يتنافس ثلاثة مرشحين على الرئاسة في الانتخابات التي تجري في دورة واحدة (أ ف ب)

شارك عشرات آلاف التايوانيين مساء الجمعة بآخر التجمعات عشية الانتخابات  في تايوان مرددين شعار “السلام، وليس الحرب”، في خضم ضغط متزايد من بكين التي تطالب بالسيادة على الجزيرة.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة صباحاً (00:00 بتوقيت غرينتش) السبت.

ويتنافس ثلاثة مرشحين على الرئاسة في الانتخابات التي تجري في دورة واحدة، هم لاي تشينغ-تي الذي يتولى حالياً منصب نائب رئيسة تايوان  تساي إنغ-وين وينتمي مثلها إلى الحزب التقدمي الديمقراطي المؤيد للاستقلال، وهو يو-أي (66 سنة) مرشح حزب كومينتانغ الذي يعتبر أقرب إلى بكين، ورئيس حزب الشعب التايواني الصغير كو ون-جي.

وقال تشن (24 سنة) وهو طالب اكتفى بذكر اسم عائلته، لوكالة الصحافة الفرنسية خلال تجمع للحزب التقدمي الديمقراطي “الصين تقول إن الانتخابات خيار بين الحرب والسلام”. أضاف “لكن هذا الاقتراح خاطئ، لأن مسألة حصول حرب أم لا، لا تعتمد علينا”.

وكتبت عبارة “نريد السلام وليس الحرب” أيضاً على لافتات ملونة رفعها أنصار لحزب الكومينتانغ في تجمع انتخابي لهم، على مسافة غير بعيدة.

وتعتبر تايوان البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة وتقع على بعد 180 كيلومتراً فقط من الساحل الصيني نموذجاً للديمقراطية في آسيا.

وتتمتع تايوان بحكم ذاتي، لكن الصين تعتبرها جزءاً من أراضيها ستستعيده بالقوة إن لزم الأمر.

“الخيار الصحيح”

ودعت الصين  الناخبين في تايوان الخميس إلى اتخاذ “الخيار الصحيح”. وانتقدت بكين لاي تشينغ-تي المرشح الأوفر حظاً بحسب استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات الرئاسية المقررة السبت، واعتبرت أن فوزه يشكل “خطراً جسيماً” على العلاقات بين الصين وتايوان بسبب مواقفه المؤيدة للاستقلال.

وقال المسؤول عن أنشطة الصين في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) مارك جوليين خلال زيارة لتايبيه تزامناً مع عملية الاقتراع إن “هذه الانتخابات تثير اهتماماً متزايداً لأن الوضع الجيوسياسي للمنطقة تصاعد بشكل كبير جداً منذ الانتخابات الأخيرة عام 2020 خصوصاً في ما يتعلق بالمضايقات العسكرية والسياسية والإعلامية الصينية تجاه تايوان”.

وأضاف أن “مثلث الصين والولايات المتحدة وتايوان يزداد توتراً”.

الحفاظ على السلام والاستقرار

ويعد وضع تايوان أحد أكثر الملفات خطورة في إطار التوترات بين الصين والولايات المتحدة. وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائه مسؤولاً صينياً كبيراً الجمعة، أهمية “الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان”.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية في بيان بعد اجتماع في واشنطن بين بلينكن وليو جيان تشاو رئيس الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إن “وزير الخارجية شدد مجدداً على أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي”.

 

وتعد الولايات المتحدة الداعمة الأولى عسكرياً للجزيرة، وقررت إرسال “وفد غير رسمي” إلى تايوان بعد الانتخابات الرئاسية.

وتسعى الولايات المتحدة إلى ثني بكين عن أي إجراء ضد الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتطالب بها الصين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل الخميس إن الولايات المتحدة “تعتبر أنه يعود إلى الناخبين في تايوان تحديد قائدهم المقبل بحرية وبلا تدخل خارجي”.

ضغوط دبلوماسية وعسكرية

وطوال الأسبوع، زادت بكين ضغوطها الدبلوماسية والعسكرية على تايوان. وعبرت الخميس خمسة مناطيد صينية مرة جديدة الخط الذي يفصل الجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي عن الصين، وفقاً لوزارة الدفاع التايوانية التي رصدت أيضاً 10 طائرات وست سفن حربية.

وحذرت الولايات المتحدة الصين من أي رد فعل على نتيجة الانتخابات عبر “مزيد من الضغط العسكري أو الإجراءات القمعية”.

ورداً على ذلك دعت بكين الخميس واشنطن إلى “عدم التدخل في الانتخابات في منطقة تايوان بأي صورة من الصور، لتجنب الإضرار بشكل خطير بالعلاقات الصينية – الأميركية”.

ويرى حزب لاي تشينغ-تي المرشح الأوفر حظاً بحسب استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات الرئاسية أن تايوان دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع، في حين يدعو حزب الكومينتانغ وهو حزب المعارضة الرئيس إلى تقارب مع الصين.

وأكدت مونيكا (48 سنة)، وهي من أنصار لاي تشينغ- تي أن “تايوان دولة ذات سيادة ومستقلة”. وأضافت “لهذا السبب ننتخب رئيسنا المقبل”. وقالت سيلفيا (31 سنة) وهي ناخبة أيضاً إن “تايوان ليست جزءاً من الصين. في الواقع نحن مستقلون بالفعل”.

منذ 2016، قطعت بكين كل الاتصالات الرفيعة المستوى مع تايوان احتجاجاً على انتخاب الرئيسة الحالية تساي إنغ-وين التي تنتمي إلى الحزب التقدمي الديمقراطي المؤيد للاستقلال.

“سلام زائف”

وأكد الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية جيمس كرابتري أن “الصين تخشى أن تؤيد إدارة الحزب التقدمي الديمقراطي في حال إعادة انتخابها بقيادة لاي، الاستقلال الرسمي لتايوان، وهو إجراء تهدد بكين بمنعه من خلال عمل عسكري”.

ورأى أن “التوترات المتزايدة حول تايوان تشكل مشكلة حقيقية لواشنطن التي تسعى إلى تخفيف حدة توتراتها مع الصين”.

والثلاثاء، جدد لاي تشينغ-تي تنديده بمحاولات تدخل بكين “بشتى الوسائل” بينها “الترهيب السياسي والعسكري والوسائل الاقتصادية والحرب الإعلامية والتضليل والتهديدات والحوافز”.

وفي حين أكد أن “باب تايوان سيكون مفتوحاً دائماً” للتواصل والتعاون مع الصين تحت قيادته، قال “لكن لا يمكن أن تكون لدينا أوهام في شأن السلام”، مشدداً على أن “قبول مبدأ الصين الواحدة ليس سلاماً حقيقياً”، في إشارة منه إلى مبدأ بكين بأن تايوان جزء من الصين.

وأكد أن “السلام من دون سيادة يشبه هونغ كونغ تماماً، إنه سلام زائف”.

من جهته، قال المرشح الثالث رئيس حزب الشعب التايواني كو ون-جي الخميس “يجب أن نعرب للصين عن رغبتنا في التواصل”، لكننا “نريد الحفاظ على ديمقراطيتنا وحريتنا وأسلوب حياتنا”.

واعتبر هو يو-أي مرشح حزب كومينتانغ أن “أياً يكن ما تعتقده الصين، فإن ما يريده منا الرأي العام في تايوان هو الحفاظ على الوضع الراهن”.