من حيث المبدأ يبدو واضحاً أن رئيس الجمهورية جوزاف عون بكلامه الديبلوماسي عن طاولة حوار لطرح موضوع سلاح “حزب الله” وحتى اتفاقه السلس مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ما خص سلاح المخيمات، ورئيس الحكومة نواف سلام وخطابه العالي اللهجة في ما يتعلق بالسلاح الخارج عن سلطة الدولة، أن الرئيسين يتكلمان اللغة ذاتها وإن اختلف الأسلوب، إذ يعلم كلاهما جيداً أن لا حل للبنان على كل المستويات وعلى رأسها الإعمار وتحريك العجلة الاقتصادية، إلا عبر حل موضوع السلاح غير الشرعي، ولن يرضى المجتمعان العربي والدولي إلا بهذه المسألة مخرجاً أساسياً لحل كل المعوقات التي تحول دون جعل لبنان بلداً مستقراً مزدهراً وآمناً.
فلنشدد على كلمة “آمناً” لأنه كما بات يحكى في الكواليس، لا مكان للسلاح غير الشرعي بعد اليوم في لبنان، على الرغم من كل ما نسمعه من رفض إن كان من “حزب الله” أو حتى من الأطراف الفلسطينية في لبنان، هذا السلاح الذي شرّعه اتفاق القاهرة عام ١٩٦٩ بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية وألغاه لبنان رسمياً عام ١٩٨٧، ليصبح سلاحاً غير شرعي موزعاً على اثني عشر مخيماً بين عدة محافظات على مساحة لبنان، ودارت حوله الكثير من النقاشات لنزعه لكن كلها باءت بالفشل، الى أن عاد هذا السلاح ليطرح بصورة جدية بعد الحرب الأخيرة على لبنان وقرار الدولة حصر السلاح بيدها. وقد خصص الرئيس الفلسطيني زيارة للبنان، تم خلالها وضع الملف على نارٍ حامية، لكن بالنتيجة لن يكون لا السلاح الفلسطيني ولا سلاح الحزب سهل التسليم اذا صح القول، والأمور متجهة الى مرحلة تصعيد بدايتها بالكلام الرافض من الطرفين ولا أحد يعرف نهايتها، لهذا أشدد على كلمة “آمناً”، اذا تعالت وعلت الأصوات الرافضة للتسليم.
حتى الساعة الكل يرد بعدم القبول. حتى اللحظة لا زالت لغة العناد وعدم الاستعداد للتنازل هي المسيطرة، لسببين أساسيين: الأول أن الفلسطينيين ليسوا طرفاً واحداً، و”حماس” وإن أبدت ليونة لفظية، فأبو مازن لا يمون عليها. والسبب الثاني هو أن “حزب الله” سيستخدم هذا الملف كإحدى أكبر ذرائعه لحماية سلاحه، فهو و”حماس” يرددان الجملة نفسها: لا تسليم للسلاح طالما هناك احتلال، وهذه الجملة ستكون عنوان المرحلة المقبلة في الكثير من المحطات التي وبحسب بعض الأجواء الاستخباراتية لن تكون بالأمر السهل أنهم تمسكوا بها، لذا علينا أن نتوقع سماع تهديد جديد يوازي علو النبرة المقابلة، واحتمال أن يتم تنفيذ هذا التهديد وبقسوة.
لذا لن يكون الرفض أو لاء التسليم أمراً سهلاً ولن يمر، فهم أي “حزب الله” والفلسطينيون يمكن أن يروه نعمة من خلال الاستقواء بالسلاح، أما الدولة بكل أقطابها فتعرف جيداً أنه سيكون نقمة تدخلنا في مرحلة جديدة من العنف نحن بغنىً عنها.