لم يمضِ سوى عشرة أيام على آخر استهداف إسرائيلي مطار دمشق وحلب في سورية، حتى جددت إسرائيل قصف المطارين، وإخراجهما من الخدمة، في هجوم متزامن، يبدو أنه يستهدف تعطيل وصول الإمدادات العسكرية من طهران للمليشيات التابعة لها في سورية، التي يشهد جنوبها توترا مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

استهداف مطاري حلب ودمشق

ونقلت وكالة “سانا” الرسمية التابعة للنظام السوري عن مصدر عسكري قوله إنه “حوالي الساعة 5.25 صباح اليوم (أمس الأحد) نفذ العدو الإسرائيلي بالتزامن عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه البحر المتوسط، غربي اللاذقية، ومن اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفاً مطاري دمشق وحلب الدوليين”.

وأشار المصدر إلى أن الضربة الإسرائيلية أدت إلى مقتل مدني في مطار دمشق وإصابة عامل آخر بجروح وإلحاق أضرار مادية في مدارج المطارين، أدت إلى خروجهما من الخدمة.

وأعلنت وزارة النقل في حكومة النظام تحويل الرحلات الجوية المبرمجة عبر مطاري دمشق وحلب إلى مطار اللاذقية، وألغت رحلتين كان من المقرر إجراؤهما عقب ساعات القصف بين دمشق وموسكو وأخرى بين دمشق والشارقة.

استُهدف المطاران في ظلّ أنباء عن وصول قاآني إلى سورية

وكانت إسرائيل قد أخرجت مطاري حلب ودمشق عن الخدمة في 12 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وذلك رداً على إطلاق قذيفتين باتجاه الجولان المحتل، من جنوب سورية سقطتا في مناطق مفتوحة. وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية بعد يوم من قصف المطارين حينها إن الضربة “رسالة تحذير لإيران ولكل المنظمات الإرهابية بأن عليهم ألا يتدخلوا في الحرب”.

وكان الطيران الإسرائيلي قصف مطار حلب، في 14 أكتوبر الحالي، في هجوم أخرجه مجدداً عن الخدمة بعد أن عاد للعمل في اليوم الذي سبقه.

وجاء استهداف الجانب الإسرائيلي لمطاري حلب ودمشق فجر أمس الأحد في ظل أنباء غير رسمية عن وصول قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى سورية، مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسبوعه الثالث.

إلى ذلك، أفاد موقع “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي، أمس، بأنّ كمية المتفجرات الإسرائيلية التي استهدفت المطارين “أكبر مما استُخدم ضد 100 هدف لحركة حماس في غزة ليل السبت ـ الأحد”.

وقال الموقع إن الطيران الإسرائيلي استهدف المطارين للمرة الثانية منذ بدء الحرب في غزة في 7 أكتوبر الحالي، مدعياً أن الاستهداف جاء تحسباً لوصول قوات وأسلحة متطورة من إيران والعراق إلى سورية ولبنان.

ويبدو أن تل ابيب تخشى من اشتعال جبهة الجنوب السوري الذي ينشر فيه الحرس الثوري الإيراني العديد من المليشيات، التي عززت قواتها خلال الأيام القليلة الماضية بجلب المئات من العناصر من أماكن تتمركز بها في دير الزور، شرقي سورية، وفي البادية السورية في ريف حمص الشرقي.

ولطالما كان مطارا دمشق وحلب هدفاً للطيران الإسرائيلي، ويُعتقد أن الحرس الثوري الإيراني يستخدمهما لإيصال أسلحة وذخائر إلى مليشياته في سورية وإلى “حزب الله” اللبناني. كما استهدفت إسرائيل خلال السنوات الماضية عشرات المواقع العسكرية التي يُعتقد أن الحرس الثوري يستخدمها لتطوير أسلحة أو لتخزين ذخائر، خصوصاً في ريف دمشق وريف حماة الغربي.

من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، بأنه أحصى منذ مطلع العام الحالي، استهداف إسرائيل 39 مرة الأراضي السورية، 29 منها جواً و10 براً، مشيراً إلى أن الضربات أسفرت عن إصابة وتدمير نحو 84 هدفاً ما بين مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات.

وأشار الباحث في مركز “جسور” للدراسات وائل علوان، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنه “كان متوقعاً استمرار القصف الإسرائيلي على مطاري حلب ودمشق”، مضيفاً: “سيطرة ايران عل. المطارين  وتستخدمهما كخطوط إمداد عسكرية إلى جانب خطوط إمداد برية وبحرية”.

وتابع: “إسرائيل تدرك أن إيران تسيطر على القرارين السياسي والعسكري في سورية وتعلم أنها تستخدم المطارين لنقل الأسلحة والذخيرة إلى مليشياتها في جنوب سورية وإلى حزب الله اللبناني في جنوب لبنان”. وأشار علوان إلى أن تل أبيب وعلى الرغم من أنها تضع ثقلها العسكري على جبهة غزة، إلا أنها تناور على الجبهتين السورية واللبنانية، مضيفاً: “من أساسيات الحرب قطع خطوط الإمداد لذا تلجأ إلى ضرب مطاري حلب ودمشق”.

وائل علوان: تسيطر إيران على المطارين وتستخدمهما كخطوط إمداد عسكرية إلى جانب خطوط إمداد برية وبحرية

وبرأيه فإن قصف المطارين “يأتي عقاباً للنظام السوري”، مضيفاً: “أتوقع استمرار هذه الهجمات سواء من الجو أو عبر صواريخ بعيدة المدى”.

في السياق، أبدى الباحث في مركز “أبعاد” للدراسات، محمد سالم، اعتقاده في حديث لـ”العربي الجديد”، أن استهداف مطاري حلب ودمشق “رسالة للنظام لوقف نقل أي أسلحة عبر الجو لدعم المليشيات الإيرانية”.

عجز النظام السوري عن الردّ

ويبدو النظام عاجزاً من الناحية العسكرية عن الرد على الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمطارين في دمشق وحلب على الرغم من أهميتهما الاقتصادية وكونهما من علامات السيادة لدى الدول.

ولم يسبق للنظام السوري أو حتى الإيرانيين المساندين له الرد على أي استهداف أو قصف لمواقع أو مطارات أو مركز البحوث ، لطالما كانت هدفاً للطيران الإسرائيلي، خلال السنوات الماضية. ويكتفي النظام عادة بالشكوى لدى الأمم المتحدة، وتوعد تل أبيب بالرد، إلا أنه لم يقم بأي خطوة عسكرية تفسّر على أنها بمثابة رد على إسرائيل.

وشن النظام حملة قصف عشوائية على مدن وبلدات إدلب، بعد الهجوم بطيران مسيّر استهدف الكلية الحربية في حمص مطلع الشهر الحالي “ثأراً” لمقتل عدد من مواليه، بهذا الهجوم الذي أشارت كل المعطيات في حينه إلى أن الفصائل التي تسيطر على إدلب لا قدرة لها على شنه.

وبرأي المحلل العسكري العميد مصطفى فرحات، فإن النظام “ليس بوارد التصعيد مع الجانب الإسرائيلي”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد”: “يحاول إقناع تل أبيب بأنه ليس خلف التصعيد معها، وأن إيران هي من تقف وراء ذلك، على الرغم من أن نظامه مرتبط ارتباطاً كاملاً معها، وأداة تنفيذ بيد الإيرانيين”.

وذكر فرحات أن “لدى النظام القدرة على ضرب مطارات في إسرائيل من خلال صواريخ أرض – أرض التي يملكها”، مضيفاً أنه “لديه طيران يمكنه الوصول إلى إسرائيل خصوصاً طائرات ميغ 25، التي يمكنها ضرب أهداف داخل الكيان الصهيوني، ولكن بشار الأسد يخشى العواقب”.