أعلن فصيل “صقور الشام”، أحد أكبر الفصائل العسكرية المعارضة في الشمال السوري، تحت قيادة أحمد عيسى الشيخ المعروف باسم “أبو عيسى الشيخ”، قبل أيام انفصاله عن “الجبهة الوطنية للتحرير” العاملة تحت مظلة “الجيش الوطني السوري” الحليف لتركيا، بسبب ما اعتبره تهميشاً له داخل مكونات الجبهة.

ويتجه الفصيل، الذي يُعدّ من أول الفصائل العسكرية التي تشكلت لمواجهة النظام السوري، للعمل عسكرياً العاملة في منطقة إدلب، شمال غربي سورية.

ويرى مراقبون أن هذا التطور يمثل نجاحاً لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) بقيادة أبو محمد الجولاني، التي تسعى إلى استقطاب الفصيل أو بعض مكوناته تحت جناحها. وعن الأسباب غير المباشرة لانفكاك الفصيل عن الجبهة، ذكرت قيادة “صقور الشام” في بيانٍ السبت الماضي، أن “كثرة التجاوزات في الجبهة الوطنية للتحرير وتفاقمها، مع الاستبداد بالقرارات واحتكارها وتجاهل المكونات ونبذ الآراء وعدم إجراء المشاورات وقبول النصائح، يجعل ضرر بقائنا أكبر من نفعه، ويضطرنا إلى اعلان انفكاكنا عن الجبهة الوطنية والعمل كفصيل مستقل بعد الآن، مع التزامنا بكامل واجباتنا الثورية والجهادية”.

أسباب انفكاك “صقور الشام” عن “الجبهة الوطنية للتحرير”

وعن الأسباب المباشرة لانفكاك الفصيل عن الجبهة، قال مصدر إعلامي من فصيل “صقور الشام” مُقرّب من القيادة العامة، لـ”العربي الجديد”، إنه “تم اتخاذ قرار قبل فترة قصيرة مع تشكّل لجنة لتنظيم الجبهة الوطنية برمتها عدداً وتأهيلاً عسكرياً، وكان أبو عيسى الشيخ على رأسها، فبدأ بفصيله وفتح عدة معسكرات”.

واستفاض المصدر بالقول إن “بعض الفصائل، التي كانت تعمل تحت مظلة الفصيل، لم تستطع الالتزام بقرارات القيادة العامة لفصيل الصقور. وبعد قرار فصلهم فوجئ باعتمادهم من قيادة الجبهة الوطنية كفصيل آخر في الجبهة الوطنية، الأمر الذي دفع أبو عيسى الشيخ للانفكاك عن الجبهة مع الكتائب والألوية التي كانت منذ بداية تأسيس فصيل الصقور”.

مصدر من “صقور الشام”: بعض الفصائل لم تستطع الالتزام بقراراتنا

وأكد المصدر أن “فصيل صقور الشام قبل الانفكاك كان يضم 3100 مقاتل، وبلغ عدد المقاتلين المُنشقين عنه والذين اختاروا العمل تحت مظلة الجبهة الوطنية نحو 600 مقاتل، بقيادة عبد الجبار المعروف باسم أبو أحمد كفرزبو، فيما لا يزال نحو 2500 مقاتل تحت قيادة أبو عيسى الشيخ”.

وأشار المصدر، إلى أن فصيل “صقور الشام” بقيادة أبو عيسى الشيخ يعمل حالياً كفصيل مستقل، وينضوي عسكرياً تحت مظلة غرفة عمليات “الفتح المبين” المُشكلة من عدة فصائل عاملة في منطقة إدلب، المتمثلة بـ “هيئة تحرير الشام” الجيش.  والعزة و”الجبهة الوطنية للتحرير”، علماً أن فكرة تشكيل غرفة عمليات “الفتح المبين” كانت من قبل “تحرير الشام”، صاحبة النفوذ في منطقة إدلب.

وكانت مجموعات عسكرية تعمل تحت قيادة كفرزبو قد أعلنت في بيانٍ الأحد الماضي، عن “تشكيل صقور الشام ـ الفرقة 40، إيماناً منا بضرورة تحقيق أهداف ثورتنا، وحرصاً على استكمال درب شهدائنا ونهجهم حتى النصر، وذلك ضمن مرتبات الجبهة الوطنية للتحرير”.

تأسيس “صقور الشام”

وتأسس فصيل “صقور الشام” بداية في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 باسم “كتيبة صقور الشام”، ومن ثم توسعت لتصبح “كتائب صقور الشام”، وثم “لواء صقور الشام”.

وخلال تلك الفترة كانت أبرز الأعمال العسكرية للفصيل، السيطرة على منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، والمشاركة في معارك السيطرة على مدينة سراقب، شرقي إدلب، ومعارك معبر باب الهوى، شمالي إدلب، وطريق حلب – دمشق المار من منطقة إدلب المعروف باسم طريق “أم 5″، وتدمير رتل الدبابات في بلدة خان السبل، والسيطرة على سهل الروج، غربي إدلب، وسهل الغاب، شمال غربي حماة، ومعارك جبل الأربعين غربي إدلب، ومعارك معسكري وادي الضيف والحامدية.

“صقور الشام” من أبرز الفصائل التي قاتلت تنظيم “داعش”

ثم شهدت المرحلة التالية توسعاً لأنشطة الفصيل على الرقعة الجغرافية السورية، في أرياف محافظات الرقة وحمص وحماة واللاذقية ودرعا ودمشق، لينضم الفصيل أواخر عام 2013 إلى “الجبهة الإسلامية” التي كانت تضم عدة فصائل عسكرية فاعلة في سورية، أبرزها “حركة أحرار الشام” و “لواء التوحيد”، و”جيش الإسلام”.

وكان فصيل “صقور الشام” من أبرز الفصائل العسكرية التي قاتلت تنظيم “داعش” في ريفي إدلب وحلب، كما شارك في “معركة الأنفال” والسيطرة على مدينة كسب بريف محافظة اللاذقية في عام 2014، والتي كانت من أبرز معارك فصائل المعارضة ضد قوات النظام في تلك الفترة، بالإضافة إلى معارك مدينة خان شيخون وريف حماة.

وبعدها دخل فصيل “صقور الشام” ضمن “جيش الفتح” في إدلب واندمج مع احرار الشام  في الفترة نفسها، وشارك في جميع معارك “جيش الفتح” من السيطرة على مدينة إدلب، ومدينة أريحا، وجبل الأربعين، ومدينة جسر الشغور، وقرى وبلدات سهل الغاب، ومعارك صد الحملة الإيرانية في ريف حلب الجنوبي، ومعارك كسر الحصار عن مدينة حلب، والتصدي للحملة الروسية في جبال اللاذقية. وخسر الفصيل منذ بداية تأسيسه نحو 8600 عنصر.

مطلع عام 2017، شنت “هيئة تحرير الشام” هجوما على فصيل “صقور الشام” في عدة مناطق من أرياف إدلب وحماة وحلب واللاذقية، لينحسر الفصيل في معقله الأساسي: منطقة جبل الزاوية، مما أجبره على الاندماج مع فصيل “حركة أحرار الشام” مجدداً، ومن ثم الانضمام إلى “الجبهة الوطنية للتحرير” أواخر عام 2018.