لوّح حزب العمال الكردستاني بالتوقف عن نزع أسلحته والعودة إلى القتال، ما لم تعتمد تركيا إصلاحات قانونية تؤمّن الحرية لزعيمه السجين عبد الله أوجلان، وتُنهي «التمييز ضد الأكراد».
وفيما بدا أنه محاولة لتشديد الضغط على تركيا لتشكيل لجنة برلمانية للنظر في الأسس القانونية لـ«عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، بعد قيام 30 عنصراً من «العمال الكردستاني» بعملية رمزية لنزع السلاح، قال الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي لـ«اتحاد مجتمعات كردستان»، جميل باييك، إنه «لن يجري تكليف مزيد من مقاتلي الحزب بإلقاء أسلحتهم حتى تُجري تركيا إصلاحات قانونية لمعالجة التمييز ضد سكانها الأكراد».
استئناف العمل المسلّح
وقال باييك إن «أحد مطالب حزب العمال الكردستاني (المحددة) من تركيا هو السماح لأوجلان بالعمل والتواصل بحرية». وحذَّر من أنه «إذا لم تتخذ أنقرة أي إجراء، فستظهر جماعات أخرى وتستأنف القتال».
وقال باييك، خلال مقابلة مع قناة «ستيرك» التلفزيونية القريبة من «العمال الكردستاني»، نقلتها وسائل إعلام تركية، الأحد، إن «الحزب» يطالب الحكومة التركية بوضع قوانين للحرية، وقوانين للاندماج الديمقراطي. وتابع أنه «بمجرد تحقيق ذلك، سيُلقي حزب العمال الكردستاني أسلحته».
وأعلن حزب العمال الكردستاني، في 12 مايو (أيار) الماضي، قرار حلِّ نفسه وإلقاء أسلحته، بموجب نداءٍ أصدره أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي، تحت عنوان «نداء من أجل اللسلام والمجتمع الديمقراطي»، استجابةً لمبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، التي أطلقها رئيس حزب الحركة القومية، الحليف لحزب العدالة والتنمية الحاكم في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024.
واتخذ «العمال الكردستاني» خطوة رمزية، في 11 يوليو (تموز) الحالي، بقيام 30 من مقاتليه بإحراق أسلحتهم في جبل قنديل في السليمانية شمال العراق، بعد رسالة فيديو لأوجلان بُثّت قبل ذلك بيومين، وأعلن فيها انتهاء مرحلة الكفاح المسلَّح ضد الدولة التركية، والتوجه إلى العمل في الإطار السياسي القانوني الديمقراطي.
واستبَقَ باييك التشكيل المرتقب للجنة برلمانية تركية، هذا الأسبوع، بالتعبير عن تحفظات بشأن طريقة تشكيلها وولايتها، مؤكداً أنه «إذا لم تشكل بشكل رسمي وقانوني، عبر إصدار قانون خاص، فيمكنهم حلّها متى أرادوا».
ضمانات العودة
رأى باييك أنه «لا يمكن أن يكون هدف اللجنة الوحيد هو نزع السلاح؛ لأن عملية السلام ليست مجرد إلقاء للسلاح. وإذا كانت الدولة التركية تريد خداعنا وتجريدنا من السلاح وإضعافنا، وتحقيق أهدافها ضد الأكراد، فهذا لن يحدث، ويجب على الجميع أن يفهم ذلك».
ولفت إلى أن الأكراد «تعرّضوا للتمييز في ظل الحكومات التركية المتعاقبة، وفي بعض الأحيان، مُنعت لغتهم وجرى إنكار عرقيتهم. واليوم، يقبع عدد من السياسيين الأكراد في السجون بتُهم غامضة تتعلق بالإرهاب».
وأضاف باييك أنه «إذا عاد مقاتلو حزب العمال الكردستاني إلى تركيا في المرحلة الحالية ودون أي ضمانات قانونية، فإنهم سيُسجنون ويُحاكَمون، بل قد تَصدر بحقهم أحكام قاسية؛ لأنه وفقاً لقوانينهم، فإن مَن حمل السلاح هو عدو، وعقوبة ذلك قاسية جداً».
ووفقاً لإحصائيات وزارة العدل التركية، يوجد حالياً 4600 من عناصر حزب العمال الكردستاني في السجون، بينهم 359 مُحتجَزاً في إطار التحقيقات، و512 موقوفاً في إطار محاكمات، و3811 صدرت ضدهم أحكام بالفعل.
ويضغط حزب العمال الكردستاني، ويؤيده في ذلك حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيِِّد للأكراد بالبرلمان التركي، والذي تولّى الاتصالات في إطار عملية حلّ حزب العمال الكردستاني، وعمل وسيطاً بين الحكومة وأوجلان، من أجل خطوات سريعة عبر اللجنة البرلمانية. وتتعلق الخطوات بوضع أوجلان، والإفراج عن السجناء المرضى من أعضاء الحزب والسياسيين الأكراد، وضمان حق العودة، والانخراط في المجتمع للعناصر التي ستُلقي أسلحتها.
عمل اللجنة البرلمانية
في المقابل، تتبنّى الحكومة نهج التّدرج ومبدأ «خطوة مقابل كل خطوة يتخذها (العمال الكردستاني)»، ولا ترغب في أن يفهم أن الخطوات التي ستُتخذ قد ترقى إلى مستوى «العفو» عن السجناء أو مَن ألقوا أسلحتهم وكانوا متورطين في جرائم.
ويلقي هذا التباين في المواقف ظلالاً من الشك على إمكانية نجاح العملية الجارية، التي يسميها الجانب الكردي «السلام والمجتمع الديمقراطي»، وتُسميها الحكومة التركية «مشروع تركيا خالية من الإرهاب».
ولا يتضمّن قانون العقوبات التركي، أو قانون مكافحة الإرهاب، أي أحكام تتعلق بحلّ أي منظمة، لذلك فإنه سيكون على اللجنة البرلمانية المرتقبة أن تناقش التعديلات التشريعية المحتملة.
وأفادت مصادر برلمانية بأن البرلمان قد يسُنّ، بناءً على عمل اللجنة الذي سيستمر طوال الصيف وحتى موعد الدورة التشريعية الجديدة في أكتوبر المقبل، قانون «العودة إلى الوطن»، الذي سيتعاطى مع أوضاع أعضاء حزب العمال الكردستاني الذين نزعوا سلاحهم، يتضمن تقييم أوضاعهم ضمن 4 فئات منفصلة هي: الأعضاء المتورطون بالجرائم، والأعضاء غير المتورطين، والقيادات، ومصدرو الأوامر بتنفيذ العمليات.
ولفتت المصادر إلى أن اللجنة ستتعامل مع هذه المسألة من خلال دراسة أمثلة لمنظمات جرى حلّها في أنحاء العالم، وستعمل على تحديد آلية للاندماج الاجتماعي لأعضاء حزب العمال الكردستاني الذين سيسلّمون أسلحتهم ويعودون إلى تركيا.