صرح رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP)، أوزغور أوزيل، بأن تركيا بحاجة إلى دستور جديد، لكن يمكن اتخاذ خطوات مهمة في ظل الدستور الحالي أيضاً، مؤكداً أن “نزع سلاح حزب العمال الكوردستاني كان قراراً صائباً”.
وتناول أوزيل في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية عدة قضايا مهمة، من بينها عملية الحل، وكتابة دستور جديد، وحل حزب العمال الكوردستاني لنفسهه، وتعيين قيومين على البلديات.
وحول كتابة دستور جديد لتركيا، أشار أوزيل إلى أنه في اجتماعه مع وفد حزب الشعوب الديمقراطي، ضم بروين بولدان وأحمد تورك وسري سوريا أوندر، بحثوا “ضرورة وجود دستور جديد”، لكن قبل كتابة دستور جديد، “هناك خطوات كثيرة يمكن اتخاذها بهذا الدستور”.
وبشأن قرار حزب العمال الكوردستاني بحل نفسه، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري: “بلا شك أرحب بهذا القرار بسرور. الحل الذاتي قرار مناسب جداً، ووضع السلاح أمر صحيح، لأن السياسيين والشعب الكوردي سيصبحون أقوى في مطالبهم من الآن فصاعداً. من المهم جداً هنا أن تتوفر الأرضية في البرلمان في أقرب وقت ممكن لاتخاذ الخطوات الديمقراطية اللازمة”.
وتحدث أوزيل عن الحكومة السورية الجديدة وأكد دعم حزبه لـ”سوريا موحدة”.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري: “بقاء سوريا مجزأة ومنقسمة، وخاصة تحت تهديد خطر الحرب الأهلية، أمر خطير جداً. لذلك، لا بد من وجود عملية صياغة دستور ديمقراطي ودولة مستقرة في سوريا، يتم فيها تمثيل كل شخص وفقاً لحجمه وقوته في المجتمع والفرص المتاحة له. نريد أن نكون جيراناً لدولة سورية قوية”.
أدناه نص مقابلة شبكة رووداو الإعلامية مع رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP)، أوزغور أوزيل:
رووداو: أريد أن أبدأ ببرنامجكم اليوم. أنتم الآن قادمون من سجن سيليفري وشاركتم هناك في حفل زفاف. منذ فترة تقضون وقتاً كثيراً في سيليفري. أنتم الحزب الذي حصل على أكثر الأصوات في الانتخابات الماضية. ما أهمية هذه الأعمال والزيارات لحزب الشعب الجمهوري (CHP) وما تأثيرها على معنوياتكم ودوافعكم؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: أشكرك. منذ 19 آذار، نقضي يومين في إسطنبول كل أسبوع. في أحد هذين اليومين ننظم تجمعاً كبيراً في إحدى المناطق، وفي اليوم الآخر نزور رفاقنا المسجونين ونلتقي بهم. اضطر بوغرا نونجه لإقامة حفل زفافه، الذي كان قد خطط له مسبقاً، في السجن. وكنت أنا شاهداً على الزفاف. بلا شك وفينا بوعدنا وذهبنا لنكون شهوداً، لكن بلا شك إنه أمر محزن جداً أن تقضي أسعد أيامك وراء القضبان الحديدية. بلا شك هذا صعب علينا أيضاً من ناحية الاستمرارية. في هذين اليومين كان بإمكاني أن أعمل في أنقرة مع رفاقي لإدارة تركيا وأن نُعد أنفسنا للسلطة، أو كان بإمكاني أن أستريح. بدلاً من ذلك، نحن دائماً في الطريق، ننظم التجمعات وهذا أصبح عبئاً علينا. ليس فقط عليّ، بل على كثير من رفاقنا الآخرين أيضاً بقي هذا العبء على أكتافنا. انتخب أهالي إسطنبول أكرم إمام أوغلو وستة رؤساء بلديات آخرين من حزبنا وكلفوهم بخدمتهم، لكنهم الآن في السجن. بسبب هذا لا يستطيعون العمل. بلا شك يجب أن نتذكر أيضاً أن هذه ليست مشكلة حزب الشعب الجمهوري فقط. في هذه الفترة وحدها تم القبض على حوالي 10 رؤساء بلديات من الحزب الحاكم، وفي الماضي أيضاً تعيين قيومين على 49 رئيس بلدية آخرين. تم اعتقال رؤساء البلديات وبقي بعضهم في السجن لستة سنوات. هذا حقاً ضربة لإرادة وقرار الشعب.
رووداو: حسناً. بعد انتخابات رئاسة الجمهورية عندما أصبحتم رئيساً لحزب الشعب الجمهوري، بدأتم موقفاً باسم “التغيير”، وحسب استطلاعات الرأي، المجتمع أيضاً دعمكم. ما النتيجة التي ترتبت على موجة التغيير هذه في تركيا داخل حزب الشعب الجمهوري نفسه؟ ما هي خارطة الطريق التي عند حزب الشعب الجمهوري في مجال حل مشاكل القرن الماضي؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: خضنا انتخابات كنا نتوقع كثيراً أن نفوز بها، لكننا خسرنا. بعد الهزيمة، تعرضت معنويات الشعب أيضاً لانهيار كبير. نحن نسمي هذا “الفراق العاطفي”. الناس انقطعوا، انقطعوا عن السياسة، انقطعوا عن أمل المستقبل. نحن انطلقنا بفريق شاب، بشعار التغيير وبدأنا أولاً بإجراء تغيير في الإدارة داخل حزبنا، أجرينا بعض التغييرات في أسلوب الإدارة. ثم وضعنا هدفاً أمامنا لتغيير تركيا والنجاح في الانتخابات المحلية وبعدها في الانتخابات العامة.
في الحقيقة كل أهدافنا تحققت حتى الآن. أي أن حزب الشعب الجمهوري يُدار من قبل مجلس الحزب، الذي يبلغ متوسط العمر لأعضائه 42 عاماً، ولجنة الإدارة المركزية التي متوسط العمر فيها 44 عاماً. في الانتخابات المحلية حققنا نجاحاً كبيراً جداً وأصبحنا الحزب الأول بعد 47 عاماً. داخل حزب الشعب الجمهوري هناك تغيير جدي جداً في أسلوب الإدارة. نحن غيرنا هيكل إدارة حزبنا وحولنا حزبنا من حزب رد فعل إلى حزب يحدد الأجندة، يصنع الأجندة وليس رد فعل على الأجندة، بل له أجندته الخاصة في يده. واضح أن هذا خلق انزعاجاً كبيراً، لأنه تم شن هجوم على رؤساء البلديات المنتخبين من حزبنا، وعلى مرشح الرئاسة من حزبنا، وكذلك ضد رئيسنا أكرم، الذي إذا وافق شعبنا في المستقبل سيصبح رئيساً للجمهورية، وتم زجهم في السجون.
هذا التغيير داخل حزبنا يلقى استجابة إيجابية جداً من الرأي العام. في السابق في حزب الشعب الجمهوري كنا نردد كثيراً: “هم يريدون جرنا إلى الشوارع، نحن لن نخرج إلى الشوارع، نحن لن ندخل في لعبتهم”، أنا لا أقول هذا ضد أحد، لكن بشكل عام كان هذا هو الأسلوب المتبع. نحن منذ المؤتمر الأول الذي انتُخبنا فيه قلنا، نحن لا نخاف من الشوارع، سنملأ الميادين، نتلقى الدعم ونقدم الدعم. قلنا سنعانق بعضنا البعض مع كل المؤسسات والنقابات والجمعيات والأحزاب الأخرى في الميادين. قلنا نحن نمارس السياسة في الشوارع. هذا التغيير أيضاً يلقى دعماً كبيراً. على سبيل المثال، في البداية نظمنا في إسطنبول تجمعاً للمعلمين غير المعينين. كانت المشاركة قليلة، لأننا كنا قد بدأنا للتو. كانوا يعلقون على هذا بطريقة تهدف لكسر معنوياتنا. بعدها أقمنا تجمعات للمتقاعدين، للعمال وتجمعات موضوعية (متخصصة). في مدينة ريزا التي هي مدينة أردوغان، نظمنا تجمعاً للشاي.
رووداو: في قيصري أيضاً؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: نعم. بعدها عندما حدثت هذه الضربة (الاعتقالات) خاصة، أقمنا تجمعات كل أسبوع في مدن مختلفة، على سبيل المثال أحياناً في إزمير التي يقولون عنها قلعة حزب الشعب الجمهوري، أحياناً في وان التي هي قلعة الحزب الحاكم، أحياناً في قونية، في يوزغات التي هي قلاع حزب العدالة والتنمية. حتى أني أقول يجب أن نتخلى عن سياسة “القلاع” أيضاً. لتكن قلاع حزب الشعب الجمهوري أيضاً في خدمة شعبنا، أمتنا. لم تعد قلاعاً. قونية أيضاً قلعة أمتنا، وان أيضاً قلعة أمتنا، إزمير كذلك. المهم أن يتحد كل ديمقراطيي هذا البلد.
رووداو: تم اعتقال مرشحكم قبل الانتخابات. أكرم بيك في السجن. إذا لم يستطع أكرم إمام أوغلو المشاركة في الانتخابات، ماذا عن موضوع منصور يافاش؟ لأن الجميع يعرف أن منصور يافاش ينتظر الوقت في مسألة الترشح للرئاسة. ويجري الحديث عن هذا في المجتمع أيضاً، في مواجهة هذا الاحتمال ماذا ستكون استراتيجية حزب الشعب الجمهوري؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: أنا لا أريد أن يعد الرئيس منصور كبديل لأكرم بيك. هذا ليس صحيحاً. أولاً: الترشح مسألة تحتاج قبولاً مجتمعياً. الشخص المرشح يجب أن يُعد نفسه لهذا، يعرف هل المجتمع أيضاً يقبله أم لا. فكرتي هي، إذا لم يستطع أكرم بيك أن يصبح مرشحاً، يجب التعرف على رغبة الرأي العام عن طريق استطلاعات الرأي واتخاذ القرار بناءً على ذلك. يجب ألا نقدم مرشحاً لا يحقق النجاح. بدلاً من ذلك يجب أن ننظر إلى نتائج استطلاعات الرأي، نسأل الشعب ونبحث في تقسيمات المجتمع، حتى نعرف مطالب الأحزاب الأخرى ووفقاً لذلك نجعل الشخص الأنسب مرشحاً.
يجب أن يعرف ذلك الشخص أيضاً جيداً لماذا يصبح مرشحاً. مرشحنا لا يستطيع أن يتحرك وكأنه لا مشكلة هناك. مرشحنا يأتي ويقوم بتغيير أساس كبير جداً في تركيا. يصلح نظام القضاء، يضمن قضاء مستقلاً. يضمن حرية صحافة مستقلة، يحقق العدالة الاجتماعية، وفوق كل هذا يلغي هذا النظام الذي يسمونه النظام الرئاسي، أي النظام الفردي، وبدلاً من ذلك يقوي نظام الالتزام بالبرلمان.
رووداو: إذن خطتكم مستمرة للعودة مرة أخرى إلى النظام البرلماني في تركيا؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: نعم، نعم. نحن نحافظ على هذه السياسة وحتى يتم تقوية النظام البرلماني حيث يختار الشعب رئيس جمهوريته، والوزراء أيضاً يعينهم رئيس الجمهورية وبعد أن يصادق عليهم البرلمان يباشرون العمل. يجب أن يكونوا مسؤولين أمام البرلمان ويُساءلوا. يجب أن يكون هناك حوار شفهي ومساءلة في البرلمان كل أسبوع.
رووداو: بخصوص العملية الجديدة لحل القضية الكوردية، أنتم وحزبكم أعلنتم في البداية أنكم تدعمونها بدون شروط، لكن في الآونة الأخيرة نرى معارضة للعملية الجديدة من جانب جزء من حزب الشعب الجمهوري وخاصة في الإعلام المقرب من الحزب. أي تأثير سيكون لهذا على موقف حزب الشعب الجمهوري من العملية؟ من جهة أخرى، لم يقدم حزب الشعب الجمهوري حتى الآن برنامجاً للحل والعملية. كما لو أنكم تضعون الموضوع في إطار ضيق وهو مجال الحوار فقط!
رئيس حزب الشعب الجمهوري: في الواقع أنتم محقون في هذا السؤال، لكنني سأبدأ بالجملة الأخيرة. على سبيل المثال، عندما جاء الرئيسان المشاركان لحزب دام بارتي إلينا، أعطيتهم معلومات حول الأعمال التي تقوم بها لجنة العدالة والديمقراطية لدينا. هذه اللجنة تتكون من سبعة قانونيين وخبيرين سياسيين وخبير إعلام، إجمالاً عشرة أشخاص. حددنا هذه اللجنة لتقوم بالتحديد تحت ثمانية عناوين رئيسة. استخرجوا 26 نقطة تحتاج إلى تغيير قضائي وقانوني. قال الرئيسان المشاركان إن هذا العمل مهم جداً وقيم. لدينا إعداد جيد جداً، لكننا نبحث عن منصة مناسبة لتكون ملائمة لهذه الأمور.
الآن سأعود قليلاً إلى البداية. ما هي هذه الأرضية؟ عندما تقولون أرضية، تتحدثون عن البرلمان. الآن كل القوة والسلطة في يد حزب العدالة والتنمية. القضاء غير مستقل. ليس لدينا أي تأثير على القضاء. باستثناء منصة التشريع، لا توجد منصة أخرى هنا. المنصة الأنسب والأكثر تنوعاً هي البرلمان، لكن الدولة الآن أصبحت حزب-دولة.
لا تنسوا، حزب العدالة والتنمية في عملية الحل السابقة لم يشارك المحتوى مع أحد. أبعد جميع الأطراف. الذين عارضوا تم إقصاؤهم والذين أرادوا السلام تم إبعادهم. الآن يجب ألا نكون ظالمين. في العهد السابق لم يكن حزب الشعب الجمهوري ضد عملية الحل، لكن تلك العملية لم تخلف شعوراً إيجابياً في ذاكرتنا. في البداية قال رئيسنا آنذاك: “أنا أدعم هذه العملية”، لكن أردوغان قال في تلك الليلة “لا أنت ولا دعمك”، لو قال هذا الكلام بعد ثلاثة أشهر، لكنا قلنا أنك دعمتها، لكنك لم تدعمها فيما بعد. لكن بعد خطاب رئيسنا بسبع ساعات قال: “خذ دعمك واحتفظ به لنفسك”، وهناك بدلاً من أن يكون هناك تناغم اجتماعي، كان هناك حزب واحد فقط وحزب-دولة. يجب أن نجمع ممثلي جميع الأحزاب حول طاولة واحدة ونشارك جميعاً في هذا العمل. دعني أقول بوضوح إن الطاولة التي يتحدثون عنها ليست هذه الطاولة. الذين يدعمون والذين لا يدعمون لا يجب أن يجلسوا على نفس الطاولة ونتشاجر مع بعضنا البعض. لا يمكن أن يكون هناك حل مع طاولة بهذا الشكل. يجب أن تُنصب طاولة للحل.
رووداو: السيد باخجلي يقترح تشكيل لجنة من 100 شخص، تشارك فيها جميع الأحزاب. بهذا الشكل ينقل الموضوع إلى البرلمان، فهل تؤيدونه؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: دعني أقول هكذا. إذا قالوا دعونا نجمع جميع الأحزاب، سواء كانت مؤيدة للحل أم لا، على هذه الطاولة، فستنشأ مشكلة. كيف سيجلس حزب يعارض الحل على هذه الطاولة؟ المؤيدون يمكن أن يجلسوا والذين لا يؤيدون، دعوهم يعرضون انتقاداتهم في الخارج.
أي لا يجب أن تكون الطاولة طاولة قتال، بل يجب أن نصب طاولة حل ويكون هناك تناغم في تحديد المشكلة وحلها ويحدث تقدم هناك. أحياناً نفهم الأمر هكذا؛ أن نشكل لجنة يكون الجميع فيها ويتقاتلوا مع بعضهم البعض. هذا لا يأتي بأي نتيجة. لا حاجة لهذا. يجب أن تُشكل طاولة الحل. لهذا الغرض يُدعى كل شخص إلى هذه الطاولة، لكن ليس الذين يريدون العرقلة، بل الذين يساعدون وهدفهم حل دائم، يجتمعون معاً. الآخرون دعوهم ينتقدوا ويمارسوا سياستهم في الخارج.
رووداو: عندما تقولون طاولة، هل تقصدون لجنة؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: نعم، هذا ما أقوله. الطاولة التي نتحدث عنها هي لجنة. هذه كانت فكرتنا من البداية. فكرة تشكيل اللجنة هي فكرتنا. منذ سنوات نحن نقول هذا. في اللجنة التي نتحدث عنها، يُدعى جميع الأحزاب السياسية التي هدفها الحل. حينها يتم تمثيل جميع تلك الأحزاب وعدد الممثلين لا يجب أن يكون كثيراً كما يتحدث السيد باخجلي. لأنه في لجنة من 100 شخص لا يمكن بسهولة إدارة أجندة. ذلك يصبح برلماناً. نحتاج لجنة تعمل بسرعة وليس برلماناً. لذلك العدد كثير، لكن الفكرة صائبة. أي نحن من الناحية الشكلية متفقون مع اقتراح السيد باخجلي، لكن من ناحية العدد نفكر بشكل مختلف. برأيي 100 شخص كثير. ذلك العدد يجعل مهمة اللجنة تخرج عن السيطرة.
رووداو: حزب الشعب الجمهوري يؤسس كل خطابه على أنه القوة المؤسسة لتركيا. حسناً، في وقت بدأت فيه المئوية الثانية للجمهورية، هل هناك أي قلق عند حزب الشعب الجمهوري من أن هذا الدور سيذهب إلى حزب العدالة والتنمية؟ من جهة أخرى، هناك خوف كبير لدى “الأتراك البيض” من المساواة بينهم وبين الكورد. هل هذا الخوف يؤثر على موقف حزب الشعب الجمهوري في مسار العملية الجديدة، هل تشكون أن الدور “التأسيسي” سينتقل إلى حزب العدالة والتنمية؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: انظر، في البداية أظهرنا موقفاً واضحاً جداً. قال السيد باخجلي شيئاً، وقفت أنا وقلت: “السيد باخجلي، أنا أقطع وعداً أكبر. أنا أعد الكورد بالدولة”، بعض الناس جاء وحرف كلامي كما لو أنني قلت أن الكورد يحتاجون إلى دولة مستقلة، لكنني أقول بوضوح شديد: “أعدكم أن تصبحوا أيضاً أصحاب الجمهورية التركية، كما أشعر أنا أن هذه دولتي، يجب أن يشعر كل شخص هكذا”، تركي، كوردي، لاز، شركسي، علوي، سني، الجميع متساوون وتركيا دولة الجميع. إذا كان الكوردي اليوم يشعر بـ”عدم المساواة”، فمشكلة الكورد هي هذه بالضبط.
مسألة فقدان الدور التأسيسي لا نراها بهذا الشكل. لا يوجد قلق من هذا النوع في حزب الشعب الجمهوري. بالعكس، حزب العدالة والتنمية يتجه نحو حزب متملك. إذا بحثوا اليوم عن تركي أبيض، سيجدونه داخل حزب العدالة والتنمية. لا يمكنهم أن يروا شخصاً أبيض بين كوادر حزب الشعب الجمهوري، ولا في محيطه، ولا في خطابه. الأتراك البيض اليوم هم حزب العدالة والتنمية. اليوم أعضاء حزب العدالة والتنمية يرون أنفسهم كأصحاب الدولة. هذه الجماعة والفئة موجودة بالكامل الآن داخل حزب العدالة والتنمية. ربما بعض الناس يقول أشياء على التلفزيونات باسمنا. هذا ليس كلامنا ولا موقفنا. منذ سنوات أصبح كلام كثير عبئاً علينا. نحن لسنا مع تلك الأقوال التي تعارض الحل. حزب الشعب الجمهوري منذ فترة طويلة، وخاصة في عهدنا، تخلص من هذا التقارب وأصبح في خطاب داع للمساواة والعدالة.
رووداو: هناك استعدادات لدستور جديد. الرئيس كلف فريقاً بهذا الأمر. هل يدعم حزب الشعب الجمهوري دستوراً جديداً؟ إذا تم تحديد تعريف المواطنة في الدستور بشكل شامل يشمل الجميع، ماذا سيكون موقفكم؟ من ناحية أخرى، نظراً لأن برنامج حزبكم يتحدث عن ديمقراطية متقدمة، ما موقفكم من مسألة التعليم باللغة الأم، هل تدعمونها؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: انظر، بروين خانم (بولدان) وأحمد تورك شاهدان وحاضران، عندما جاءوا إلينا، سألت سؤالاً حول دستور جديد لسري سوريا أوندر وقلت بلا شك تركيا تحتاج إلى دستور مدني وليبرالي وشامل. رغم أنها قالت إنه لا توجد استعدادات لدستور جديد، لكن كيف أجلس لوضع دستور جديد مع أولئك الذين ينتهكون الدستور يومياً. انظروا، لا يمكننا أن نعطي الكبد للهر. عندما أقول لطيب أردوغان “تعال لننشئ دستوراً جديداً معاً” أو يقول لي هو ذلك وأظهر موقفاً إيجابياً، فإننا نفقد الدعم الكبير من 17 مليون شخص صوتوا لي.
في مسألة الكورد، قبل الوصول للدستور، يمكن اتخاذ العديد من الخطوات الديمقراطية في ظل الدستور الحالي. هناك قوانين يمكن إصدارها، حتى أن هناك نقطة المطالبة بالتطبيق الحقيقي للقوانين المعمول بها. جلسنا وتحدثنا مع وفد حزب الشعوب الديمقراطي عندما جاءوا لزيارتنا. ما يمكن فعله، يمكن فعله في إطار القانون، لا شيء يتعلق بالدستور. لكي ننشئ دستوراً جديداً مع طيب أردوغان، كان يجب على طيب أردوغان أن يتحرك وفقاً للدستور الحالي. طيب أردوغان، رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يحتجز عثمان كافالا في السجن منذ ثماني سنوات. فقط لأنه قال “نحن لن نتخذك رئيساً”، صلاح الدين ديمرتاش محتجز في السجن منذ سنوات رغم قرار المحكمة الدستورية. النائب جان أتالاي لا يستطيع الخروج والحضور للبرلمان. الآن يقول “تعالوا لننشئ دستوراً”، لهذا قلت، “أنا لا أصنع حتى عجة معه.”
لكن رغم هذا، نحتاج بلا شك لدستور جديد وبعد الانتخابات سننشئ دستوراً حتى مع الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية. أو يعود طيب أردوغان، قبل ذلك، لمسار تطبيق الدستور وينفذ كل مسؤولياته تجاه الدستور. إذا التزم هو نفسه بالدستور الحالي، يمكن اتخاذ خطوات كثيرة. حينها نرى أن السجناء السياسيين قد أُطلق سراحهم، قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نُفذت، قرارات المحكمة الدستورية (التركية) نُفذت. يجب أن تُنفذ قرارات المحكمة الدستورية دون تردد. هذا يخلق أيضاً ثقة مجتمعية. حينها أعود أنا أيضاً وأسأل أولئك الـ17 مليون شخص الذين صوتوا لي وأقول هل أنتم موافقون أم لا. عندما يعبرون عن موافقتهم أيضاً، يمكن مناقشة الدستور مع كل شخص، لكن في مناخ اليوم وظروف اليوم، مناقشة الدستور تعني أنك تودع الكبد لدى الهر.
رووداو: في حالة اتخاذ قرار بإجراء انتخابات مبكرة ووصول حزب الشعب الجمهوري للسلطة، من أين تبدأون عملية الحل؟ بشكل خاص أريد أن أسأل مرة أخرى، هل سيغير حزب الشعب الجمهوري موقفه بشأن مسألة التعليم باللغة الأم؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: أنا كرئيس لحزب الشعب الجمهوري، سواء في موضوع التحدث باللغة الأم، أو حول تلك النقاشات التي تجري في البرلمان أو حول موضوع التعليم باللغة الأم، لم أكن معارضاً أبداً. هذا موضوع آخر. في البرلمان يمكن التحدث عن كل شيء ومناقشة أي موضوع، لكن مسألة التعليم موضوع حساس، لأن بعض الأطراف يمكنها بسرعة إيصال هذا الموضوع لمرحلة تنشأ فيها خلافات. ليس من الصحيح أن تصبح هذه الأمور سبباً للصدام والشجار. الصحيح هو أن نحتضن بعضنا البعض. الصحيح هو ألا تُحظر لغة أي شخص، ألا تُصغر لغة أي شخص. كل ثقافة حية بلغتها. كل شخص يمكنه تطوير ثقافته بلغته وحتى تحويلها إلى علم. لا معنى لحظر أي لغة واعتبار (استخدامها) جريمة.
لكن من ناحية أخرى هناك شيء كهذا؛ هناك الإرهاب من جهة، مسألة الإرهاب وموقف تلك المنظمة الإرهابية من مسألة اللغة، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. عندما تكون هناك حرب وشهداء ودماء تسيل، لا يمكنك الحديث عن حق التعليم، في الوقت الذي تتحدث تلك المنظمة أيضاً عنه.
انظروا، اليوم لدينا ستة ملايين مواطن عربي ولديهم أيضاً مسألة لغة. لغة كل شخص ثمينة، لكن بسبب العداء للاجئين، قضي على موضوع لغتهم أيضاً وعُومل كجريمة.
بناء على هذا، يجب أولاً أن ينتهي الإرهاب، ألا تسيل الدماء، ألا يكون هناك شهداء، حتى نتمكن من الوصول لمكان جيد من نقاط مطالب الكورد. عندما يكون الوضع هكذا، حينها في تركيا لن تبقى مسألة الكورد والتعليم باللغة الأم.
رووداو: أي تقولون إنه لن تبقى أي مشكلة حينها؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: نعم، لن تبقى مشكلة كهذه.
رووداو: بعد أن حل حزب العمال الكوردستاني نفسه، يبدو أن تركيا وضعت أمام نفسها بعض التغييرات الجذرية في موضوع الحل. عندما ننظر للمستوى الذي بدأه دولت باخجلي، في ذلك الموضوع، تظهر علامات تغيير كبيرة. هل تنتظرون حتى تحددوا موقفكم وفقاً لحزب العدالة والتنمية، أم أنتم أيضاً تقترحون صيغة؟ السؤال الآخر، برأيكم أي تطور إقليمي وداخلي جعل تركيا تصل لهذه المرحلة في مسألة الكورد؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: هناك بلا شك تأثير إقليمي، لكن دعني أقول رأيي بصراحة؛ أردوغان وباخجلي شنا هجوماً شديداً في الانتخابات الأخيرة، فقط لأن الكورد صوتوا للمرشح الرئاسي لحزب الشعب الجمهوري. هاجموا بقسوة حزب الشعوب الديمقراطي. هاجموا بشدة السياسيين الكورد والفنانين الكورد والمثقفين والشباب الكورد. أدخلوهم السجون. السؤال في محله، كيف وصلنا فجأة لهذه المرحلة. في موضوع الدستور الذي طرحه أردوغان، هناك شك في وجود بعض المطالب الخاصة. ثانياً، لا شك أن تطورات المنطقة أدت لوصول الوضع إلى هنا. هناك موضوع سوريا. السبب هو أن حزب العمال الكوردستاني ألقى السلاح دون شروط. ليس هناك شيء آخر.
رووداو: كيف تقيمون قرار حل التنظيم (حزب العمال الكوردستاني)؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: بلا شك أقيمه بسرور. الحل قرار مناسب جداً، ووضع السلاح صحيح، لأنه من الآن فصاعداً سيصبح السياسيون والشعب الكوردي أقوى في مطالبهم. هنا من المهم جداً أن يكون هناك مجال في البرلمان في أسرع وقت ممكن لاتخاذ الخطوات الديمقراطية اللازمة.
رووداو: إذا طُرح “حق الأمل” والعفو العام على جدول الأعمال، ماذا ستفعلون؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: هذه المواضيع ليست على أجندتي. من طرح مصطلح “حق الأمل” على الأجندة، يجب أن يُسأل. وموضوع العفو العام يجب أن يُناقش بحساسية. بلا شك يجب إطلاق سراح السجناء السياسيين وموقفي واضح هنا. يمكن للدولة أن تصدر عفواً عن الجرائم التي ارتُكبت ضدها، لكن يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار تلك الجرائم المرتكبة ضد المجتمع وأولئك الذين أحرقوا قلوب الناس. على سبيل المثال، قتلة النساء، أولئك الذين اعتدوا على الأطفال، كيف يقولون ليشملهم العفو العام؟ ماذا تقولون لعائلات الضحايا؟ العفو العام يعني إفراغ السجون بالكامل. حسناً، ماذا نقول لعائلة أحمد مينغوز الذي قُتل بالسكين وهو بريء؟ ماذا نقول لأمه؟ ماذا نقول لعائلة رابعة ناز؟ لا يجب أن نقول لتلك العائلات، حسناً صدر العفو العام وأطلقنا سراح الجميع. لا يجب إطلاق سراح جميع المجرمين بهذا الشكل. لهذه الأسباب، العفو العام الذي لم يُدرس جيداً سيفتح جرحاً جديداً في ضمير المجتمع. أقول، العفو للسجناء السياسيين والمرضى أمر جيد. يجب أن تكون هناك قاعدة للانسجام الاجتماعي ولا يُكسر قلب المجتمع.
رووداو: في سنوات التسعينات عندما اعتُقلت ليلى زانا ورفاقها، كان حزب الشعب الديمقراطي الاجتماعي (SHP) يدعمهم بشكل علني، لكن بعد اعتقال صلاح الدين دميرتاش، رأينا آراء مختلفة حول دعم حزب الشعب الجمهوري. عندما نقارن نموذج سنوات التسعينات مع الآن، يبدو أن مستوى دعم حزب الشعب الجمهوري أقل من دعم حزب الشعب الشعب الديمقراطي الاجتماعي؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: لا، لا أعتقد ذلك. بصفتي رئيس حزب الشعب الجمهوري، ذهبت بنفسي لزيارة دميرناش. موقفنا واضح هنا. في إدارتنا لا يوجد شيء مخفي أو قابل للجدل في هذه المواضيع.
رووداو: أنصاركم غير راضين.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: من الغريب أن الحزب السياسي يُدار فقط من قبل إدارته. إذا كان الأمر يتعلق بالدفاع عن دميرتاش، لا أعلم إن كنتم قد أتيتم إلى سراج خانة، في تلك الساحة، هناك صفقنا بقدر أكرم إمام أوغلو، لدميرتاش وللسجناء السياسيين الآخرين أيضاً. أحياناً يحدث شيء كهذا؛ عندما يقولون “الحرية للسيد دميرتاش”، ينزعج أنصار حزب ظفر. تحدثت بصراحة حول هذا مع هؤلاء الشباب، مع كليهما. قلت لهم، إذا لم تكونوا قلقين من اعتقال الآخر وهو لم يكن قلقاً من اعتقالكم، فحينها سيُعتقل كلاكما وذلك الشخص الذي يعتقلكم سيجلس في مكانه ويستمتع. قلت لهم يجب أن تقفوا معاً ضد جميع الاعتقالات السياسية. إذا تنافستم مع بعضكم البعض هكذا، من سينتصر؟ ليس لدينا أي مجموعة تعارض بشكل فعال إطلاق سراح دميرتاش. ربما توجد داخل أحزاب أخرى وربما يُظهر بعض الأشخاص ذلك الموقف كموقفنا، لكن حزبنا في هذا الموضوع يقترب من المسألة من منظور صحيح جداً.
رووداو: في الوقت الذي كنتم تتحدثون فيه عن “التطبيع”، اجتمعتم أيضاً مع السيد أردوغان، لكن تلك الفترة من “التطبيع” هذه الأيام حتى الآن تترك مجالاً أكثر للغة الحادة.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: السبب هو أردوغان.
رووداو: ذلك المشهد بشكل خاص إلى أين يقود علاقاتكم مع الأحزاب القومية مثل حزب ظفر وحزب الخير؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: والله نحن نحاول أن يعمل جميع الديمقراطيين في تركيا معاً. أنا مؤيد لأن يحمي القوميون والمحافظون والكورد وجميع الديمقراطيين الديمقراطية يداً بيد مع الاشتراكيين الديمقراطيين. ما أقف ضده هو الاستبداد.
رووداو: في فترة إدارتكم السابقة كان هناك مبادرة في حزب الشعب الجمهوري باسم “طاولة الكورد” يرأسها أوغوز كان صالجي. إلى ماذا كانت تهدف؟ وهل ستنشط مرة أخرى أم لا؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: تلك الطاولة كانت تُسمى (طاولة الشرق وجنوب الشرق). كانت طاولة هدفها أن تجد بعض الشخصيات السياسية لحزب الشعب الجمهوري في تلك المدن في الشرق وجنوب الشرق التي يكون فيها حزب الشعب الجمهوري ضعيفاً، وأن تؤسس إدارة جديدة في تلك الأماكن. في عهدها أدت دوراً.
رووداو: في الانتخابات الماضية قدم الكورد دعماً كبيراً لكليجدار أوغلو. حتى أن دعم المدن الكوردية قورن بالمدن الساحلية. في جميع الانتخابات الماضية دعم الكورد حزبكم. كيف قيمتم ذلك الدعم؟ من جهة أخرى، بسبب اعتقال إمام أوغلو، كانت العلاقة بينكم وبين السلطة متوترة. لو لم يحدث ذلك، هل كنتم ستخوضون هذه العملية الحالية مع حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، جنباً إلى جنب؟.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: نحن لا نؤيد أبداً تدمير وتفكيك العملية الحالية. نحن ندافع عن تقدم هذه العملية. هذا شيء مختلف، لكن السياسة تُمارس في إطار ذكي. السياسة تُمارس مع أشخاص لديهم ضمير وعقل وحكمة مناسبة. الشخص الذي لديه ضمير وعقل وحكمة مناسبة، عندما يتحدث عن حق الأمل، يقول كيف يمكن أن يكون لعبد الله أوجلان حق الأمل، لكن لأكرم إمام أوغلو السجن والاعتقال؟ يعبر عن عدم الرضا تجاه ذلك. أي، وفقاً للنقطة التي تقف عندها المسألة، لا يقول حزب الشعب الجمهوري “لقد وضعت رئيس بلديتي الكبرى (إسطنبول) في السجن، إذا أنا ضد عملية الحل”، لكن المجتمع ينظر هكذا؛ لأوجلان حق الأمل، ولإمام أوغلو سجن سيليفري. على سبيل المثال، للكوادر السياسية الأكثر تقدماً في حزب العمال الكوردستاني تُمنح فرصة الذهاب إلى سوريا أو بلد آخر ولا يجب أن يكون هناك توقيف واعتقال ضدهم، لكن لأن رسول أمرة شيهان عيّن كوردياً مسؤولاً في مجلس البلدية وأصبح كوردي نائب رئيس بلدية، وُضع قيّم واعتُقل رئيس البلدية. إذا فُقد أرضية الذكاء، فإن الجماهير والمجتمع يعبرون عن عدم الرضا، مهما أراد المديرون، ولهم الحق في ذلك.
هذا العمل الذي نحاول القيام به نعتبره مثل زراعة عضو في الجسم. عندما تتم زراعة عضو، يجب اتباع بروتوكولات. يجب أن يكون المتبرع بالعضو والمتلقي في وضع مناسب من جميع النواحي وقت العملية الجراحية. عندما يكون ضغط الدم للمريض 24، لا يمكن إجراء العملية الجراحية. الآن في تركيا ضغط الدم لنصف المجتمع 26. في هذا الوقت لا يمكنك القيام بعمل ناجح. الجسم يرفض العضو. انظر، أنا لا أقول أنني أقف ضد وأريد في جميع الظروف أن تتقدم عملية الحل هذه، لأن الدم يتوقف، أخي.
رووداو: حول هذا الموضوع والمواضيع الأخرى المتعلقة بالسلطة، هل لديكم خطة ونية للجلوس مرة أخرى مع أردوغان والعودة إلى موقف التطبيع؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: أنا شخصياً قد طبّعت. البقاء في المجال الديمقراطي مهم. في لقاءاتي قلت لجميع الأحزاب انظروا لقد حصلنا على اتحاد بلديات تركيا، لكن تفضلوا دعونا ندير الأمور معاً. قلت ذلك لحزب العدالة والتنمية وللآخرين أيضاً، لكنهم لم يريدوا. نحن أعطينا حق العضوية لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أعطينا لحزب الخير، أعطينا للرفاه الجديد، حتى اقترحنا على بويوك بيرليك. احتجنا 14 إدارياً، قلنا تفضلوا دعونا نقسم بيننا. أنا مددت يدي وقلت “بدون قتال، بدون صدام، بلا شك ليكن هناك تنافس سياسي، لكن افعلوا هذا العمل بدون قتال”، عندما جلست مع أردوغان وتحدثنا، كانت يدا السيد أردوغان في وضع معين لفترة، ثم رأيت أنه جمع نفسه، أنزل يديه وشاهدت أنه رفع يديه اشهر لي فاساً. أي، ما يفعله الآن هو رفع الفأس. يجب أولاً أن يخفض تلك الفأس.
رووداو: هل هذا تصوير واستعارة؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: بلا شك تصوير واستعارة. ليس رفعاً حقيقياً للفأس.
رووداو: سألت السؤال، لأنه ربما يفسر بعض الأشخاص ذلك كحقيقة.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: ترون، أنتم الذين تراقبون السياسة التركية عن كثب كصحفيين، أنتم أيضاً وقعتم في شك حول ما إذا كان قد رفع الفأس حقاً. أليس كذلك؟
رووداو: ليس من المناسب أن أعلق وأفسر حول هذا.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: ترون أنني أجبت على جميع أسئلتكم الصريحة بصراحة. يجب أن لا تتهربوا أنتم أيضاً الآن من الإجابة على سؤالي. أي أنا أقول أردوغان رفع الفأس، أنتم لم تعرفوا إن كان قد رفع الفأس حقاً. دعوا المشاهدين يقرروا حول هذا.
رووداو: في الحقيقة أردت أن أتمسك بشيء مسبقاً. أعلم أن هذا القول سيصبح ترنداً. لم أرد أن يُفسر وكأنه رفع الفأس حقاً.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: عشت.
رووداو: شكراً. أريد أن أتحدث معكم قليلاً عن موضوع سوريا أيضاً. حدث تغيير في سوريا. هل سياسة حزب الشعب الجمهوري تتماشى مع أن تجد جميع المكونات مكانها في سوريا الجديدة بلغتها وهويتها، وإن لم يكن اسمه فيدرالياً، أن يكون نظاماً قريباً من ذلك، أم أنه من وجهة نظركم الأفضل أن تكون الحكومة المركزية قوية فقط؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: أولاً، أؤيد صيغة موحدة قوية في سوريا، يكون في هذه الصيغة الكورد والتركمان والعرب والدروز ممثلين معاً في مجال دستوري ديمقراطي. يكونوا معاً في صياغة الدستور وفي الإدارة أيضاً. في الجيش السوري نفسه هناك قوة مهمة جداً. كانت هناك بعض المحاولات لإشراك قوات سوريا الديمقراطية في جيش موحد ودمجها. كنا جميعاً نأمل. أشياء مهمة تحدث. إذا بقيت سوريا مجزأة ومقسمة وتواجه خاصة خطر الحرب الأهلية، فهذا خطير جداً. لذلك، بلا شك يجب أن تكون هناك عملية في سوريا لصياغة دستور ديمقراطي ودولة مستقرة، يُمثل فيها كل شخص وفقاً لعدده وقوته في المجتمع وتلك الفرص المتاحة لديه. نحن نريد أن نكون جيراناً لدولة سورية قوية.
رووداو: أليس من مصلحة تركيا أن تطبع العلاقات مع الغرب، وأن تككون هناك تجارة مزدهرة، وتتقدم العلاقات الدبلوماسية؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: أقول لكم شيئاً؟ إذا انتهت الحرب، وانتهى الإرهاب، وانتهى الصراع، واستقر السلام في كل مكان، فإن جميع الأطراف ستربح. سوريا تربح، وتركيا تربح، والكورد يربحون، والعرب يربحون. أولاً، وقف الموت هو أكبر ربح، لأن أعظم حق هو حق الحياة، لكن ذلك المال الذي يذهب للسلاح والصراع والإرهاب والدفاع، بعد أن يذهب للكورد والترك، تُخلق الفرص بكل أنواعها. الآن لا أعلم إن كنتم ذهبتم إلى أنطاليا، كاش؟ مقابل جزيرة مايس. من جزيرة مايس باتجاه كاش..
رووداو: لو نادیت، ستُسمع.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: ستُسمع. قريبة حوالي 800 متر. في جزيرة مايس يوجد مطار جيد جداً، لكن أهل كاش مضطرون لتحمل المعاناة ساعتين ونصف في الزحام، والذهاب إلى مطار أنطاليا والطيران من ذلك المطار بصعوبة والطرق صعبة جداً أيضاً. إذا لم تكن هذه التعقيدات بلا معنى بين تركيا واليونان وتم عقد اتفاق استخدام مشترك لمطار مايس، وطارت طائراتنا من هناك أيضاً أو تلك الطائرات القادمة من العالم تذهب إلى هناك، أهل مايس يذهبون إلى كاش، أهل كاش يذهبون إلى مايس، يذهبون للسياحة والتجارة، وأن لا تبقى الحدود عملياً، اليونان تربح أيضاً، وتركيا تربح أيضاً. لهذا أيضاً، في جغرافيا تركيا الصعبة، على سبيل المثال، يمكنكم الحديث عن هذا لمايس وكاش، يمكنكم الحديث عن كلا جانبي الحدود السورية وكلا جانبي الحدود العراقية
أيضا.
رووداو: يبدو أن الشيء نفسه يمكن أن يحدث بين نصيبين وقامشلو.
رئيس حزب الشعب الجمهوري: من يستطيع الوقوف ضد أن يقوم عامل من قامشلي ويركب الحافلة ويأتي إلى نصيبين ليكسب رزقه في مصنع؟
رووداو: في الأيام الماضية عُقد مؤتمر في قامشلو بمشاركة جميع الأحزاب الكوردية واتفقوا على حق الحكم الذاتي. من جهة أخرى، أنتم وحزب الاتحاد الديمقراطي كلاكما عضوان في الأممية الاشتراكية التي استضفتم اجتماعها في إسطنبول. شارك الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني وحزب الشعوب المتساوية والديمقراطية. لكن حزب الاتحاد الديمقراطي لم يتمكن من المشاركة بسبب المشاكل الموجودة. ألم يكن بإمكانكم اتخاذ مبادرة لمشاركتهم؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: الآن أود أن أوضح نقطة واحدة؛ نحن حزب يمارس العمل السياسي في الجمهورية التركية. هنا، نمثل حزب المعارضة الرئيسي في تركيا. وخارج حدود البلاد، نحن حزب تركيا. فيما يتعلق بالموقف العام للجمهورية التركية في علاقاتها الخارجية وفي نقاط التوافق الدولي، إذا كان هناك موقف تركي رسمي يتبناه حزب الشعب الجمهوري ونحن ننتقده بشدة، فإننا نعبر عن هذا النقد داخلياً. لكننا لا ندافع عن أي موقف خارجيًا إذا لم نكن مؤيدين له داخلياً. لذلك، فإن الأسئلة المتعلقة بحزب الاتحاد الديمقراطي تشكل تحديًا بالنسبة لنا، لأنه في إطار الأممية الاشتراكية، إذا قال الحزب الشقيق: دعونا نجلس ونتحدث بصراحة، فإن موقف حزب الشعب الجمهوري واضح في هذا الصدد.
لكن اليوم، إذا دخلت القضية الكوردية في تركيا مسار الحل، وتم إلقاء السلاح، وفي سوريا تم دمج قوات سوريا الديمقراطية وصياغة دستور ديمقراطي، ووصل هذا العمل إلى نتيجة مثمرة، عندها ستُحل العديد من المشاكل بسرعة وسهولة. أما الآن، فلا تتوقعوا خطوات من حزب الشعب الجمهوري تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي.
رووداو: لم يكن قصدي ذلك، الحزبان، الاتحاد الديمقراطي والمساواة وديمقراطية الشعوب، يتشاركان نفس الموقف والأيديولوجية. برنامجهما أيضاً متوجه نحو المعايير الأوروبية والديمقراطية المتقدمة. إذا لم تعد هذه النقاط الخلافية وهذه الجوانب موجودة بينهما، هل سيتعاونان مع بعضهما من أجل تقدم أفضل؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: دعني أقول لك شيئاً. عندما يزول كل ما ولّده الإرهاب، وما ولّده الصراع، وما ولّدته الحرب، عندما تختفي الأسلحة وتنتهي المعارك أخيراً، وعندما لا يعود هناك سبب لقتال الشعوب مع بعضها البعض، فإن كل أنواع التضامن وكل أشكال الوحدة ستعود بالنفع على المجتمع، وعلى جانبي الحدود، وعلى جميع الأحزاب أيضاً. في النهاية، حزب الشعب الجمهوري يمارس السياسة في تركيا، وهو حزب علماني يتمتع بحساسية تجاه العلمانية، ومتمسك بقيم الجمهورية هذه، يدافع عن المواطنة المتساوية، ويدعو إلى مجتمع يستطيع فيه الجميع استخدام حقوقهم المستمدة من الدستور والقوانين بشكل متساو، مجتمع لا يتعرض فيه أحد للتمييز أو الإقصاء. وبين البلدان أيضاً، فإن أهم مقاربة لحزب الشعب الجمهوري هي مقاربة أتاتورك: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للجار، وعدم التعامل مع العناصر غير الحكومية في البلد المجاور، والعيش في علاقات جيدة مع الجار. “السلام في الوطن، والسلام في العالم”. هذا ما يدافع عنه الحزب. عندما تنتهي الحروب، وتنتهي الصراعات، وتنتهي الأسلحة، يُتحدث عن السلام حينئذٍ. لن يتضرر أحد من ذلك.
رووداو: في مجال العلاقات مع العراق، ما الذي تتضمنه سياسة حزب الشعب الجمهوري، وفي هذا الإطار ما الذي يجب أن نتوقعه للعلاقات مع حكومة إقليم كوردستان؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: بالطبع ندافع عن تطوير العلاقات الجارية أكثر فأكثر. كما ندافع أيضاً عن العلاقات الجيدة مع السليمانية – التي يمثلها حزب في الأممية الاشتراكية أصلاً. ندافع عن العلاقات الجيدة معهم أيضاً. نساهم في أن يكون الطرفان في علاقات جيدة مع بعضهما البعض. لم نكن أبداً ولن نكون إلى جانب عداء الأخ لأخيه، أو التوترات الإقليمية. كحزب الشعب الجمهوري، سنكون حاضرين في الأوقات القادمة بوفودنا في السليمانية وأربيل أيضاً. ليس لدينا هدف آخر سوى تطوير العلاقات الجيدة، والحفاظ على العلاقات الموجودة ورعايتها ونقلها إلى الأفضل.
رووداو: هل هناك احتمال لزيارتكم إلى أربيل في الفترة القادمة بصفتكم رئيساً عاماً؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: يمكن أن تكون لنا زيارة إلى السليمانية وإلى أربيل أيضاً. ليس لدينا مطلقاً موقف يقول إننا لا نذهب إلى تلك الأماكن ولا نأتي منها. لا توجد أي مشكلة سوى مسألة الوقت والجدولة. أفكر في الأمر نفسه بالنسبة للجمهوريات التركية أيضاً. أفكر في الأمر نفسه بالنسبة لجغرافية الشرق الأوسط، وأفكر في الأمر نفسه بالنسبة للبلقان. يجب ألا تقتصر العلاقات الخارجية على أوروبا وأميركا فقط. في هذا الصدد أيضاً، ستكون لنا هذا العام زيارات في البلقان والشرق الأوسط وإلى الجمهوريات التركية. إن لم يكن هذا العام فالعام القادم. أي إذا تأجلت الانتخابات إلى وقت لاحق، صدقوني نود جداً القيام بهذا النوع من الزيارات قبل الانتخابات. لأن أعداءنا لا يعيشون هناك، بل يعيش هناك إخوتنا وأصدقاؤنا..
رووداو: أخيراً، لو لم أسألك هذا السؤال لبقي حقان عليّ لشخصين. الأول الحلاق الذي مررت عليه صباحاً، عندما أخبرته أنني سأقابلك سأل هل لديك شيء تريد قوله؟ قال: “من فضلكم قولوا لهم ألا يصرخوا علينا، نحن لا نريد أن يُصرخ علينا”. والثاني عندما تحدثت مع أمي وسألتها نفس الشيء. كانت في مكان مزدحم وكانت النساء جالسات جماعياً. قلن: “من فضلك قل بصوت عالٍ، ليدافعوا عن حقوقنا نحن أيضاً”. ماذا تريد أن تقول لكليهما؟
رئيس حزب الشعب الجمهوري: إذا كان يقصد بالصراخ ليس شخصي بل جميع السياسيين في تركيا، فهو محق. يجب ألا تصرخ السياسة كثيراً. إذا كان يقولها لي فأقول “انظر إلى من يجعل الآخرين يصرخون وليس إلى من يصرخ”. وذلك هو طيب أردوغان بنفسه. وبعدها أقول “قلبي يحترق يا أمي الصغيرة”. أقول لأخي الحلاق: “قلبي يحترق، أخذوا إخوتي، أخذوا أصدقائي، زجوا بهم في السجن ظلماً”. فلينظر إلى من يجعل الآخرين يصرخون وليس إلى من يصرخ. لكن إذا كان أخي يقول هذا من منطلق الهوية الكوردية، فلا أحد له الحق في الصراخ على أي شخص بسبب هويته. بل إن واجبي أن أصرخ وأنادي بمطالبه للآخرين. إذا كانت الأم تقول هذا من منطلق النساء، فطلب الأم فوق رأسي وعيني. هذا هو الأصح. لأنه إذا كان للكورد مشاكل في تركيا، فللنساء الكورديات مشاكل أكثر. وإذا كان للشباب مشاكل، فللشباب الكورد مشاكل أكثر. أي أن هناك مجموعة من المشاكل المتداخلة والمتشابكة التي تتضاعف مع بعضها البعض. لكن في تركيا، أن تكوني امرأة وأن تكوني أماً في تركيا أمر قيّم ولكن له مشاكل جدية جداً. أقبّل أيديهن جميعاً.