وسط تعثر المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وضمن محاولات تثبيت وقائع جديدة ميدانياً. برزت عملية “شبكة العنكبوت” الأوكرانية كإحدى الاستراتيجيات التي تثير تساؤلات عميقة عن طبيعة الرد الروسي المحتمل عليها. فبينما تهدف هذه العملية التي لم يُكشف عن تفاصيلها الكاملة، إلى تحقيق أهداف استراتيجية لأوكرانيا، يبقى السؤال قائماً بشأن كيفية رد موسكو.
في هذا السياق، تُطرح تساؤلات عما إذا كانت روسيا ستلجأ إلى تصعيد عسكري تقليدي، أم أنها ستتبع سيناريوات أخرى تراوح بين الردع النووي المحدود، وتكثيف الهجمات السيبرانية، أو حتى تبني استراتيجيات غير مباشرة.
فما السيناريوات العسكرية المحتملة لرد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على كييف؟
يؤكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد المتقاعد هشام جابر أن الضربة التي تلقتها روسيا “كانت موجعة وستُسجّل في التاريخ العسكري”، مشيراً إلى أن “عملية شبكة العنكبوت لم تكن لتنجح لولا الدعم العسكري والتقني والاستخباراتي المقدّم من حلف شمال الأطلسي”.
كيف سترد روسيا؟
وعن طبيعة الرد الروسي المحتمل، يوضح جابر في حديثه لـ”النهار” أنه “لا يمكن لأحد التكهن القاطع بالرد الروسي. ومن المؤكد أن موسكو تعمل على التخطيط لخطواتها المقبلة”.
ويذكّر بأن “هذه الضربة وقعت بالتزامن مع استمرار المفاوضات، وهو أمر طبيعي في سياق سعي كل طرف لتحقيق مكاسب ميدانية قبل الجلوس إلى طاولة الحوار”.
ويرجح الخبير الاستراتيجي تأخر الرد الروسي بضعة أيام ريثما يتم تقييم الخسائر وجمع المعلومات اللازمة. متوقعاً أن “يتجسد الرد في تكثيف التوغل في الأراضي الأوكرانية، أكثر من السيناريوات الأخرى المحتملة، وغالباً ما تشهد الأمور تصعيداً واشتعالاً ميدانياً قبل التوصل إلى أي اتفاق”.
وفي ما يتعلق بآفاق التسوية الأوكرانية – الروسية، يقول جابر “إن الوصول إلى اتفاق بين أوكرانيا وروسيا سيكون حتماً بمسعى أميركي، لكن تحديد توقيته الدقيق يتطلب أشهراً عدة، وذلك حتى تتبلور معالمه. ووسط هذه الأجواء، تبرز بعض الإشارات الإيجابية، مثل عملية تبادل الأسرى التي شملت نحو ستة آلاف أسير من الجانبين”.
وفي الوقت نفسه، فإن عملية تبادل الأسرى لا توقف العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، والمطالب الروسية في أوكرانيا باتت واضحة المعالم، وتتضمن خطوطاً حمراء تتعلق بمصير شبه جزيرة القرم، ومستقبل أوكرانيا الشرقية، سواء عبر منحها حكماً ذاتياً أو ضمها إلى روسيا، أو إقامة منطقة عازلة بين روسيا وأوكرانيا.