غرفة الأخبار – نورث برس

انتهت، اليوم الخميس، الجولة الـ 21 من اجتماع أستانا في العاصمة الكازاخستانية، دون أي جديد يختلف عن الاجتماعات السابقة، فجاء في البيان الختامي مؤكداً كالعادة على استقلال سوريا ووحدة وسلامة أراضيها، والتقارب بين أنقرة ودمشق، كما وتطرق البيان إلى الوجود الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية.

وتتكرر اجتماعات أستانا من كل عام، ويراقبها السوريون عن كثب لعلها تريهم بادرة أمل لغدٍ مشرقٍ وحلٍّ لأزمتها المعقدة التي طالت لأكثر من 14 عاماً، ولكنها دائماً ما تخيّب آمالهم بسبب نتائجها الخجولة.

وانطلقت أول جولة من مسار أستانا في يومي 23 و24 كانون الثاني/ يناير 2017، عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة دمشق والمعارضة، بالعاصمة التركية أنقرة في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2016.

لتتلوها جولة أخرى بنحو شهر في شباط/ فبراير، وانتهت دون بيان ختامي، وأُقيمت بعدها في آذار/ مارس من العام نفسه جولة أستانا الثالثة بغياب المعارضة موضحةً أن السبب هو استمرار خروقات حكومة دمشق، لتنتهي المحادثات بتشكيل لجنة ثلاثية، تضم تركيا وروسيا وإيران، لمراقبة الهدنة.

عادت المعارضة للمشاركة في أيار/ مايو بجولة “أستانا” الرابعة لكن دون أية نتائج تُذكر، وفي أستانا (5)، جرى الحديث عن آليات لمراقبة مناطق خفض التوتر، ونشر قوات فيها، لكن الاجتماع فشل في التوصل إلى توافقات بشأن القوات التي ستنتشر في هذه المناطق، وجرى الاتفاق على تشكيل لجان فنية تجتمع لاحقاً لمناقشة ما لم يتم التوافق عليه.

وشكلت جولة أستانا السادسة منعطفاً ذو أهمية نسبية، حيث أعلنت الدول الضامنة توصلها إلى اتفاق لإنشاء منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكن قابله تعثر ملف المعتقلين، إذ لم تتوصل الأطراف الضامنة إلى اتفاق بشأنه، ما شكل خيبة أمل كبيرة، خاصة لدى المعارضة وتركيا.

لتفشل بعدها اجتماعات أستانا (7) نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2017، في التوافق بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون انقطاع إلى المناطق المحاصرة.

وأكدت الدول الضامنة آنذاك أنه “لا حل عسكري للنزاع في سوريا”، وأن تسويته لن تكون إلا وفق عملية سياسية، على أساس تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم “2254” (الصادر في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015).
ووافقت الدول الضامنة، بحسب البيان الختامي، على مناقشة مقترح روسيا حول عقد مؤتمر حوار سوري في إطار مسار جنيف.

واتفقت الدول الضامنة في اجتماع أستانا (8) في كانون الأول/ ديسمبر 2017، على تشكيل مجموعتي عمل من أجل المعتقلين والمفقودين، وتبادل الأسرى والجثث، وإزالة الألغام، حيث أفاد البيان الختامي بأن الدول الضامنة تعتزم عقد مؤتمر حول سوريا في سوتشي يوم 30 كانون الثاني/ يناير 2018 بمشاركة كافة المكونات في سوريا.

وأكدت الدول الضامنة في اجتماع الجولة التاسعة من مسار أستانا والتي جرت في أيار/ مايو 2018، استمرار العمل باتفاقية “مناطق خفض التصعيد”، وحماية وقف إطلاق النار، ومواصلة العمل على ملفي المعتقلين والحل السياسي.

وعقدت الجولة العاشرة بمدينة سوتشي في تموز/ يوليو 2018، وفي نفس العام عقدت الجولة الحادية عشرة في تشرين الثاني/ نوفمبر، لتعقد لاحقا الجولة 12 في نيسان/ أبريل، والجولة 13 في آب/ أغسطس، والجولة 14 في كانون الأول/ ديسمبر عام 2019، قبل أن تتوقف الاجتماعات لأكثر من عام بسبب جائحة كورونا.

وعادت العجلة إلى الدوران مجدداً، بعد توقف في اجتماع استضافته مدينة سوتشي الروسية في شباط/ فبراير 2018، ضمن اجتماع أستانا (15)، لتكون الجولة (16) مكملة لاجتماعات المسار، وقد بحثت الشؤون الميدانية والإنسانية في سوريا.

وفي نهاية 2021، انعقدت الجولة الـ17 من مبحاثات أستانا حول سوريا برعاية الدول الضامنة والتي اتفقت على “تسوية النزاع في سوريا، وعلى مواصلة العمل المشترك لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومسمياته، ورفض الأجندات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة وسلامة سوريا وتهدد الأمن القومي لدول الجوار”.

وفي العام 2022، عُقدت جولتان من مسار أستانا الـ(18 – 19) والتي انتهت بذات المخرجات التي أخرجتها الدول الضامنة في الجولة السابقة أي لا جديد يُذكر.

وفي حزيران يونيو الماضي، عُقد أستانا بنسخته العشرين، وكان أبرز م جاء فيه هو التشديد على ضرورة دعم العودة للاجئين إلى سوريا، ومحاولة تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة بالإضافة إلى بنود مكررة جاءت بجميع الجولات السابقة.

ومن خلال الجولات التي خاضها مسار “أستانا”، لوحظ أنه يتم التكرار على جميع البنود التي تُتلى في كل بيان ختامي لأي جولة منها، وهذا ما حدث في النسخة الأخيرة من المسار ذاته.

وبدت سمة تلك الجولات في جميعها عدم الالتزام بالبنود والمستخرجات التي خلُصت بها ومثال ذلك استمرار الخروقات في مناطق خفض التصعيد، عدم المحافظة على سيادة سوريا وسلامة أراضيها من خلال انتهاكها من قبل الدول الضامنة وخاصةً تركيا، وعدم إشراك جميع المكونات من السوريين للمشاركة بتقرير مستقبل سوريا القادم في جميع هذه الجولات.

إعداد وتحرير: سعد اليازجي