ملخص
يدعو الكاتب إلى دعم دولي لإسقاط النظام الإيراني القمعي، معتبراً أن تدمير برنامجه النووي فرصة تاريخية لبناء إيران ديمقراطية حرة، تنهي معاناة شعبها وتسهم في استقرار العالم، داعياً حكومة المملكة المتحدة لاغتنام هذه اللحظة التاريخية والمشاركة في الجهود الرائدة.
إن تدمير المواقع النووية الخطرة لآية الله يعد لحظة فارقة بالنسبة إلى ملايين الإيرانيين العاديين الذين تجرأوا على الحلم بسقوط النظام الديني القمعي في البلاد خلال يوم من الأيام. وإنني أشعر في صميم قلبي بالأمل، للمرة الأولى.
قبل 28 عاماً، فررت من إيران للنجاة بجلدي والبحث عن الحرية في المملكة المتحدة. فلقد اعتُقلت مرتين في إيران بسبب معارضتي الصريحة للنظام. وفي أعقاب اعتقالي للمرة الثانية، علمت أن النظام كان يخطط لتصفيتي. ولم يكن أمامي خيار سوى المغادرة.
مع ذلك، لا يمكن الهرب حقاً من نظام له هذه الطبيعة. تهددنا مخالب إيران هنا الآن بترويجها النشط للتطرف، وكشف جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني “أم أي 5” عن إحباطه أكثر من 20 مؤامرة إرهابية دبرها الحرس الثوري الإيراني الوحشي منذ عام 2022. واستثمر هذا النظام بكثافة في الجمعيات الخيرية والمساجد والمجتمعات المحلية البريطانية من أجل تدمير الأسس نفسها لكل ما نمثله، ومن ثم تدميرنا من الداخل.
ونظراً إلى التهديد الناشئ، فقد اتخذت قبل عامين ونصف العام القرار الصعب بالتضحية بالحرية ذاتها التي سعيت يوماً لنيلها. وعشت في الشوارع منذ ذلك الحين، بعيداً من زوجتي، عضو المجلس البلدي عن حزب المحافظين ماتي هيفن، وعن بيتي وعائلتي مُخاطراً بحياتي في كل يوم أقضيه داخل مخيم السلام [الاحتجاجي الذي أقيم] قبالة وزارة الخارجية والكومنولث.
ماذا يعني تفكيك إيران؟
إنني أتعرض مرة تلو مرة لاعتداءات لفظية وجسدية من قبل عملاء الحرس الثوري الإيراني الذين يتصرفون بحرية على الأراضي البريطانية، وأعتبر كل يوم بمثابة آخر يوم لي. لقد هُددت بقطع رأسي وعثرت الشرطة لاحقاً على سكين كبيرة بحوزة أحد المهاجمين. حتى إن هناك فتوى صدرت ضدي.
إن تدمير البرامج النووية الإيرانية يفتح الباب أمام مستقبل أفضل بالنسبة إلى مواطني إيران. لقد عانى هذا الشعب ذو التاريخ المجيد على مدى 47 عاماً. لقد ارتكب جزارو طهران انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، إذ إن عمليات الإعدام العلنية هي بمثابة فصل يومي من الرعب، ويجري ضرب النساء بتهمة عدم ارتداء الحجاب “بصورة صحيحة”. فهل من المستغرب أن 80 في المئة من الشعب الإيراني يعارض النظام الإيراني؟
بعدما اهتزت أركانه، عاد النظام لتصرفاته المعتادة. واعتقل ما يزيد على 700 شخص خلال الأسبوعين الماضيين بتهم زائفة بأنهم قدموا المساعدة لإسرائيل، بمن فيهم حاخامات وقادة كبار من اليهود. كما أن عمليات الإعدام في ارتفاع مستجد.
إن تلك الإجراءات ليست سوى محاولة يائسة تهدف إسكات المنتقدين وإحباط انتفاضة ضد النظام المترنح. لقد قُطع الإنترنت لأيام متتالية. وتدق جماعات حقوق الإنسان ناقوس الخطر في شأن المحاكمات الجائرة والاعترافات التي تُنتزع قسراً. وتعرض صحافيون، بمن فيهم بعض العاملين لدى “هيئة الإذاعة البريطانية” (بي بي سي)، هم وعائلاتهم للتهديد، ولا يزال الوصول إلى الإنترنت مقيداً.
لا يسعنا إلا أن نستعد لانهيار النظام الوشيك. يجب إنجاز العمل الشاق الآن من أجل ضمان ألا يكتب الفصل التالي من تاريخ إيران بالدماء أو الفوضى، بل بالقانون والديمقراطية وإرادة الشعب.
و قوض النظام المجتمع المدني الإيراني العظيم تقويضاً فظيعاً بلا هوادة، وهو في حاجة إلى دعم المجتمع الدولي والشتات الإيراني لينبعث في إيران الجديدة. ولهذا السبب، فإن “الجبهة الإيرانية لإحياء القانون والسيادة الوطنية”، التي قمت بإطلاقها أخيراً في البرلمان الأوروبي بدعم من مختلف الأحزاب، تعمل بكل جد واجتهاد بغية وضع الإطار القانوني اللازم لاستقرار البلاد وحماية المواطنين وتمهيد الطريق أمام تشكيل جمعية تأسيسية منتخبة بحرية. وما يبعث على التفاؤل أن ممثلين عن المجموعات الإثنية والدينية والسياسية المتنوعة في إيران، إلى جانب عدد كبير من المنفيين، يشاركون في هذه المبادرة.
لا مجال للعودة إلى الوضع الذي تعرض فيه الشعب الإيراني للقمع وتسبب في معاناة هائلة في المنطقة، وأوقع ضحايا بمن فيهم جنود بريطانيون ومواطنون بريطانيون قتلوا في سجون إيران المظلمة.
ينبغي على حكومة المملكة المتحدة أن تغتنم هذه اللحظة التاريخية وتشارك في جهودنا الرائدة. ففي نهاية الأمر، تعزيز الديمقراطية والمساواة في عالم مضطرب يصب في مصلحة الشعب البريطاني أيضاً. كما أنه سيقضي على دور إيران المترسخ في عمليات تهريب البشر والاتجار بالمخدرات، اللذين يزعزعان استقرار المجتمع البريطاني.
إن تحديات تغيير النظام جسيمة، بيد أنها لا تقارن بالفرص الهائلة التي سيجلبها تغييره، ليس للشعب الإيراني وحده، بل لأمن العالم أجمع واستقراره وازدهاره. إن إيران حرة وديمقراطية ستكون نقطة تحول في المنطقة، ومنارة أمل للسلام العالمي.
لقد أظهر الشعب الإيراني صموداً لافتاً، ومن واجبنا أن نمهد له الطريق إلى مستقبل أفضل، مستقبل تسوده الديمقراطية والمساواة والحرية.
© The Independent