
ليس من زهر في تلك الحديقة. هكذا نغادر كالسلاحف المُثقَلَة بأعباء خالقها.
لقد عشنا طويلاً كمن يتسلّم رسائل لا يقرأها، لقد عشنا بوصفنا نُسَخاً صغيرة عن شيء آخر،
والآن نعرف أنّ السعادة هي لأناس آخرين، نعيش على نُتَف الحياة ونتلفّت كما لو كنّا فئراناً في مصيدة. وفي النهاية، نُصبح صورتكم عنّا.
(2)
نحن، أكوام القضايا وعدّادات القتلى. نقول إنّنا لم نقتل أحداً، بل أحدٌ قَتلَنا. لكنْ لا بدّ أنّنا فعلنا شيئاً من هذا القبيل.
هكذا أُصبنا بحبّ القتيل الذي نشتهيه قاتلاً، ومضينا نعزّي ونعزّي بحيث لم يعد هناك مَن يعزّي بنا.
(3)
تعالوا نخطف الموجة. تعالوا نقبض على الهواء. تعالوا ننتصر.
ولنجعل حياتنا دليلاً إلى أحلامنا، ولنجعل أحلامنا دليلاً إلى حياتنا، والأمران، في آخر المطاف، سيّان.
(4)
تاريخنا كمثل غرفة الطوارئ في المستشفى حيث يسألونك، أنت الذي نسيتَ اسمك في غمرة سنواتك السبعين: ما اسم أبيك؟
(5)
نعيش في حفرة من الجحيم على شكل تلّة مُتباهية، ونقرّر أن نقفز منها إلى تلّة أخرى. وفيما نحن في الفراغ نقرّر ثانيةً أن نعود إلى التلّة التي انطلقنا منها. بلى، نقرّر ذلك ونحن أحرار في أن نقرّر، لكنّنا حتماً نسقط في الوادي الفاصل بين التلّتين.
(6)
كلامنا مثل موسيقى سهلة، أو مثل شعر مقفّى أقامت إيقاعاته طويلاً في ذاكراتنا، أو مثل طعام تعفّنَ في بطون أجدادنا ولا زلنا نَستطِيبه. وإذا اضطُررنا إلى الاختباء من هذا الإرث اختبأنا في أعلى السلالم لا في أدناها.
(7)
تعالوا نعبث بمسرح لطيف. تعالوا نُزِل عنه آثار لطفه، ونسمّي أنفسنا ضباباً ينتشر على طريق جبليّ. تعالوا ننظّم جنازتنا قبل رحيلنا، خائفين فقط من أن يغلقوا علينا النعش قبل أن نموت. تعالوا نفتح ذراعينا لتلك البقعة الزرقاء الصغيرة في الأعلى والتي يسمّيها السجناء سماء.