تضافرت مجموعة من العوامل والأحداث التي أثارت تساؤلات حول مسار العلاقة بين سوريا والإمارات وما إذا كانت ما تزال تتمتع بنفس الزخم الذي بدأ منذ عام 2018 أم أن ثمة مطبات تتعرض لها العلاقة بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة.
وقد لفت الانتباه إلى ذلك عدم حصول اتصال هاتفي بين الرئيس السوري والرئيس الإماراتي للتهنئة بمناسبة رأس السنة الميلادية، وفق ما رصدت مواقع سورية معارضة، مشيرةً إلى أن غياب الاتصال لا يعتبر طبيعياً في سياق الزخم الذي قاد جهود إعادة بناء العلاقة بين الدولتين بعد قطيعة استمرت منذ عام 2012.
وتزامن ذلك مع انتهاء عمل السفير السوري في الإمارات غسان عباس منذ حوالي أسبوعين من دون تسمية بديل عنه. وبهذه المناسبة أقامت السفارة السورية في أبوظبي لقاء وداعيًا بحضور أشخاص من الجالية السورية، في 26 من كانون الأول (ديسمبر) 2023، ولم يحضر أي مسؤول رسمي من الجانب الإماراتي حفل التوديع، وهو ما طرح تساؤلات حول العلاقة بين الدولتين بحسب موقع “عنب بلدي” السوري المعارض.
وذكر مصدر سوري لـ “النهار العربي” أن العلاقة بين دمشق وأبوظبي في أحسن أحوالها ولا توجد أي تطورات سلبية منوهاً إلى أن عدم تعيين سفير سوري جديد في أبوظبي يعود إلى حاجة الموضوع لإجراءات إدارية تستغرق بعض الوقت قد يصل إلى اسابيع”.
ومع ذلك، رأى العديد من المراقبين أن عدم تعيين سفير جديد وعدم تبادل التهنئة بمناسبة رأس السنة بالإضافة إلى عدم حضور أي مسؤول إماراتي لحفل توديع السفير السوري قبل اسبوعين، كلها مؤشرات تدل على وجود تغير في السلوك الإماراتي تجاه دمشق، وأنه قد تكون الغاية من ذلك هو ممارسة الضغط على الحكومة السورية من أجل بذل جهود إضافية في ملف مكافحة تهريب الكبتاغون الذي شهد تطورات كبيرة في الشهر المنصرم وصلت إلى درجة اندلاع اشتباكات مسلحة بين حرس الحدود الأردني عصابات التهريب، وتنفيذ الطيران الحربي الأردني أكثر من غارة جوية ضد معاقل التهريب وراء الحدود السورية.
ولكن يرى هؤلاء أن الموقف الإماراتي من التطبيع مع النظام السوري هو موقف استراتيجي باعتبار أن الإمارات هي أول من فتح الباب أمام النظام والتطبيع معه وضمه إلى جامعة الدول العربية، والضغط على الولايات المتحدة الأميركية لتخفيف العقوبات.
واستضافت الإمارات الدورة الـ28 لمؤتمر “القمة العالمية للعمل المناخي”، وسبق انطلاق المؤتمر مطالبات من منظمات وجهات حقوقية بإلغاء دعوة الرئيس السوري، بشار الأسد، للمؤتمر، ومطالبات بتسليم الأسد خلال حضوره قمة المناخ بعد أن أصدر قضاة التحقيق الجنائي الفرنسيون، في 15 من تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، مذكرات توقيف بحق بشار الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيماوية المحظورة دوليًا.
وترأس وفد سوريا المشارك بالمؤتمر رئيس الحكومة السورية، حسين عرنوس، دون تصريح رسمي سوري عن سبب تغيب الأسد عن الحضور رغم تلقيه دعوة إماراتية.
وبرر المصدر السابق الذي تحدث إلى “النهار العربي” عدم مشاركة الأسد شخصياً في أعمال مؤتمر المناخ بأنه بسبب وجود تمثيل إسرائيلي في المؤتمر حيث كانت أبو ظبي قد وجهت دعوة إلى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي للحضور، رافضاً الحديث عن وجود أي سبب قانوني عرقل مشاركة الرئيس السوري.
وبناء على ماسبق، فإن وجود بعض الضغوط من أبو ظبي على دمشق لا يعني توقف مسار التطبيع الاستراتيجي بين الدولتين، بقدر ما يعني وجود رغبة لدى الإمارات في أن تبذل السلطات السورية جهوداً فعّالة من أجل وقف أو التخفيف من عمليات تهريب المخدرات التي تعتبر دول الخليج سوقها الأخيرة في المنطقة، والمتضرر الأول منها بطبيعة الحال.
وكانت الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول الداعية لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وبادرت منذ عام 2018 لاستئناف علاقاتها معها، وافتتحت سفارتها في دمشق، ما تبعه من تنامٍ في الدعم الإماراتي ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية، شمل مشاريع حيوية تتعلق بالمنظومة المائية وإقامة محطة طاقة كهروضوئية.
وبررت أبوظبي إعادة فتح سفارتها من منطلق التأكيد على “حرص الإمارات على إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مسارها الطبيعي، بما يعزز ويفعّل الدور العربي في دعم استقلال وسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها”، بحسب ما ورد في بيان للخارجية الإماراتية حينها.
وسجّلت الإمارات منذ حدوث الزلزال بسوريا في شباط 2023 حضورًا واضحًا في الملف الإغاثي، وتحديدًا في محافظة اللاذقية.
وفي 9 من تشرين الأول 2021، استقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، برفقة وفد رفيع المستوى في العاصمة السورية دمشق، في أول زيارة من نوعها منذ بدء الثورة في سوريا عام 2011.
وبعد وقوع هجمات السابع من تشرين الأول في غلاف غزة واندلاع صراع متواصل بين حركة حماس وإسرائيل، تلقى الرئيس السوري في اليوم التالي اتصالاً هاتفياً من الرئيس الإماراتي بحثا خلاله التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأوضاع في المنطقة، وفق وكالة سانا.