أشخاص يبحثون عن ناجين تحت أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة في 14 ديسمبر 2023 (أ ف ب)

تحدث سكان في غزة  عن التسول للحصول على الخبز ودفع ثمن علبة واحدة من الفاصولياء بزيادة نحو 50 مثلاً عن المعتاد وذبح حمار لإطعام أسرة، فيما لم تتمكن شاحنات المساعدات الغذائية من الوصول إلى معظم أنحاء القطاع الفلسطيني الذي يتعرض للقصف.

وتقصف اسرائيل  قطاع غزة سعياً إلى تحقيق هدفها المتمثل في تدمير حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، مما يجعل من المستحيل تقريباً على قوافل المساعدات التحرك والوصول إلى الأشخاص الذين يعانون الجوع.

وقال مكتب الامم المتحدة  لتنسيق الشؤون الإنسانية الخميس إن عمليات توزيع محدودة للمساعدات تجري في منطقة رفح القريبة من الحدود مع مصر، حيث يعيش الآن ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

وأضاف المكتب “في بقية أنحاء قطاع غزة توقف توزيع المساعدات إلى حد كبير، بسبب شدة الأعمال العدائية والقيود المفروضة على الحركة على طول الطرق الرئيسة”.

وقال عبدالعزيز محمد (55 سنة)، وهو نازح من مدينة غزة يقيم هو وعائلته وثلاث عائلات أخرى بمنزل أصدقاء في الجنوب، إذ يبلغ عددهم الإجمالي نحو 30 شخصاً “مساعدات، أي مساعدات؟ نحن نسمع عنها لكن لا نراها”.

وأضاف عبر الهاتف أنه كان عنده بيت كبير وثلاجتان مليئتان بجميع أنواع الأكل، وكهربا ومياه معدنية، لكن بعد شهرين من الحرب صار يتسول رغيف خبز.

ومضى قائلاً إن هذه “حرب تجويع، إسرائيل طلعتنا من بيوتنا، ودمروا بيوتنا وأعمالنا وجعلونا ننزح على الجنوب، يعني إما نموت تحت قنابلهم أو من الجوع”.

عزل الشمال

وقال المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الخميس إن الجوعى يوقفون شاحنات المساعدات التابعة للأمم المتحدة لأخذ الطعام وتناوله على الفور.

وفي شمال غزة، الذي تحمل وطأة الهجوم العسكري الإسرائيلي خلال المرحلة الأولى من الحرب بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وبدء الهدنة في الـ24 من نوفمبر (تشرين الثاني)، استؤنف القتال العنيف ولم تصل أي مساعدات إلا بالكاد منذ انتهاء الهدنة في أول ديسمبر (كانون الثاني).

وقال يوسف فارس، وهو صحافي من جباليا في الشمال، إن السلع الأساسية مثل الدقيق أصبح من الصعب للغاية العثور عليها الآن، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بمقدار 50 إلى 100 مثل مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب.

 

كتب فارس في تدوينة يوميات على “فيسبوك”، “أنا الآن في جباليا، الناس هنا تموت من الجوع، صباح اليوم قمت بجولة بحثاً عن رغيف خبز واحد فلم أجد، ما هو متبق في الشوارع، هو حلوى الأطفال وقليل من معلبات الفول التي تضاعف سعرها 50 مرة”.

وأضاف “رأيت من ذبح حماراً ليطعم بلحمه المئات من أفراد عائلته الذين نزحوا إليه، سعر كيس الطحين إن وجد ألف شيكل”.

وتدخل جميع شاحنات المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، لكن يتعين أولاً تفتيشها من قبل إسرائيل، ومنذ أن بدأت عمليات توصيل المساعدات في الـ20 من أكتوبر، تجرى عمليات تفتيش عند معبر نيتسانا بين إسرائيل ومصر، مما يجبر الشاحنات على الالتفاف من رفح إلى نيتسانا والعودة، مما يتسبب في اختناقات.

عمليات تفتيش إضافية

ومنذ أمس الأربعاء، بدأت إسرائيل عمليات تفتيش إضافية في موقع آخر، وهو معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وغزة، وهو ما قال مسؤولو الإغاثة إن من شأنه أن يحد من الاختناقات.

وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن 152 شاحنة مساعدات دخلت غزة الأربعاء ارتفاعاً من نحو 100 شاحنة في اليوم السابق، لكن هذا لا يمثل سوى جزء صغير جداً مما هو مطلوب لمعالجة الكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة.

وطالبوا إسرائيل بالسماح للشاحنات بالدخول مباشرة إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم بدلاً من إعادتها إلى رفح.

وقال مسؤول كبير بالأمم المتحدة على دراية تفصيلية بمسألة توصيل المساعدات إن إسرائيل يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً بالسماح للشاحنات بالمرور عبر معبر كرم أبو سالم لكنها اختارت عدم القيام بذلك.

وقال المسؤول “لا يمثل هذا انفراجة بأي شكل من الأشكال لأنهم يعيدونها إلى رفح، إنها خدعة أخرى”.

وبدأت إسرائيل حربها للقضاء على حركة “حماس” التي تسيطر على غزة بعد أن اقتحم مقاتلو الحركة السياج الحدودي إلى جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، بما في ذلك رضع وأطفال، واحتجاز 240 كرهائن من جميع الأعمار.

ومنذ ذلك الحين، أدى القصف والحصار الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 18 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب السلطات الصحية الفلسطينية، كما أدى إلى تدمير جزء كبير من القطاع، وتشريد معظم سكانه.