20
تسعى أذربيجان إلى توسيع نفوذها الإقليمي معوّلة على علاقاتها الوثيقة مع تركيا وإسرائيل، لتطرح نفسها وسيطاً بين بلدين خصمين لديهما مصالح متضاربة في سوريا.
ويؤكد المستشار الدبلوماسي للحكومة الأذربيجانية، حكمت حاجييف، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أنّ باكو استضافت 3 جولات على الأقل من المفاوضات بين تركيا وإسرائيل اللتين تنشطان في سوريا، مشيراً إلى تهديدات أمنية. وقال لصحافيين أتراك، خلال زيارة نظّمها مجلس الصحافة العالمي، ومقرّه إسطنبول، إنّ «أذربيجان تقود مبادرات دبلوماسية للتوصل إلى اتفاق»، مضيفا أنّ «تركيا وإسرائيل تثقان بنا».
وأثارت الإطاحة بحكم بشار الأسد في سوريا في ديسمبر (كانون الأول)، على أيدي فصائل معارِضة بقيادة إسلاميين، قلقاً في إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، نفّذ الجيش الإسرائيلي مئات الهجمات على الأراضي السورية، بما في ذلك يوم الجمعة الماضي، بحجة السعي إلى منع أسلحة النظام السابق من السقوط في أيدي المتطرفين وحماية الأقلية الدرزية. كما اتهمت إسرائيل أنقرة بالسعي إلى تحويل سوريا إلى محمية تركية.
في أذربيجان، يعدّ إلهام علييف حليفاً وثيقاً للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ولطالما أظهر تأييداً لمواقفه على المستوى الدولي، بما في ذلك بشأن سوريا. لكن علاقاته الجيدة مع إسرائيل، التي تعتمد بشكل كبير على النفط الأذربيجاني وتزوّد باكو بالأسلحة، تشجّع أذربيجان على تسهيل النقاشات «التقنية» بين حليفيها.
ويقول فريد شافييف، رئيس مركز تحليل العلاقات الدولية، الذي يتخذ من باكو مقراً: «سننجح إذا توصل الطرفان إلى اتفاق يحترم بموجبه كل طرف مخاوف الطرف الآخر».
ويضيف للوكالة الفرنسية أنّ «سوريا، وخصوصاً منطقتها الشمالية، تشكّل مصدر قلق أمني بالنسبة إلى تركيا». ويشير إلى أنّ تركيا تريد السيطرة على هذه المناطق، لكنها تريد أيضاً «تعزيز وجودها» حول القواعد العسكرية في تدمر ومطار تي فور، وسط البلاد، لضمان الأمن حول دمشق.
تسليم النفط
تمّ تعليق العلاقات بين تركيا وإسرائيل في بداية الحرب التي تشنّها الدولة العبرية ضد «حركة حماس» في قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ويؤكد مسؤول تركي كبير، مشترطاً عدم كشف هويته، أنّ «تركيا لن تطبّع علاقاتها مع إسرائيل، ما دامت الحرب في غزة مستمرّة». وأوقفت أنقرة رسميّاً التجارة مع إسرائيل، غير أنّ أصواتاً معارِضة تؤكد أنّ التبادلات مستمرّة بين البلدين، خصوصاً تسليم النفط عبر خط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان، وهو ميناء يقع على الساحل الجنوبي لتركيا. ووصفت وزارة الطاقة التركية هذه التقارير بأنّه «لا أساس لها من الصحة على الإطلاق».
في أذربيجان، يرفض حاجييف التعليق على هذه المسألة، ويشير إلى أنّ باكو تلقّت دعماً قيّماً من إسرائيل في خضمّ النزاع في قره باغ. ويقول: «اشترينا أسلحة من إسرائيل خلال الحرب، ودفعنا ثمنها وقدّمت لنا إسرائيل الدعم الدبلوماسي». ولتقليل دور أنقرة، يشير إلى أنّ «النفط الأذربيجاني يصل إلى جيهان، ولكن بمجرّد تحميله على السفن… فإنّ الوجهة النهائية لا تخصّكم».
نفوذ متزايد
يؤكد رئيس نادي علماء السياسة في باكو، زاور محمدوف، أنّ أذربيجان تلعب دوراً «استراتيجياً» من خلال تسهيل الحوار بين تركيا وإسرائيل. ويضيف أنّ «هذا يعكس بوضوح نفوذها المتزايد كوسيط» بين الأطراف الإقليمية.
وخاضت أذربيجان وأرمينيا حربين في 1990 و2020 للسيطرة على إقليم قره باغ الجبلي، قبل أن تستحوذ باكو عليه في هجوم استمر 24 ساعة في سبتمبر (أيلول) 2023. وتسعى أذربيجان حالياً إلى تطبيع علاقاتها مع أرمينيا، وتعزيز وجودها في منطقة، تتنافس فيها روسيا وتركيا على النفوذ. وبالنسبة إلى المحلّل التركي سيركان دميرتاش، فقد تدخّلت أذربيجان لتجنّب مواجهة محتملة بين تركيا وإسرائيل في سوريا ما بعد الأسد. ويقول إنّ «المواجهة بين أفضل حليفين لها في المنطقة تعدّ احتمالاً لا تريد أن تشهده أذربيجان على الإطلاق». ويضيف: «تفيد الأخبار الأخيرة بأنّه تمّ تحقيق تقدّم، وهو ما يعدّ دليلاً على نفوذ أذربيجان المتزايد في المنطقة بعد حرب قره باغ».