دورية للجيش الأردني على الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات (أرشيفية – أ ف ب)

عادت حرب تهريب المحدرات  من الحدود السورية باتجاه الأردن إلى وتيرتها بعد هدوء ملحوظ لنحو شهرين، مما يشير إلى أن الواجهة الشرقية الشمالية لا تزال ساخنة بالنسبة إلى الجيش الاردني  الذي يشهد حال استنفار على حدوده مع الأراضي الفلسطينية.

وللمرة الأولى على الإطلاق نشر الجيش الأردني صوراً لمهرب معصوب العينين ألقي القبض عليه إلى جانب مضبوطات من الأسلحة والمخدرات، وذلك إثر اشتباكات أسفرت عن مقتل خمسة مهربين تقول مصادر إنهم ينتمون إلى عشائر بدوية في محافظةالسويداء

من العشوائية إلى الاحتراف

ويقول المتخصص في الشأن السوري صلاح ملكاوي في حديثه إلى “اندبندنت عربية” إن “سلوك مجموعات التهريب من الأراضي السورية ظل يتسم بالعشوائية، لكنه تحول لاحقاً إلى عمل منظم ومسلح ومجهز بأدوات لا تمتلكها إلا الدول”.

وعن سر عودة عمليات التهريب مجدداً بعد أن خفت وتيرتها منذ الحرب على غزة، يرى ملكاوي أن “الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالظروف الجوية، إذ يشكل فصل الشتاء وتشكل الضباب غطاء مناسباً لعمليات التهريب، فضلاً عن تحول مجموعات التهريب إلى العمل الجماعي”، مشيراً إلى وجود غرفة عمليات واحدة تدير كل هذه الأنشطة التدريبية.

وأضاف، “ثمة حرفية اليوم في أداء المهربين مما يدل على أنها من صنع دول وأجهزة استخبارات، إذ تحاول مجموعات مشاغلة الأجهزة الأمنية فيما تتولى أخرى إطلاق النار وتشتيت الانتباه، ومجموعات ثالثة للرصد، إضافة لامتلاكهم معدات حديثة وطائرات مسيرة وأجهزة لاسلكي واتصال عبر الأقمار الاصطناعية”.

 

وأوضح ملكاوي أن المنطقة الجغرافية التي تكثر منها عمليات التهريب وتحديداً منطقة الحرة في مدينة السويداء ينشط فيها “حزب الله” اللبناني وميليشيات إيرانية.

ولا ينكر ملكاوي استغلال مجموعات التهريب للظرف السياسي الحالي المتمثل في الحرب في غزة وتحريك قطاعات عسكرية أردنية إلى الحدود مع الأراضي الفلسطينية، كاشفاً عن تجميع المهربين والمخدرات قبل أيام من عمليات التهريب في منازل قريبة من الحدود الأردنية للانطلاق منها، تضم كل منها في الأقل 50 شخصاً، مشيراً إلى تضاعف أعداد العاملين في شبكات التهريب من المئات إلى نحو 2000 شخص.

لواء فاطميون

وفي شأن متصل قالت مصادر مطلعة في حديثها إلى “اندبندنت عربية إن “لواء فاطميون” المحسوب على إيران هو المتهم الرئيس بحادثة مقتل جندي أردني من حرس الحدود وإصابة آخر الثلاثاء الماضي خلال اشتباك مسلح مع عشرات المهربين لدى محاولتهم إدخال مخدرات من سوريا إلى الأردن.

وتفسر هذه المعلومات تصريحات وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان الأربعاء في جنيف، إذ حذر الصفدي من استمرار محاولات تهريب المخدرات والسلاح من سوريا إلى الأردن، وقال إن عمّان ستتخذ كل الخطوات اللازمة لمنع استمرار هذا التهديد لأمن الأردن الوطني.

وذكرت المصادر أن الصفدي وجه لوماً إلى طهران مطالباً إياها بضبط الميليشيات التابعة لها في سوريا والتي تتحمل بعضها مسؤولية الإشراف على شبكات تهريب المخدرات والسلاح.

تهديد أردني

 إلى ذلك دفعت ضخامة وخطورة عمليات التهريب الأخيرة رئيس الأركان الأردني يوسف الحنيطي إلى زيارة مقر حرس الحدود بالمنطقة الشرقية إثر مقتل ضابط صف بحرس الحدود أثناء تبادل لإطلاق النار مع المهربين.

وأشار قائد الجيش الأردني إلى طبيعة المنطقة الصعبة جغرافياً والظروف الجوية السائدة التي تتيح لشبكات التهريب غطاء لعملها، مؤكداً أن قواته “ستضرب بيد من حديد وستقف بالمرصاد أمام كل من يحاول المساس بأمن الأردن على امتداد الحدود”.

وكان لافتاً، بحسب مراقبين، في حوادث التهريب الأخيرة من الحدود السورية – الأردنية القريبة من محافظة السويداء، محاولة عشرات المهربين إدخال كميات كبيرة من المخدرات في وقت واحد وعبر محاور عدة يزيد طولها على 100 كيلومتر، وهو ما يشير إلى استخدام تكتيكات جديدة.

 وشهد الأردن في يوليو (تموز) الماضي اجتماعاً أمنياً بين مسؤولين أردنيين وآخرين من النظام السوري، لمواجهة التهريب عبر الحدود بين البلدين، لكن عمّان تقول إن دمشق لا تقوم بما هو كاف لوقف عمليات التهريب التي عادت لتنشط أخيراً، إذ وقعت ثلاث عمليات تهريب كبيرة خلال أقل من 72 ساعة.