما نستدل عليه من التعيينات، هو واقعة مُطّردة لا نعرف لها استثناءً واحداً معلوماً. ولقد سبق أن رأينا الغريزة والهوى يحكمان الدولة، وقد آلا بها إلى ما نعلم من خراب عميم.
هناك تأويلان لازدواجية السلوك المُعايَنَة بعد سقوط الحكم الأسدي. أولهما يستعيد قالباً سابقاً شائعاً، يقول إن الرئيس جيد ومن حوله سيئون، وهو بدوره استعادة لمأثور إسلامي أقدم عن الحاكم الصالح والبطانة الطالحة، مع الدعاء بصلاح البطانة أو بدونه؛ وهناك تأويل ثان يقول إن الأمر في أحسن الأحوال تقاسم أدوار ظاهري، بينما الحقيقة هي أن الجماعة كلهم طالحون، أشرار، وأن الصحيح سياسياً بالتالي هو التخلص منهم، وكلّما كان ذلك أسرع كان أحسن.
التجريب والتكوين
لا يبدو أيٌّ من الطرحين مقنعاً، وما نقترحه في هذه المناقشة هو قضية ذات شُعبتين. الأولى تُحيل إلى الطابع التجريبي لسياسة الفريق الحاكم، الذي فوجئ هو ذاته كما فوجئ غيره بوقوع حكم سورية في يديه دون سابق إعداد. تجربة محافظة صغيرة طرفية وأقرب إلى التجانس مثل إدلب لا تصلح للتعميم على سورية، وهي على كل حال بدأت كتجربة سلفية جهادية، يتصرف الحاكمون فيها كفاتحين: يمتلكون البلد ويَستتبعون أهله ويفرضون حُكمهم بالترهيب. اعتدلَ القوم بعض الشيء بعد عام 2016، لكن تكوينهم ظلَّ واحدياً، يَستبعد من لا يواليهم. وهو ما تعزز بحقيقة أن تلك التجربة كانت واقعة تحت الخطر طوال سنواتها. في دمشق، أراد الفريق المسيطر الجديد دون لبس أن يُرى كحُكّم معتدل يتصرف بصورة مسؤولة، وأن يُعترَف بحكمه مثلما يُعترَف بجميع الحكومات الأخرى. لكن دون تراكم في الخبرة والتجربة، ثم مع ظهور أكبر لمفاعيل كون الجماعة طيفاً بلا مركز موحّد أكثر ممّا هم فريق متناسق بالفعل، يبدو الأمر متعثراً. ما الذي يفعل فعله عند الناس حين يفتقرون إلى التجربة؟ التكوينُ الأصلى، وهذا يُحيلنا إلى الشعبة الثانية: للجماعة تكوين أصلي إسلامي سلفي، متحزب لنفسه ومنعزل عن غيره، ولا يستطيع النظر إلى ذاته من موقع الغير. وفي هذا ما يحول دون الأفعال الانعكاسية (فحص الذات، لوم الذات، نقد الذات، مراجعة الذات، إلخ)، وبالتالي دون نشوء الضمير المُحاسِب.
ولا يطابق التكوينُ الأصليُ المثالَ السلفي الجهادي الذي تنحدر منه هيئة تحرير الشام بالضرورة، إلا أن حدّه الأدنى هو مركزية سنّية في تصور سورية، يجري تمثيلها أحياناً بعبارة الأموية. قبل أربع سنوات صدرت «وثيقة الهوية السورية» من المجلس الإسلامي السوري الذي كان مُستقرّه في اسطنبول وقتها، وتتكلم الوثيقة على سورية ذات هوية إسلامية، سنّية ضمنياً، وتشرط حرية وحقوق «المكونات التاريخية العديدة» بأن لا تعود بالنقض على «الهوية السورية الأصيلة» (هنا نقدي للوثيقة، وروحية خصخصة الثورة التي تصدر عنها). وهو تصور اغتذى من حسٍّ بالاستبعاد طوال عقود الحكم الأسدي والبعثي، ورَفَدَهُ صعودٌ سلفي في البيئات السنية بدءاً منذ تسعينيات القرن الماضي، ثم راديكالية النموذج السلفي الجهادي في مطلع هذا القرن الذي فتن قطاعاً من الشباب السنّي، الريفي غالباً، ثم أكثر الحضورُ القريب والفعّال لهذا النموذج بعد الثورة السورية. فتشكل في المحصلة ضربٌ من السنّية العميقة، الطائفية، المتحزبة والديناميكية، لا تقبل نداً، ولا تنظرُ في ذاتها ولا تتفاعل مع غيرها. أي أنها سلفية البنية دون أن تكون بالضرورة سلفيةَ المذهب.
التكوينُ الأصلي يشدّ باتجاه غريزة الاستئثار، والمَنزَعُ التجريبيُ أضعف فكرياً وسياسياً (إلى اليوم على الأقل) من أن يؤثر على العمق الغَرَزي. وهذا لا يعني حتماً أن هناك تجريبيين جيدين وغَرَزيين سيئين، فكما تقدمت الإشارة، تعمل هذه الثنائية على مستوى الفرد الواحد، تَرجُّحاً بين الغَرَزي اللاشعوري والتجريبي والعقلي. أي أن هذين البعدين موجودان عند الجميع، وإن بنسب مختلفة وقدرات متفاوتة على المناورة والتحكم. في المحصلة، تعاني تجربة الفريق الحاكم السياسية من تردد بنيوي، حَسْمُهُ غير سهل ودَوامُهُ غير آمن.
وهذا يُثير مسألة قديمة متجددة، تتصل بعلاقة التفكير السياسي الإسلامي بالدولة والمجتمع الحديث، وبقضايا الدستور والمواطنة وحكم القانون والتعددية السياسية وحقوق الإنسان، والمسؤولية العامة غير الطائفية. هناك تردد إسلامي مُكوِّن في هذا الشأن، حَسَمَه السلفيون الجهاديون حَسْماً عدمياً قاتلاً ضد العالم الدنيوي الحديث، وضد الحقيقة كمبدأ للمعرفة والعقلنة، ويقعون فيه (التردد) من جديد كلما ابتعدوا عن العدمية.
الأموية والحرس الإسلامي
ولهذا الوضع المُقلقَل عاقبة سياسية مباشرة في الوضع السوري المعلوم: السكوت على أو عدم القدرة على ضبط الغَرَزيين الذي يفكرون في سورية كمُلكية سنّية خاصة، لأن هؤلاء جزءٌ من التكوين الأصلي، ليسوا من خارجه ولا مجرد مجموعات غير منضبطة مجهولة. والسلطات الراهنة على كل حال لم تتجاوز يوماً هذا الكلام العمومي على مجموعات مسلحة غير منضبطة دون أن تسمّيها كمجموعات دينية متطرفة، تشعر إلى اليوم أنها من قوى السيطرة فيما يبدو، وأنها آمنةٌ من العقاب مهما تفعل.
والانطلاق من هذه الواقعة الأساسية دون غيرها هو ما يمكن أن يكون نقطة تحول جدّية في الوضع السوري اليوم. سورية تنجو، وتسير نحو استعادة وحدتها الجغرافية فقط بإضعاف القوى الأشد غَرَزية وتَطرُّفاً ضمن التركيبة الجديدة وضبطها. وهذا لأنه لا يستقيم وجود قوى تطرّف في الدولة التي يفترض أن لا تكون طرفاً خاصاً في المجتمع. التطرّف هو تصرّفُ طرف اجتماعي أو سياسي أو ديني كأنما هو الأطراف كلها، أو انفراده بالسلطة في مجتمع متعدد الأطراف. وما يجعل ضبط التطرّف ممكناً من حيث المبدأ هو أن التكوين المسيطر اليوم طيفي وليس كتلياً، وهو تالياً لا يمتنع أن يتشكل في صورة مغايرة، معتدلة أكثر.
فإذا عبّرنا عمّا تقدّمَ بلغة سوسيولوجية، فقد نرى إننا حيال قطاعات ريفية، متواضعة التعليم، منحدرة من الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، تحمل السلاح والدين. وهي قطاعات تحمّلت لسنوات أشد وحشية الحكم الأسدي، ولعقود عانت من التمييز وقلة الفرص في «سورية الأسد». ثم هي في النهاية من أسقطت النظام، فلديها شعور قوي بالاستحقاق، وتبدو مستعدة للذهاب بعيداً جداً في حماية ما امتلكت بعد عناء، على نحو رأينا تحققه العنيف في الساحل في آذار الماضي. يتعلق الأمر بما يمكن تسميته الحرس الإسلامي، على نحو يذكر بالحرس القومي البعثي في ستينيات القرن العشرين. أي بتشكيلات عقدية عنيفة، تُمثّل مشكلة للمحكومين والحاكمين في آن. وفي عمومه يُذكِّرُ هذا الوضع بقاعدة الحكم البعثي الاجتماعية في الستينيات، وتدفقها على دمشق ومشاعرها المضطربة والمتناقضة حيال المدينة. من وجهة نظر سوسيولوجية الفارق الإيديولوجي بين إسلاميين وبعثيين ليس أساسياً في تعريف الطيف المسيطر وتقدير مساراته.
هل هناك قوى أكثرُ مدينية وأوسعُ أفقاً تستطيع ضبط التشكيلات الغَرَزية المتطرفة؟ هنا التحدي وهنا المعضلة. نُقدِّرُ أنه ثمة مكوّناً مدنياً، لكنه لا يبدو قوياً ولا قادراً على ضبط الغَرَزيين، ولعله هو ذاته مُوزَّع النفْس بين وعي يتعلم من التجربة وبين غَرَزيةِ الإمساك بأعنّة السلطة. ويبدو فوق ذلك مُتقلِّباً بين أن يجازف بإضعاف نفسه إن ضربَ المتطرفين، وأن يفقد صدقيته إن لم يفعل. وإنما لذلك يبدو أنه يفعل الشيء وعكسه طوال الوقت.
هذا يتعارض مع مقتضيات انتقال نحو أوضاع مستقرة. وتتجلى الصعوبة بوضوح أكبر إذا حكمنا على ضوء السابقة البعثية، حيث ضمر وزنُ القليل من القوى المدنية منذ وقت مبكر من الحكم البعثي، ولم يزِد. وبالعكس، شهدت سورية خلال 60 عاماً من الحكم البعثي عملية ترثيثية نازعة للمدنية بموازاة ذلك الضمور، وهي عملية أسهمت بقوة في التردي العام وإنتاج قوى الحكم الحالي.
أما إذا تناولنا الأمر بلغة رمزية، فإن الأموية تبدو مساحة تسوية غير مستقرة بين السنّية المتوترة، السلفية والمرتابة بغيرها، وبين ما يُفترض أنه أقرب إلى الدلالة الأصلية للأموية من حيث الاستيعابية والوزن الأخف للدين في الحكم والسياسات العامة. الأموية الأخيرة لا تستقيم مع الحرس الإسلامي بالدلالة المُشَار إليها للتو.
في بعض تداولها، قد تكون الأموية الرائجة اليوم الأرضية الإيديولوجية لمُصالحة السنّية السياسية مع الواقعة السورية، بعد طول تحفظ، عربي وإسلامي، حيالها.
أثر رفع العقوبات
ما الأثر المحتمل لرفع العقوبات الاقتصادية على ديناميات الطيف المسيطر؟ قبل كل شيء، رفع العقوبات حاجة حيوية للسوريين جميعاً، يستفيد من الرفع شاغلو المواقع الأقوى أكثر من غيرهم، لكن هم الأقل تضرراً من وجودها، مثلما كان بشار الأسد ومحاسيبه الأقل تضرراً من فرضها. نفعُ رفعِ العقوبات عام، وإن بتفاوت أكيد يوافق تفاوت المواقع الحالية في السلطة العمومية والنفاذ إلى الموارد الوطنية.
ثم إنه يبدو أن رفع العقوبات يعزز مواقع الأكثر تجريبية ومدنية في الطيف المسيطر لأنه صاحبُ الإنجاز، ولأن هذا الإنجاز يتوافق مع منطق الاعتدال ويقتضيه، وليس مع منطق التطرّف والغريزة.
وبقدر ما إن رفع العقوبات يُدرِجُ سورية في النظام الإقليمي والدولي، فإنه يضعها كذلك تحت الأنظار على نحو يتعارض مع المَسالك الغرزية المتواترة اليوم، أقله لأنها مضادة للبزنس واللبرلة الاقتصادية التي يبدو الفريق المسيطر متحمساً لها تحمساً غير مشروط. ومن وجه آخر يُحتمَل أن تزداد استقلالية المسيطرين الجدد عن المجتمع بالنظر إلى ما يحظون بها من احتضان عربي وغربي متزايد، ما يُسهّل لهم أمر عدم مشاركة أحد في السلطة. المعادلة دقيقة هنا. فمن الواضح أن المواقع النسبية للأطراف السورية المتحفظة على الحكم الحالي، أو المعترضة عليه، قد صارت أضعف بعد لقاء الشرع وترمب في الرياض، وما يبدو من انطلاق ديناميكية لرفع العقوبات. لكن هنا أيضاً، يبدو أن رفع العقوبات جزءٌ من عملية تطبيع أوسع تقتضي تفاعلاً أكثر إيجابية مع مطالب ومخاوف الكرد والدروز والعلويين، وتتعارض هي الأخرى مع مسالك «الحرس الإسلامي» الغَرَزية.
وظاهرٌ أن رفع العقوبات يندرج في إطار أوسع هو تطبيع الحكم السوري الجديد في المجالين العربي والدولي، وتوقع أن يتصرف كحكم «طبيعي» في الداخل السوري. أي ليس كحكم إسلامي.
تطبيع وما بعد
تبدو هذه كلها تقديرات مُضارِبة، تحاول بحذر أن تكون أكثر مُلاءَمة لواقع الحال.
ويترتب على احتمال التطبيع أن سورية لن تسير بعد رفع العقوبات نحو أوضاع لا تسمح بها التراكيب الإقليمية والدولية القائمة، كأن تصير ديمقراطية تعددية، أو أن تصير دولة طالبانية. التطبيع هو تكيُّف مع البيئة المحيطة، وهي بيئة بدون كوامن تحررية، وإن توافقت مع تحسن الأوضاع الاقتصادية واستقرار الأوضاع الأمنية.
يتعذر توقع مسارات الأمور في الشهور والسنوات القادمة، لكن من شأن استقرار الأمور على نسق غير عنيف، يمر حتماً بضبط الحرس الإسلامي، أن يُفضي إلى ارتسام سورية باقتصاد جديد مُلبرَل بقدر كبير، ومجتمع جديد غير مُلبرَل، أو حتى مضاد لليبرالية الاجتماعية. وهو ما قد يعني أننا سائرون نحو أوضاع تتسم بحضور أكبر للمسألة الاجتماعية بدلالتين للتعبير: ما يتصل بتوزيع الموارد في اقتصاد «حر» دون ضمانات اجتماعية، وما يتصل بالحريات الشخصية والسلوكية في مواجهة تقييدات دينية. فإن صح ذلك، فسوف نكون حيال «وضعية يسارية»، يتوافق فيها الدفاع عن الشرائح الأفقر مع الدفاع عن الحريات الاجتماعية، وهذا في غياب واسع لمنظمات يسارية فاعلة ونقابات عمالية. فإن كان ذلك صحيحاً بدوره، فلا يَبعدُ أننا سائرون رغم كل شيء نحو أوضاع تتخامد فيها التوترات الطائفية أو تكفّ عن تغذية روح النزاع والتحزّب، وتصعد بالمقابل التوترات الاجتماعية المتصلة بالطبقات، ومعها توترات جهوية تطل برأسها أكثر وأكثر سلفاً.
ما قد يَحولُ دون استقرار الأمور على نسقٍ غير عنيف هو الفشل في ضبط التطرف الداخلي وقوى الحرس الطائفية. من شأن ذلك أن يُدخِل سورية في سنوات من الصراعات العنيفة والانقلابات، وتشظٍّ أوسع للجغرافيا السورية مما هو قائم اليوم. ويبدو أن هذا المُنحدَر الخطير هو ما تدركه القوى الإقليمية والغربية، وقطاعات من السوريين، وتعمل على درئه عبر الدعم المشروط للحكم الحالي.
يبقى أن سورية بلد مُتعذّر القراءة والسياسة معاً، وينصح الواحد منا نفسه قبل غيره بأن يكون حذراً في تقديراته بشأن هذا «البلد الرهيب».
مقالات مشابهة