ملخص
بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يأمل بإبرام سلام سريع بين أوكرانيا وروسيا، ولكنه لم ينجح بذلك إلى اليوم. ولكنه يتوق إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام
من العسير إنهاء حرب في 24 ساعة، هذا ما يكتشفه الآن دونالد ترمب، الرجل الذي يسمّي نفسه صانع سلام. فأربعة أشهر لا تعدّ فترة طويلة عندما يكون أحد أطراف الصراع الذي عرضت المساعدة في حلّه رجلاً معتوهاً يترأّس دولة مافيا تمتلك سلاحاً نووياً، يعتزم فرض سيطرته على جارته الديمقراطية الشجاعة.
لكن رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفع الراية البيضاء يمثّل عائقاً حقيقياً ليس فقط أمام مخططات السلام التي وضعها ترمب بل الأهم أنه يعرقل آماله بالحصول على جائزة نوبل للسلام، وهي جائزة يستميت النرجسي الجالس في المكتب البيضاوي لوضع يده عليها، وهو لا يساوره شك في أنه يستحقها.
يرى ترمب في هذا التكريم العالمي أسمى درجات التقدير. وفي حال ناله، سوف يصبح خامس رئيس أميركي فحسب يفوز بهذه الجائزة. بعد مرور أقل من ثمانية أشهر على استلامه السلطة، حصل خصمه اللدود باراك أوباما على جائزته في عام 2009، وأدلى بخطاب استلام الجائزة بعد أيام من إرساله 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان وشنّه هجمات بالمسيّرات على باكستان، في إطار توسيعه رقعة الحرب على الإرهاب.
لكن هناك من ينافس ترمب في مساعيه لإحلال السلام بين أوكرانيا وروسيا. وهذا الشخص هو مواطن أميركي عالمي آخر. إنه البابا لاوون الرابع عشر.
ظهرت بالفعل بوادر تدلّ على رغبة لاوون باستغلال نفوذه العالمي الجديد في حلّ النزاعات. وقد أفادت التقارير الصادرة هذا الأسبوع بأنّ البابا عبّر لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن رغبته باستضافة الجولة المقبلة من مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا في الفاتيكان.
وخلال خطابه الأول في قداس تنصيبه، دعا إلى إحلال السلام في ثلاث مناطق ترزح تحت وطأة الحرب هي غزة وميانمار وأوكرانيا، التي “تنتظر مفاوضات لإحلال سلام عادل ودائم”، وليس وقف إطلاق نار هش وقصير الأمد.
يتشارك أول حبر أعظم من شمال أميركا الجنسية مع الرئيس الأميركي في الأقل [بين الأمور الكثيرة التي يتشاركان بها]. لكن السيرة الذاتية للرجلين تكشف تبايناً في خياراتهما الحياتية. فيما عاش لاوون عقوداً من حياته أسقفاً في رهبنة الأغسطينيين، يعمل على مساعدة الناس؛ لم يشقّ ترمب مساراً مشابهاً تماماً.
قبل وفاته الشهر الماضي، رُشّح البابا فرنسيس لجائزة نوبل هذا العام، لكن الجائزة لا تُقلّد أبداً بعد الوفاة. فهل يمكن إقناع لجنة جائزة نوبل بإعطائها لموقع البابا، أو للمؤسسة البابوية ككلّ بدلاً من الرجل نفسه؟
من الممكن أنّ السمعة الحسنة التي بناها سلفه قد تعزّز فرص الفاتيكان في الحصول على تقدير اللجنة. بعد مساعدته في إعادة إحياء العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا، عمل فرنسيس جاهداً من أجل إرساء أسس الحوار بين إيران والغرب وقد أشرف في عام 2015 على توقيع أول اتفاقية شاملة بين الكرسي الرسولي وفلسطين، تضمنت اعترافاً بها كدولة.
أما استعداد لاوون لتسخير نفوذه كأقوى زعيم ديني في العالم من أجل الدفع باتجاه سلام حقيقي في أوكرانيا، فهو يبدو متناقضاً مع تركيز ترمب على مصالحه الخاصة. هذا الأسبوع، لم يعر الرئيس الأميركي اهتماماً للضغط الأوروبي من أجل فرض عقوبات جديدة على موسكو بسبب لهفته لإبرام صفقات تجارية جديدة مع بوتين وإضعاف نفوذ الصين على الكرملين.
ربما يعتقد ترمب أنّ انتخاب بابا يحمل الجنسية الأميركية أمر يصبّ في مصلحته؛ وربما قد ينتقل إليه بعض من هذا السلام البابوي؟ فقد سارع فوراً إلى التباهي باستضافة لويس بريفوست، شقيق لاوون المؤيد لحركة ماغا، في المكتب البيضاوي، بعد يوم فقط من لقاء نائب الرئيس بالبابا الجديد في روما.
لكن اللقاءات المدبّرة في المكتب البيضاوي والتصريحات الغريبة لا تكفي لجسر الهوة بين إدارة ترمب والفاتيكان في عدد من المواضيع، من استرضاء بوتين وعدم الاكتراث بانقضاض إسرائيل على المدنيين في غزة، إلى حقوق المهاجرين. لن تنل هذه التفاصيل الحادة [الناتئة] إعجاب لجنة جائزة نوبل للسلام.
وحتى إن أخذنا في الاعتبار الاحتمال الضعيف بأن ينحصر السباق على الجائزة بين زعيم طائفة سياسية ورئيس حركة دينية، فلا يمكن أن يكون الفائز سوى شخص واحد. وإن حصل لاوون على الجائزة، فلن يستمد الرضا من هذا التكريم بحدّ ذاته، بل من السلام الذي أسهم في إحلاله.