ملخص
تسابق بريطانيا الزمن لتعزيز قدراتها الدفاعية برفع الإنفاق إلى 3 في المئة من الناتج المحلي بحلول 2034، رداً على ضغوط ترمب وتهديدات روسيا، مع خطة لبناء غواصات نووية وشراء معدات أميركية. المراجعة الدفاعية موجهة لموسكو وواشنطن معاً، في محاولة لضمان دور فاعل داخل الناتو في ظل قيادة أميركية لا تتسامح مع تقاعس الحلفاء.
تعود اللحظة التي شكلت الأساس لمراجعة حزب العمال الدفاعية لما يزيد على ثلاثة أعوام، حين غزت روسيا أوكرانيا.
وفي الواقع فإن صفحات الوثيقة المؤلفة من 130 صفحة تعتمد بدرجة كبيرة على الدروس المستخلصة من الحرب الدائرة حالياً على أطراف أوروبا، وكما قال وزير الدفاع جون هيلي الأحد فإن رد الفعل الحكومي صمم لتوجيه “رسالة إلى موسكو”.
لكن في الواقع فإن اللحظة الأكثر أهمية التي سبقت المراجعة الدفاعية كانت قد وقعت في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما عاد الرئيس دونالد ترمب للبيت الأبيض لولاية ثانية.
وكثيراً ما مارس الرئيس الأميركي ضغوطاً مستمرة على حلفاء الولايات المتحدة الأعضاء في الـ “ناتو”، ومن بينهم بالطبع المملكة المتحدة، من أجل زيادة ما ينفقونه على قطاع الدفاع في بلادهم، محذراً دوماً من مغبة عدم القيام بذلك.
وكرد على ذلك قام كير ستارمر بالإعلان عن زيادة نسبتها 2.5 في المئة من مجمل الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين المقبلين، وذهب هيلي أبعد من ذلك في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، قائلاً إنه ليس لديه “أي شك” بأن بلاده ستصل إلى عتبة انفاق دفاعي تبلغ ثلاثة في المئة بحلول عام 2034.
وكما هو الحال مع جميع الزعماء الأوروبيين الرئيسين فإن رئيس الوزراء البريطاني يدرك مدى اعتماد الـ “ناتو” على الولايات المتحدة، وإلى أي مدى يرغب الزعيم الأميركي الحالي في سماع الأنباء بأن دول أخرى تحقق تقدماً في تعزيز إنفاقها الدفاعي.
وقد كتبت هذه المراجعة الدفاعية الإستراتيجية بمشاركة شخصية بارزة من حزب العمال، جورج روبرتسون، الذي شغل سابقاً منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، إضافة إلى الجنرال البريطاني المتقاعد ريتشارد بارونز وفايونا هيل المستشارة السابقة لشؤون روسيا لدى دونالد ترمب.
هذه المراجعة الدفاعية لا تستهدف الكرملين وحده بل هي موجهة كذلك إلى واشنطن، ولكن هل سيكون ذلك كافياً؟
كان الرئيس الأميركي قد دعا دول حلف شمال الأطلسي إلى إنفاق خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على قطاع الدفاع، وكان مستشار الأمن الوطني القومي البريطاني اللورد ريكيتس قد اشار إلى أن المملكة المتحدة ستضطر في نهاية المطاف إلى رفع حصتها إلى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، محذراً من أن إحدى الدروس المستقاة من حرب روسيا مع أوكرانيا كان التأثير العددي الهائل، إن كان ذلك في مجال العدد أو العتاد.
بريطانيا تستثمر 1.3 مليار دولار في تشكيل جيش إلكتروني
وكجزء من المراجعة الدفاعية هذه ستقوم المملكة المتحدة في بناء ما يصل إلى 12 غواصة هجومية جديدة تعمل بالطاقة النووية كجزء من برنامج مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا، يدعى “أوكوس” Aukus.
وقد تشمل قرارات أخرى شراء معدات عسكرية أميركية، وبدا أن هيلي، يوم الأحد، أكد ضمناً رغبته في شراء طائرات أميركية مزودة بأسلحة نووية تكتيكية في خطوة قد تعد توسعاً كبيراً في قدرات الردع، وتهدف إلى مواجهة التهديد المتزايد الذي تمثله روسيا.
ويرجح أن الحكومة البريطانية وافقت على جميع التوصيات الـ 62 الواردة في المراجعة، في استجابة يتوقع أن تعيد رسم إستراتيجية الدفاع البريطانية للعقد المقبل، أما كير ستارمر فسيتابع عن كثب ردود فعل الكرملين والبيت الأبيض.